فازت بالمرتبة الأولى رواية عربية تختار التاريخ موضوعا لها, وهي رواية المصري بهاء طاهر» واحة الغروب» في الدورة الأولى, فازت رواية المصري يوسف زيدان «عزازيل» في الدورة الثانية التي أعلنت منذ أيام.
في البداية نقول إن من الإجحاف أن نستخلص أحكاما قاطعة من نتائج دورتين فقط. ولكن مؤشر المزاج لدى اللجنة بدأ يتحرك باتجاهٍ ما نخشى في الحقيقة أن يكون, أو يصبح, معيارا تزان به الأعمال الروائية التي ستشارك في المسابقة في السنوات المقبلة.
لست من هواة نظرية المؤامرة, ولا أميل إلى المجازفة بالقول أن اللجنة تعمل تحت إمرة مجموعة من الشروط غير المعلنة, ولكن الوقائع المتكررة حتى الآن تثبت أن الأمور ليست على ما يرام, وأعترف أنني فكرت أن ما ينطمر تحت مستوى سطح التقرير الرسمي الذي تعلنه اللجنة لحظة إعلان اسم الفائز بالجائزة, يزيد كثيرا عن حجم المعلن والمذكور, وأخطر ما في هذا المطمور, أو المخفي هو ميل لجان التحكيم , أو الغالبية في هذه اللجان إلى استبعاد الروايات التي تقارب الحاضر العربي, فتذهب الجائزة إلى النص الذي قارب التاريخ البعيد, أو القريب المحايد, أو إلى تاريخ لا يستفز الحكومات العربية, وإن كان من المحتمل أن يثير أو يستفز إحدى الهيئات غير الحاكمة, كما يحدث مع رواية عزازيل ليوسف زيدان اليوم في مصر مع الكنيسة , وهذا قد يعني, إذا ما كنت اقترب قليلا من الحقيقة, أو حتى إذا ما كنت أعلن الخشية وحدها دون أي سند من الأدلة, أن تكون تلك الشروط غير المعلنة, وربما غير المقررة, وهذا من أجل الإنصاف, معيارا, أو إشارة ما لمطالب بوكرية شبه ملزمة في المستقبل, خاصة أن العارفين بتاريخ جائزة البوكر في بلادها, أي في المملكة المتحدة, يعلمون أن الجائزة لا تمنح للروايات الأكثر جمالا من الناحية الفنية, وأن لجان التحكيم تعمل وفق دفتر شروط, يراعي أولا الموضوع والحكاية, ويبدو أن بضعة شروط قد أضيفت إلى الدفتر العربي المترجم, ومنها الاقتراح, أو الإيحاء بعدم الرغبة في مناوشة الحاضر العربي الحافل بالأسباب التي قد تعطل المسيرة الظافرة للجائزة, والحقيقة أنني لم أجد ما يرشح رواية واحة الغروب للفوز جماليا على زميلاتها من الروايات في الدورة الأولى,ولدي انطباع, بعد القراءة الثانية للرواية, بأنها عمل مفبرك,أو مفتعل, أو مسبق الصنع, عملت يد الروائي الجميل بهاء طاهر, على إخراجه بمهارة الحرفي الصانع القادر على إخفاء الفبركة,والمهم في الأمر أن الرواية لا تقارب الحاضر, بعكس زميلاتها, وزميلات شقيقتها الفائزة هذا العام بالجائزة, المشغولة بالكتابة عن الراهن العربي ( الراهن هنا يمكن أن يمتد إلى أكثر من ثلاثين سنة),دون أن تفرط بفن الرواية بالطبع.
أكتب هذه الكلمات و أنا راغب في أن لا تتحول هذه الجائزة, إلى غاية, ومعلم يهتدي به الروائيون, وألا يتحول الروائي العربي إلى الاعتقاد بأنه لن يحضر عالميا, أو عربيا, إلا إذا اعترف به سدنة البوكر, فلجنة التحكيم هي في غالبيتها من العرب, علما أنها فرصة حقيقية لترجمة الرواية العربية إلى اللغات الأجنبية, ولكن ألا يحتاج الروائي العربي لأن يعترف به القارئ العربي أولا قبل القارئ الأجنبي؟ وفي كل الأحوال فإن هذا لا يعني أبدا أن رواية عن الحاضر أفضل من رواية عن التاريخ, فالرواية الأفضل هي الرواية التي تنظر إلى نفسها أولا كي تحقق شروط الكتابة الروائية قبل أي شروط أخرى, وأتمنى ألا يحدث هنا ما حدث في عدد من الجوائز العربية, أي ألا نكتب الرواية من أجل الفوز بالجائزة, سواء كانت لديها شروط مسبقة, أم لم تكن لديها أي شروط , عدا أمر واحد لا أستطيع أن أقدم نصائح بشأنه لأي روائي, وهو الجانب المتعلق بقيمة الجائزة المالية, وهي قيمة محترمة ولذيذة جدا.ومبروك للفائز.