وعلى الرغم من أهمية هاتين القضيتين الإصلاحيتين فثمة قضايا أخرى استجدت خلال الفترة الماضية تفرض نوعا من التحرك السريع واتخاذ القرارات الحاسمة بشأنها، ما يجعلها من أبرز التحديات التي تعطي للقمة صفة الاستثنائية.
فالمفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني التي بدأت الشهر الماضي بضغط وتواطؤ أميركي باتت بازاراً معلناً لتصفية القضية الفلسطينية واغتيال حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، حيث بات اللعب على وتر تجميد أو استئناف الاستيطان - على خطورة هذا الموضوع - يأخذ الحيز الأكبر من الجدل الدائر حول المفاوضات نفسها، في حين يتم تجاهل كل المسائل الأخرى كعودة اللاجئين وتحرير الأسرى والحدود والمياه وتهويد القدس والحصار المفروض على قطاع غزة.
كذلك فإن الاستفتاء على مصير الجنوب السوداني الذي بات يشغل بال (المجتمع الدولي) فقط من باب تقسيم السودان وضرب وحدته وتفتيته، هو قضية بغاية الأهمية، فالجميع يدرك أن السودان تم وضعه على خارطة التقسيم عبر افتعال المزيد من الأزمات على أرضه، لما يمثله هذا البلد من عمق استراتيجي لبقية الدول العربية في العديد من النواحي، فعدا عن كونه مشروعاً لسلة الغذاء العربي فهو يؤمن عبر نهر النيل الذي يخترقه من الجنوب إلى الشمال المياه اللازمة لأغراض الشرب والزراعة والتنمية لأكثر من مئة مليون عربي، وليس خافيا على قادة الدول العربية التحركات الإسرائيلية المريبة لدى دول حوض النيل لعقد صفقات مشبوهة تنعكس سلباً على مصير دولتين كبيرتين بحجم مصر والسودان.
لذلك فإن القادة العرب مدعوون أكثر من أي وقت مضى وعلى وجه السرعة لاتخاذ قرارات حاسمة تنهي مهزلة المفاوضات المباشرة مع الطرف الإسرائيلي وتعيد النظر بمبادرة السلام العربية التي مرغتها إسرائيل بالوحل، والتمسك بالخيارات الأخرى التي تحافظ على حقوق الفلسطينيين وتخرجها من بازار التنازلات والمفاوضات العبثية وفي مقدمتها المقاومة ومقاطعة اسرائيل، وهم مدعوون في الوقت ذاته لاستباق قرار الاستفتاء - الفتنة في جنوب السودان - والتدخل المباشر بغية جعل خيار الوحدة خياراً جذاباً لأهل هذا الإقليم والتحذير من مخاطر الانفصال، لأن انفصال هذا الجزء المهم من السودان سيضعه في الموقع المعادي للسودان والقضايا العربية، وسينعكس وبالاً على وحدة هذا البلد العربي، وقد لا يستبعد تطبيق مثاله في العديد من الدول العربية الأخرى.