|
كواكب السعودات وفاعليـة المسـتقرضات استراحة وبما يعني أننا أصبحنا اعتبارا من يوم أمس في منتصف الخمسينية، ولم يبق سوى ثلاثة وعشرين يوما لنرفع للشتاء تلويحة الوداع، وطبعا لا يعني انتهاء الخمسينية نهاية موسم المطر إذ يمكن أن يستمر حتى شهر نيسان، كما الاحتمال قائم في هطول المطر في أيار. كما أن اليوم الجمعة السابع والعشرين من شباط موعد سقوط الجمرة الثانية حسب الموروث الشعبي، وقد بدت علاماتها خلال اليومين الماضيين في المنطقة الجنوبية، مع أن خبراء الأرصاد الجوية تنبؤوا بفعالية جوية قوية من الأمطار والثلوج يومي الجمعة والسبت. وما دمنا في الحديث عن السعودات، هناك قصة متداولة حول أصل التسمية سبق أن أوردناها في موضوع سابق ، وتنسب إلى شخص اسمه سعد غادر مضارب القبيلة وسافر في مثل هذه الفترة من السنة، إلا أن علماء النجوم لهم رأي آخر في أصل تسمية السعودات. فسعد الذابح عند الفلكيين كوكبان غير نيرين بينهما في رأى العين قدر ذراع أحدهما في الشمال ومرتفع، والآخر في الجنوب ومنخفض، وأما سعد بلع فنجمان قرب سعد الذابح أحدهما خفي جداً وكأنه ابتلع بلعاً، وقيل أيضا إنه سمي بلعاً لأنه طلع حين قيل: (يا أرض ابلعي ماءك) في أيام سيدنا نوح عليه السلام . وأما سعد السعود فكوكبان أيضاً قرب سعد الذابح، وسمي سعد السعود بالتفضيل عليهما لأن الزمان في السعدين اللذين قبله قساوة من البرد، وطلوع سعد السعود يوافق بعض اللين في برده، وأما سعد الخبايا وبعضهم يسميها الأخبية فثلاثة كواكب متحاذية، فوق الأوسط منها كوكب رابع، ويستدل هؤلاء على صحة رأيهم بقول الشاعر العربي الكميت : ولكن بنجمك سعد السعود طبقت أرضي غيثاً درورا ويطلق على شهر شباط في الموروث الشعبي ( عدو العجائز) لذلك يفرح المسنون ذكورا وإناثا بنهاية شهر البرد القارس، ولم يخل الموروث الشعبي من حكايات طريفة حول العداوة بين شباط والمسنين، حتى أنها دخلت في الروزنامة المناخية الشعبية، وسميت الايام السبعة في بلاد الشام بالمستقرضات، وهي الأيام الأربعة الأخيرة من شباط والثلاثة الأولى من آذار. وجاء في الموروث الشعبي حكاية مجازية عن راعية عجوز كانت ترعى أغنامها في شهر شباط وعندما شارف الشهر على الانقضاء دون نزول المطر فقالت العجوز : (راح شباط الخباط ما اخذ مني نعيقه ولا رباط حطينه فيه مخباط)، أي أن الشهر انقضى دون نزول السيل حيث السيول تجر أحيانا معها الماعز . وعندما سمع شباط هذا القول استنجد بأخيه آذار حيث قال له : (آذار يا ابن عمي ثلاثة منك وأربعه مني تنخلي العجوز توني) أي تأن من البرد. وهنا نزل المطر بغزارة وجر السيل غنم العجوز فأخذت العجوز تنادي (يا سيل درجهم على مهلهم حبّل لا تطرح بهمهم) . وهذه الحكاية وأمثالها لاتزال جارية على الألسن، ولا سيما في أرياف بلاد الشام ، وتحكى في المدن كما كانت تحكى في الخيام والبيوت الريفية البسيطة، وتهتم بها الصحافة المكتوبة والإلكترونية ، ما يدل على اهتمام الناس كافة بأحوال الطقس وتقلبات المناخ .
|