يقوم به مجموعة من الناس، تعرف جيدا ما تفعله ، غير مكترثة بكل ما يطلق من تصريحات ونداءات ووعود بالحل ، حيث بات ارتفاع الأسعار الجنوني هذه الأيام الحديث الأول للمواطنين خاصة في ظل غياب مستهجن لكافة الأجهزة الرقابية المتوقفة نهائيا عن العمل الميداني والحاضرة بشكل قوي في تصريحات المسؤولين عنها حتى كاد البعض يطلب العون للعاملين فيها ويدعو لهم بالتوفيق في إطلاق المزيد من التصريحات ومقالات توصف الأزمة ولم تقدم أي حل على الأرض.
وفرة محكومة بالتوزيع
المتابع لحركة المنتجات والسلع في أسواقنا يكتشف أن ما يقال عن قلة في الكميات غير صحيح فالخيارات مازالت واسعة في كم المنتجات والمواد المعروضة للبيع خاصة الغذائية التي لازالت موجودة لدى منافذ البيع المختلفة القديم منها والجديد الذي واكب الأزمة واستفاد منها حيث امتلأت المناطق التي لم يغادرها قاطنوها بمنافذ البيع التي صارت تشهد تنافساً لا يخلو من العنف الناجم عن قلة الخبرة لدى من خاض غمار تجربة العمل ، والأكثر من ذلك أننا اليوم أمام منتجات بماركات لم تكن ظاهرة على السطح، وهناك من يقدم منتجاته مع المزيد من المغريات كما الحال في البسكويت والشيبس وأغذية الأطفال وصرنا أمام منتجات رديئة في المواصفات تعرض كيفما اتفق بحجة ارتفاع كلف التغليف وأسعار البلاستيك وغير ذلك .
إلى ذلك يصاب المواطن بالدهشة عندما يطلب أي سلعة فيخيره البائع هل تريدها مستوردة ، ولهذا سعره المحرر من كل قيد .لكن المشكلة أن تطال هذه العدوى منتجات الأطفال والحليب البودرة وما إليها من المنتجات الأخرى .
سقوط ذريعة النقل
المشهد يأخذ لونا فاقعا عند الحديث عن الخضار والفواكه حيث العجب فيما تراه العين وتسمعه الأذن ، ولا أحد ينكر مدى توفر هذه المواد على مدار الساعة، واللافت هنا انتشار باعة الخضار بأعداد لم نكن نشاهدها من قبل حيث افترشت الأرصفة بسطات الباعة الجدد، ومنهم من تحول للتجارة بمثل هذه المنتجات رغم لهيب أسعارها ، الأمر الذي ترك أثراً إيجابياً لدى المستهلكين، في حين أن تجار سوق الهال والأسواق الأخرى أكدوا أن الحركة بالسوق أكثر من طبيعية رغم الظروف الصعبة التي تواجه عملية نقل السلع بين المحافظات بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، مشيرين إلى دخول وخروج مئات الأطنان يومياً ولمختلف أنواع السلع، والأهم من ذلك أن هناك حركة بيع باتجاه أسواق المحافظات التي تحتاج إلى بعض السلع.
هذا الواقع يطرح الكثير من الأسئلة حول استخدام ذريعة صعوبات النقل من مواقع الإنتاج إلى أسواق البيع بالجملة والمفرق ومنها للمواطن الذي يدفع ثمنا باهظا في جميع الحالات بشكل فاق قدرته على التحمل ودون سبب مقنع، ولاسيما بالنسبة للسلع المنتجة محلياً .
مخالفات بحاجة للحذر
وعموما تتفاوت الأسعار من منطقة إلى أخرى، ووفق الحالة الاقتصادية التي يوجد فيها السوق، إذ تختلف الأسعار في الأسواق الشعبية عنها في أسواق الخمس نجوم وعلى الرغم من ذلك فقد وصلت نسبة الارتفاع إلى أكثر من 100% لمعظم السلع ومنها الخضار والفواكه وحتى أسواق الباعة على الأرصفة والعربات طالتها عدوى السعر المرتفع مع انعدام العلاج.
بالتوازي مع ذلك يخشى أن تتسرب لأسواقنا مجموعة من السلع والمواد الغذائية المخالفة للمواصفات السورية والمجهولة المصدر ولاسيما ما يُباع الآن على الأرصفة والبسطات بمختلف الأماكن، ومنها المشروبات الغازية والمعلبات والكثير من السلع، والخشية أن تكون بعض هذه السلع قد تسربت فعلا لأسواقنا بواسطة عدد من ضعاف النفوس وتجار الأزمات الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات عن مصدر هذه السلع ومدى صلاحيتها للاستخدام والخشية الأكبر أن تشمل هذه المخالفات المواد الغذائية سريعة العطب كمعلبات الطون والسردين والمرتديلا، والألبان والحليب والأجبان.الأمر الذي يستدعي عدم التهاون في حال ضبط مثل هذه الحالات وانزال العقوبات القاسية والرادعة بحق المخالفين.
التدخل الإيجابي قشة الغريق
أمام ما تقدم ينظر المواطن إلى مؤسسات التدخل الايجابي التابعة لوزارة التجارة الداخلية بالكثير من الاحترام متجاوزا الملاحظات التي تطرح لجهة الأداء العام لها وتلبيتها لتطلعات المواطن من ناحية توفر المواد وأسعارها المنافسة، هذا الموقف غير المستهجن للمواطن السوري يأتي من خلال تفهمه لحجم الأعباء التي تتصدى لها هذه المؤسسات لتأمين السلع والمواد الأساسية للمواطن كونها باتت تمثل في مثل هذه الظروف القشة التي يتمسك بها الغريق ، الأمر الذي يحملها المزيد من الأعباء رغم أنها تحملت الكثير ولهذا فهذه المؤسسات مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتشديد الرقابة على منافذها وضبط عمليات البيع والالتزام بالسعر الذي يفترض أن يكون منافسا لصالح المواطن ، وعلى هذه المؤسسات أن تنوع من أشكال خدماتها وتوسع من نقاط ومناطق تواجدها فهي كما قلنا خشبة العبور نحو ضفة الأمان في زمن كثر فيه المتاجرون بقوت الناس وحاجاتهم.
لمن يشتكي المواطن؟
من غرائب الأمور ما تردد عن مصادر مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق التي أوضحت في تقريرها الشهري الموجّه إلى الوزارة أن لديها معاناة بعدم تجاوب المواطنين معها خاصة في تقديم الشكاوى، والإبلاغ عن أي مخالفة ، فإذا كان ما قالته تلك المصادر منطقيا، فهل سألت نفسها لماذا يمتنع الناس عن التعاون معها في الإبلاغ عن المخالفات عند حدوثها في المكان والزمان.
وماذا عن فقدان الثقة بين الطرفين خاصة أن المواطن الراغب بتقديم شكوى ملزم وفق قانون الوزارة بالكثير من الشروط المطلوبة كأن يقدم بلاغا طويلا عريضا بحضور المشتكى منه وأن يبقى ملازما لمكان تعرضه للمخالفة وعندما يحرر الضبط هو أيضا مطالب بما قاله أمام الدورية للتصريح به أمام القضاء المختص وهكذا تطول الإجراءات التي تحد من تقديم الشكوى حيث بات إثبات وقوع المخالفة يحتاج للتدقيق والثبوتيات ويعرض المشتكي لضغوط هو بغنى عنها .
ولنقدر أن الدورية حضرت وطبعا بعد فوات الوقت فهل يصل المواطن لحقه أم أن الدورية وعناصرها لديها حلول أخرى ؟
والسؤال هنا هل انتهت المشكلة عند تحرير الضبط لتقول المديرية أنها قامت بواجبها على أحسن صورة وكم من المخالفين تأثروا عندما تحرر بحقهم ضبوط الرقابة؟ فعلى رأي المثل حارتنا ضيقة ..!!.والبقية عندكم
ما يريده المواطن إجراءات صارمة على الأرض تعطي الدولة أولا حقها من المخالفين وتعطي المواطن حقه منهم وهذه أبسط الإجراءات، فهل نفعل؟