وشهد عام 1929 أول احتفال بالتاريخ في توزيع جوائز الأوسكار وكان العالم حينها يمر في حالة كساد وانكماش وربما كان حينها الهدف هو رفع معنويات الجنود من خلال استعراضات بدلات (السموكنغ) وسيارات الليموزين والأوشحة الحمراء.
والمشكلة الآن هي أن الاختيار لن يدهشنا، فعندما تسير الأمور كلها بشكل سيىء يطيب لنا أن نعود إلى الوراء في مثل فيلم (حالة بنيامين بوتون الغريبة) الذي كان مرشحاً لجائزة أفضل فيلم، أو استعادة الصحة من خلال الريح بلعبة تلفزيونية مثل فيلم (سلومدوغ المليونير) أفضل فيلم لهذا العام، تعتبر جوائز الأوسكار دوماً عنواناً فرعياً عن أمريكا.
ومسألة توافق الأفلام المكرمة مع أوضاع المجتمع في ذلك العصر أو بالعكس ونأيها عن مصاعبه ومآسيه ليست قديمة حيث كرمت أكاديمية الفنون عام 1930 فيلم (الفندق الكبير) للمخرج فرانك كابرا وأفلاماً موسيقية كان المراد حينها وبشكل ظاهري تغيير الأفكار والتوافق مع الممثل سبنسر تراسي الذي كرم كممثل لمرتين متتاليتين.
وفي عام 1940 سلب فيلم (كيفما تأتي الريح) الرهان، فعلى الشاشة كانت اتلانتا تحترق وفي الواقع كانت الحرب تحرق أوروبا ولكن وفي عام 1944 كرمت الاكاديمية المشاعر الوطنية والمقاومة من خلال فيلم (الدار البيضاء) وكذلك فيلم السيدة مينيفرا عام 1943.
وعندما رفرفت حمامة السلام بدأت الأفلام تطرح مشكلات المجتمع مثل تكريم فيلم (السم) عام 1946 الذي يحكي عن مضار الادمان على الكحول، وعام 1948، كان لمعاداة السامية حصة من الجوائر من خلال تكريم فيلم (الجدار الخفي) وفساد نقابات عمال الموانئ كرسها منح فيلم (فوق الأرصفة) بأوسكار أفضل فيلم عام 1955 وكذلك مشكلات المراهقة في فيلم (الشقة) عام 1961.
وانعكس حال العالم حينها بما شهده من تقدم ورفاهية على أفلام الخمسينيات المكرمة بالأوسكار ولكن لا نجد أي أثر للحرب الباردة في تلك الأفلام أو مسألة حقوق الإنسان التي كانت مثارة في أمريكا، ومرت جوائز الأوسكار بالقرب من أعوام الستينيات واستدركت أكاديمية الفنون تقصيرها خلال أعوام السبعينيات، فقد شهدت هذه الأعوام تكريم أفلام عملاقة كان أبرزها فيلم العراب بجزأيه الاثنين الأول عام 1973 والجزء الثاني عام 1975 وأيضاً حرب فيتنام تمثلت في تكريم فيلم (Pattom) عام 1971 وفي جائزة عام 1980 التي منحتها الاكاديمية لفيلم (كرامر ضد كرامر)، وفي عام 1981 إلى فيلم (أناس عاديون) عادت الأوسكار إلى أحضان الأفلام التي تعالج مشكلات اجتماعية أسرية، وظلت الأمور العسكرية تدغدغ مخيلة لجنة التحكيم للجائزة، لينتهوا إلى تكريم فيلم (رحلة إلى أقاصي جهنم)، وفيلم (بلاتون) عام 1987 عن حرب فيتنام.
وعادت هوليوود إلى أفلام الويسترن وفي غمرة جنون وول ستريت جاء فيلم (الرقص مع الذئاب) ليتم تكريمه عام 1991 وفيلم (عديم الشفقة) عام 1933، وهذا يدل على أن هوليوود مهما انشغلت فإنها تعود لتنشغل بهوليوود نفسها، فالسينما تنزع دوماً للانصهار مع الحلم الأميركي وكذلك كان للأشخاص الانطوائيين حصتهم في الأوسكار من خلال فيلم (رجل المطر) عام 1989، وكذلك فاز فيلم (فورست كامب) عن المخبولين بالجائزة عام 1995.