تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دوار السودان

على الملأ
الثلاثاء 24-7-2018
معد عيسى

اثارت جولة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك الى الاسواق جدلا بين التجار وهناك قناعة لدى كل تاجر ان اي دورية تدخل الى أي محل سيكون عندها مبرر لمخالفة صاحب المحل إما بالتسعيرة لأنها إما غير موجودة او غير ظاهرة , او لعدم وجود شهادة منشأ,

او للحفظ بشروط سيئة , وليس اخراً لعدم وجود تاريخ انتهاء الصلاحية ، وهذه الحالة موجودة عند كل سائق فأي شرطي يوقف سيارة قادر على مخالفة السائق ، والحال ينطبق على مراقب البلدية ومأمور الحراج وعنصر الضابطة الجمركية ... وهنا نسأل هل هناك فوضى في مجتمعنا لهذا الحد ؟ وهل المواطن غير مؤهل في كافة المناحي!! ام ان المشكلة في القوانين ومن يقوم على تطبيقها وتنفيذها ؟ ام ان الامر يتعلق برواتب وتعويضات القائمين على تنفيذ القوانين ومشرعيها؟‏

البعض يعيد المشكلة برمتها الى الدخل حسب وجهة نظر البعض ويبررون ذلك بأن السلعة المطابقة لكل المواصفات يجب تسعيرها بكلفتها وليس بقرار وهذا الامر تم اثارته من قبل اصحاب معامل صناعة الادوية حين مناقشة اسعار الدواء وتم الاشارة من قبل اصحاب معامل الادوية الى ان المواطن يقوم بشراء الدواء الأجنبي رغم ارتفاع سعره مقارنة بالدواء المحلي وان الامر ليس له علاقة بالدخل وهذا يمكن تعميمه على كثير من السلع والمنتجات وهو يتوافق مع المثل الانكليزي الذي يقول ان المواطن الفقير يشتري السلعة الأغلى لأنه يشتريها لتكفيه لأطول فترة فيما المواطن الغني فكل فترة يبدل سلعته من باب اللحاق بالموضة واخر المزايا والخدمات التي يطرحها المنتجون في الاسواق .‏

بالمجمل كل ما يُساق من اسباب وحجج يُمكن تبريره بالقانون ولكن الأمر أبعد من المخالفة والعقوبة ويمتد الى الحالة الاخلاقية والاجتماعية والتي لا يمكن الوصول اليها الا بتطبيق القانون بقسوة من قبل كوادر مؤهلة ونزيه وعاقلة ، وليس هناك مواطن ينزعج لإغلاق نصف السوق اذا كان يجد سلعته بكامل المواصفات والسعر الحقيقي في النصف الاخر ، وعندما تستمر الجهات الرقابية بتطبيق القانون بقسوة تسود حالة الالتزام وتتكرس كحالة اجتماعية يتم تعميمها على كل التفاصيل في البلد ، وتتعمم ايضا خلال حالة تطبيق القوانين بقسوة سلوكية الاعتراض على المخالفة بشكل سليم وهذا بمجمله يطور العلاقة بين كل الاطراف ويعززها ويجعلها قائمة على الثقة والاحترام والحرص على مصلحة كل الاطراف .‏

على أحد الدوارات المرورية في مدينة الخرطوم في السودان والمسمى بدوار السودان يقف شرطي يعرفه جميع سائقي المدينة ويحترمونه بعمق ,وقد حافظت عليه وزارته بعد أن تجاوزت سنوات خدمته الأربعين وذلك لسبب يعرفه الجميع وهو أنه لم يقم بتسجيل مخالفةٍ واحدةٍ على أي سائقٍ طوال حياته المهنية وكان يكتفي بإيقافه واحتجاز حريته لمدةٍ قد تطول حسب المخالفة ثم يطلقه بعدها ليصبح الخجل منه ومن أخلاقه والاحترام هو الرادع الذي يمنع المخالفات لاحقاً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية