وهل كان العرب بحاجة إلى انتظار الانتخابات الإسرائيلية التي جرت في 10 شباط 2009 لكي يتأكدوا من أن جميع الأحزاب السياسية الإسرائيلية تتنافس على السلطة لكنها تتحالف فيما بينها على ضمان أمن الكيان الصهيوني وذلك من خلال إشعال المزيد من الحروب الهمجية ضد العرب.
لقد جرت الانتخابات الإسرائيلية من دون أن يتبنى أي من الأحزاب المتنافسة مشروعاً ولو بالاسم أو بالشكل لسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، بل إن المراقب يرى العكس من ذلك، حيث إن إجماع القادة المتنافسين ركز على ضرب المقاومة الفلسطينية أينما وجدت، وقد لوح بعضهم وما زال بمفاوضات طويلة الأمد تعطي للعرب مكاسب وهمية لا قيمة لها على أرض الواقع، كما جرى حتى الآن منذ عشرين عاماً من مدريد إلى أوسلو إلى وادي عربة وغيرها، إلا أن المفاوضات الجارية حالياً حول مستقبل الحرب والسلام في غزة وكامل الأراضي الفلسطينية ترتدي أهمية استثنائية لأسباب هامة منها.
1- محاولة الربط ما بين تثبيت وقف إطلاق النار والتهدئة في غزة وإنشاء منطقة عازلة بعمق خمسمئة متر شرقي وشمالي قطاع غزة، الأمر الذي يؤدي إلى حرمان الفلسطينيين من أفضل الأراضي الزراعية التي تمكنهم وتساعدهم على الصمود والتصدي للعدوان الصهيوني الهمجي والمتكرر على غزة.
2- من الواضح أن إسرائيل تحضر لسلسلة من الاغتيالات تطول أبرز قادة المقاومة الفلسطينية وهي تستعد دائماً لاجتياح قطاع غزة من دون أن تقدم الذرائع المطلوبة وهي تفصح عن مخططاتها بصورة علنية غير آبهة للموقف العربي.
3-الرفض المستمر من قبل الكيان الصهيوني لفتح المعابر بصورة نهائية قبل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي شاليط وفرض رقابة صارمة ودولية على تهريب السلاح إلى داخل غزة مع الإصرار على أن فتح المعابر سيكون جزئياً، الأمر الذي يستدرج المقاومة إلى رفض تلك الشروط ومحاولة إسرائيل تحميل مسؤولية خرق الهدنة أمام الرأي العام العربي والدولي.
4-لقد أثبتت نتائج الانتخابات الإسرائيلية ومن خلال التصريحات العلنية وبالأرقام الدامغة أن إسرائيل تعيد تجديد مقولاتها العنصرية ضد العرب وأن فوز حزب كاديما بفارق طفيف على حزب الليكود يؤكد أن السياسة الإسرائيلية ستنحو إلى مزيد من التصلب ضد جميع الفصائل الفلسطينية وهي تستعيد المقولة العنصرية المعروفة «إن الفلسطيني الجيد هو فقط الفلسطيني الميت».
5- لقد اختلت موازين القوى تماماً على الجانب الصهيوني إذ يتفق الجميع على أن المفاوضات مع العرب لا تفضي إلى حلول سلمية طالما أن العرب داخل فلسطين مرتبطون ومتشبثون بأراضيهم ومصرون على حق العودة إليها ويحملون السلاح من أجل استرجاع وطنهم السليب بكل الوسائل المتاحة وفي طليعتها المقاومة المسلحة.
وتتقارب تصريحات قادة الأحزاب الإسرائيلية إلى درجة التطابق في التأكيد على أن القوة الضاربة هي السبيل الوحيد والمقبول من جانب الإسرائيليين العاديين في التعامل مع الفلسطينيين إلى أي معسكر كان انتماؤهم ومن الواضح أنهم لايميزون في هذا المجال بين فصائل المقاومة وبين الفصائل الأخرى بل الجميع في نظرهم إرهابيون .
يبدو أن ضابط الإيقاع الوحيد داخل الكيان الصهيوني والمرتقب في المرحلة الراهنة هو التلويح بالقوة المفرطة، فالجانب الإسرائيلي يرفض وبشكل قاطع التخلي عن الأراضي العربية المحتلة وخاصة الجولان ومزارع شبعا، كما يرفض التخلي عن القدس عاصمة أبدية للكيان، وعن مستوطنات الضفة والجدار العازل وتزايد هذه الدعوات العنصرية التي تدعو إلى طرد فلسطينيي الأراضي المحتلة في العام 1948.