تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الفيـل الأمـــيركي في خـــزف الشــــرق الأوســـط.. ومقـاومة الفـــولاذ

موندياليزاسيون
دراسات
الأربعاء 4-12-2019
بقلم: إيليا جيه -ترجمة: سراب الأسمر

أثارت شهادة جيفري فيلتمان السفير الأميركي في لبنان ضجة كبيرة وإن لم يعد يشغل أي منصب رسمي في الإدارة الأميركية،

وذلك بعد أن قدم معلومات مفصلة عن الأحداث في لبنان مبنية على ملاحظاته وبشكل خاص حول المظاهرات الجارية في البلد، مع ذلك فهو لا يدرك حقائق الأمور بشكل فعلي.‏

أظهر فيلتمان مدى تعقيد الوضع في البلد ناصحاً الكونغرس الطريقة التي ينبغي أن يتبعها لمواجهة المقاومة اللبنانية والدول الداعمة لها، لكن تأويله السيئ للديناميكية المحلية ولقدرة حزب الله خدمت لبنان بشكل إيجابي وهذا بحال أخذ الكونغرس بكلامه.‏

ليس من النادر أن يتيح «محور المقاومة» -ايران، سورية، العراق، فلسطين، حزب الله واليمن- لانتشار سوء الفهم والتقليل من قدرته دون أن يبدي ردة فعل أو تصحيح للمعلومة.‏

على سبيل المثال لقد توقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب سقوط الحكومة الإيرانية خلال أشهر من العقوبات التي فرضها، مع ذلك لم تُخف الحكومة الإيرانية آثار العقوبات على اقتصادها وبنفس الوقت أظهرت أنها بعيدة عن الهزيمة بوضعها للموازنة السنوية دون إدراج البترول وكيف تأقلمت مع العقوبات الاقتصادية الأميركية.‏

هذا النهج -وفق محور المقاومة- يقنع فارضي العقوبات بتفادي تطبيق إجراءات أكثر صرامة إضافية.‏

فيما رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو تباهى بالادعاء بقصف البضائع المشحونة من سورية إلى لبنان لإمداد حزب الله، ومع ذلك اعترف أنه تلقى ضربات صاروخية قاتلة من حزب الله أصابت ترسانته.‏

ينحصر تفكير فيلتمان بشكل مختلف عن الإدارة الأميركية وذلك بفرض عقوبات جديدة على لبنان، الإدارة الأميركية لا تفكر بهذا ليس لأن صانعي القرار أكثر ذكاء من فيلتمان لكن لأن إسرائيل هي من تتلاعب بإدارة ترامب.‏

تأكيد فيلتمان خاطئ بأن «الحرب الأهلية هي نتيجة سيطرة إيران»، فتحليله هذا غير منطقي، فإيران ساندت لبنان على أثر الغزو الإسرائيلي لها عام ١٩٨٢ وليس في الحرب الأهلية عام ١٩٧٥، فإيران ترغب باستقرار لبنان والعراق لأن أي حرب أهلية ستحول شركاء إيران عن أهدافها الرئيسية في التضامن لمحاربة الأعداء المشتركين كإسرائيل وسيحول أيضا دون دعم القضية الفلسطينية.‏

يعتقد فيلتمان أن سورية ستهيمن على لبنان، ناسياً أن الدولة السورية وسياسة دمشق لا تتدخل في السياسة اللبنانية رغم أهمية لبنان بالنسبة لسورية لأسباب أمنية وتجارية بحكم المجاورة، ومع أن العديد من اللبنانيين يزورون سورية، لكن الدولة السورية تدرك أن السياسيين اللبنانيين منقسمين فيما بينهم وأن محور المقاومة قوي بما فيه الكفاية لمنع حدوث أي اعتداء على سورية.‏

حزب الله يحظى بدعم اقليمي بسبب دوره في ردع العدوان الإسرائيلي ونيته بحماية الأراضي اللبنانية.‏

خرج المتظاهرون في لبنان إلى الشوارع بسبب ضعف الخدمات العامة وسوء إدارة الموارد الاقتصادية وفساد القادة السياسيين الحاليين، مع ذلك تفاقمت الأزمة حين اتضح أنه لن يتم تشكيل حكومة بوقت قريب.‏

أما بالنسبة لسعد الحريري فهو يرغب بتلبية المطالب الأميركية في استعباد حزب الله وشريكه «الحركة الوطنية القومية»، وأن يحظى بحرية تعيين أي وزير يرغب به في الحكومة المقبلة وإن كان عدد نوابه ٢١ من أصل ١٢٨ نائب، ويرفض أن يكون مُستعبداً.‏

أما خصوم الحريري فيريدونه أن يستلم رئاسة الوزراء لكي يتحمل آثار الفساد الذي تسبب به، ويجدر التذكير بأنه دفع لإغلاق الطرقات الرئيسية في لبنان: كنوع من الضغط، وهذا السلوك ساهم في شلّ حركة البلاد، فخلال أقل من شهرين على إغلاق الطرقات خسرت لبنان نحو ملياري دولار في التبادل التجاري، وتراجعت العملة خلال ذلك مقدار ٣٣% أمام الدولار في السوق السوداء.‏

بذلك اتخذ الجيش اللبناني مؤخراً قراراً بفتح جميع الطرق الرئيسية لتجنب تفاقم الوضع، فإغلاق المحور الرئيسي الذي يربط بيروت بجنوب لبنان كان سيؤدي لجرّ البلاد إلى وضع خطير.‏

لبنان على وشك الإفلاس التام، فلم يعد هناك ثقة بالليرة اللبنانية ولا بالنظام المصرفي، أما الدعم الأميركي بقيمة ١٠٥ ملايين دولار لمصلحة الجيش اللبناني بالكاد غطى جزءاً من العجز.‏

فقط الصين وروسيا اللتان يخشاهما فيلتمان قادرتان على تقديم الأمل لإنقاذ لبنان مالياً، فالصين استثمرت عقداً لمدة ٢٥ عاماً في حيفا لتوسيع طاقة النقل وتحديث الشبكة الكهربائية بفلسطين، كما وقعت على عقد مع العراق لبناء ٨٠ بئر بترول في البصرة بقيمة ٥٤ مليون دولار وعقد آخر بقيمة ٢٥٥ مليون دولار لزيادة إنتاج النفط إلى ٤٠٠ ألف برميل يومياً.‏

أما السياسيون اللبنانيون فهم قلقون لعدم اضرار أميركا ولهذا يرفضون أي تبرع روسي أو اتفاق اقتصادي مع الصين وإن كان ذلك يحيي الاقتصاد اللبناني، فالتوازن السياسي والاقتصادي الضعيف في لبنان يساهم في تفككه المالي.‏

فالولايات المتحدة تتصرف كفيلٍ في محل للخزف بالشرق الأوسط، بفرض العقوبات، فقراراتها العدوانية والمتعجرفة تنتج أعداءً وتغذي العداء لها، فسياسة ترامب الحالية تعتبر «أكبر مصدر لعدم الاستقرار العالمي».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية