د. محمد محفل «ثمانون عاماً» انطلق من الماضي ليطوف في دهاليز التاريخ سالكا منهجا جادا ودقيقا.
بحضور د. مروان محاسني رئيس مجمع اللغة العربية كونه عضواً عاملا فيه وزملاؤه في قسم التاريخ د. طلال عقيلي ود. ابراهيم حداد وعدد من المهتمين ألقى د. محفل محاضرة في المنتدى الاجتماعي حملت عنوانا مهما هو الكتابة والأبجديات.
لا كتابة دون لغة
لاكتابة دون لغة ولا لغة دون مجتمع. فعلى الرغم من النظريات الكثيرة حول الكتابة إلا أن اللغة تبقى الأساس لأنها لا تنشأ إلا في مجتمع.
وقد مرت الكتابة بمراحل عديدة: هي الصورية وليست التصويرية، إضافة إلى الفكرية والصوتيه.
في البدء كان العمل
خلافا للمقولة الواردة في إنجيل يوحنا في «البدء كانت الكلمة» يرى د. محفل أنه في البدء كان العمل، فحتى أسمي الشيء باسمه يجب أن يكون موجودا، والكتابة في البدء كانت مجرد أصوات تقليد للطبيعة ثم تمتمات ثم كان الغناء، وبالعودة إلى المسرح اليوناني نجد أن الدراما كانت كلها غناء لا شعرا، إذ بدأ التراث اليوناني بهوميروس، لكن سبقه الغناء، والعرب أيضا كان لديهم غناء قبل شعرهم الجاهلي، ثم جاء الشعر فالنثر، وتعبر الكتابة عن الشكل أما اللغة فتدل على المحتوى، ويظهر كتاب محمد بن اسحق الوراق الشهير بابن النديم أن الكتابة هي الشكل واللغة هي المحتوى.
وفي العهد القديم «الكتب الخمسة المنسوبة إلى موسى» لايوجد شيء اسمه لغة عبرية.
والعلماء اليهود في دراساتهم التاريخية يطلقون على فترة العهد القديم العصر التناخي أي رمز «توراة وأنبياء وكتب».
ويشير د. محفل أن الكتابة بدأت في المنطقة العربية بالكتابة المسمارية، وفي العهد السومرى كان هناك 2000 رمز، الكتابة المقطعية المسمارية على شكل أسافيل وضع المسمار المقطع قد يكون من عدة مسامير وفي أوغاريت الأبجدية 29 حرفا وكذلك في اليمن، أما اللغة الأكادية أي البابلية والآشورية فهي اشتقاقية والكتابة الثلاثية متناغمة مع تلك اللغات، وقد حصل تطور في الكتابة من المسمارية المقطعية إلى الكتابة المسمارية الأبجدية في أوغاريت وبعد سقوط العاصمة الشمالية في مطلع القرن الثامن عشر، ظهرت مدينة صور على الساحل الذي أطلق عليه اليونان الأيام والأعمال ومن هناك جاءت الكتابة وهي أصل الكتابات العالمية كلها ويبقى السؤال: هل المصريون عاجزون عن إبداع الأبجدية، لاولكن فرعون استخدم الكتابة سلاحا لإخضاع الشعب لإيمانه أنها سر من الأسرار.