كان افتتاحه عام 1981 في منطقة الشاطىء الأزرق شمال مدينة اللاذقية وشيد على لسان صخري بتصميم معماري مميز مؤلف من خمسة طوابق تضم مخابر بحثية تخصصية ومكتبة علمية وقاعة محاضرات ومدرجا للمؤتمرات ومكاتب ادارة وغرف إقامة للباحثين الزائرين كما يمتلك المعهد متحفا للتنوع الحيوي البحري وأنقاض زورق للأبحاث البحرية.
من مهام المعهد العلمية القيام بالبحوث المتعلقة بعلم البحار وإعداد الدراسات العلمية والاقتصادية المتعلقة بالثروات السمكية كما يقيم المعهد تعاونا بحثيا علميا مع هيئات دولية ووطنية.
فما الدور البحثي للمعهد بشكل عام وما دوره في البحث عن أسباب نقص وتدني الثروة السمكية واستزراع الاسماك البحرية ومتى سيكون له دور اقتصادي فعال?
الباحثون والكوادر العلمية
في المعهد /44/ باحثا وباحثة من جامعة تشرين وجامعات القطر الأخرى وجامعات عربية ودولية يجرون أبحاثا مشتركة او يشرفون على طلاب الماجستير والدكتوراه و /7/ممن أعدوا مشاريع بحثية للتنفيذ في المعهد و /7/ من أعضاء الهيئة التدريسية يقومون فقط بالتدريس لطلاب دبلوم الدراسات العليا و /14/ معيدا موفدا.
تجولنا في اقسام المعهد والتقينا مع بعض الباحثين ومع عميدة المعهد واطلعنا على جوانب هامة وكان كل جانب فيه يحتاج إلى مادة خاصة لكن موضوع الثروة السمكية استوقفنا في البداية لاسيما وان هذه الثروة في تراجع وتدن مستمر ضمن ظروف بيئية وبشرية مؤثرة, والسؤال كيف نعيد الثروة السمكية إلى مياهنا البحرية?
تجيب الدكتورة ( ازدهار عمار« عميدة المعهد المكلفة:
نقص الثروة السمكية يعود إلى أربعين سنة ماضية ولكي نعيد هذه الثروة لابد من إعادة تأهيل الشاطىء السوري ليصبح ملائما لنمو وتكاثر الأنواع السمكية من خلال حمايته وقمع المخالفات ومنع الصيد الجائر والالتزام بالشباك النظامية والتقيد بالأنظمة والقوانين وإعادة تأهيل مناطق الحماية.
يقول ( وسيم غانم« وهو طالب ماجستير يبحث في مجال بيولوجيا الأسماك البحرية في دراسة حول المخزون السمكي ودراسة تكاثر ونمو بعض الاسماك الاقتصادية البحرية وامكانية الاستزراع البحرية: إن الاسماك البحرية قليلة جدا لأسباب عديدة منها نقص الثروة السمكية ومنها ما هو طبيعي يتعلق بالظروف البيئية اللاجوية للمياه البحرية من ملوحة زائدة ونقص اوكسجين ونقص مغذيات وقلة الأنهار الرافدة للمياه المالحة وإن لقلة الخلجان دورا في نقص الثروة السمكية وهناك عوامل بشرية تتعلق بالوعي البيئي تضمن استمرارية الموارد البحرية واستثمارها بشكل عقلاني.
مهام بحثية متعددة
يقوم المعهد بتنفيذ مهام بحثية متعددة من خلال مساهمته بالنشاطات البحثية المحلية والعربية والدولية ووضع برامج بحثية مشتركة مع المؤسسات العامة المحلية ووزارات الدولة او مع الجامعات العربية والاجنبية او مع المنظمات الدولية مثل البرنامج البيئي للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمركز الوطني للبحوث البحرية اللبناني ومركز علوم البحار الدولي في ايطاليا والمركز الاغريقي للبحوث البحرية في اليونان وغيرها, وتهدف الابحاث إلى دعم التنمية في القطر ودفع مسيرة البحث العلمي إلى جانب رفع كفاءة الباحثين وتأهيل طلاب الدراسات العليا ومنحهم درجات الدبلوم والماجستير والدكتوراه.
تقول الدكتورة( ازدهار عمار«: بدأ المعهد منذ العام الماضي باستثمار المعلومات والحقائق والمعطيات التي تم التوصل اليها من خلال الخصائص التي يتمتع بها الشاطىء السوري والكائنات الحية التي تعيش فيه بالتوجه نحو موضوع استزراع وتربية الاسماك ونحن الآن في طور التجرية لكننا نتطلع إلى استكمال اعمال مزرعة سمكية بجوارالمعهد ومحاولة استزراع انواع الاسماك وقشريات بحرية, وفي حال نجاحها نعمم ونتوسع بها في مناطق اخرى ويتم استثمارها وطرح المنتج في الأسواق.
- والسؤال الذي يطرح نفسه هنا:
ما اسباب التأخير في هذه التجربة الحيوية ذات البعد العلمي الاقتصادي الهام?
-- تجيب الدكتورة عمار: هذا الموضوع يرد ضمن خطة عامة لجامعة تشرين وخلال العام الجاري سنعمل على تهيئة المزرعة والأحواض ويعد مشروع استزراع الاسماك البحرية من المشاريع المهنية الهامة وتجربة اولى في القطر حيث يتم الاعتماد على اقفاص معدنية واحواض شاطئية لاحتجاز اسماك التربية وتطبيق نظم تغذوية محددة.
مشروع متحف الأحياء البحرية
يضم المعهد عددا هائلا من نماذج الأحياء البحرية بدءا من الأحياء اللافقارية المجهرية كالعوالق البحرية ومرورا باللافقاريات المجهرية والاسماك العظمية والغضروفية والقاعيات الحيوانية والطحالب القاعية بأنواعها وحتى الزواحف البحرية كالسلاحف, كما يوجد في المعهد بعض العينات المستحاثة المنقرضة وبعض العينات النادرة كالحوت الأحدب ( هيكل عظمي).
هذه النماذج تعد ثروة علمية للباحثين والهواة على حد سواء وهي معروضة في اقسام المعهد وسيتم وضعها في جناح مستقل يخطط المعهد لإنشائه كمتحف دائم للأحياء البحرية.
يضم المعهد مجموعة مخابر تخصصية وتجهيزات متعددة, تقول الدكتورة ( سوسن المسوكر« من قسم الكيمياء البحرية - خدمات البحث العلمي متوفرة وعلى مستوى الأجهزة و معهدنا مميز بشكل افضل من المكان الذي ادرس فيه في فرنسا وفي كل قسم من اقسام المعهد كمبيوتر مع اشتراك مجاني بالانترنت.
زورق الأبحاث البحرية
ويعد زورق الابحاث البحرية من مستلزمات البحث العلمي الهامة والإدارة الأساسية للعمل الميداني لكنهم لم يفيدونا في المعهد بمعلومات عنه وإلى دوره الفعال لكن تبين لنا فيما بعد من جهات اخرى لها علاقة بجامعة تشرين ان لا دور للزورق الآن فهو معطل رغم أنه حديث الصنع نسبيا ( تم شراؤه عام 1998) وأعطاله تعود لأسباب متعددة, اولها سوء في التصنيع وثانيها عدم متابعة الصيانة الدورية بمعدل مرتين في العام فتفاقمت أعطاله ومشكلاته والآن تهالك نتيجة الإهمال وسوء التصنيع وارتمى على الشاطىء كنفوق حوت جانح, وعلمنا ان تحقيقات تجرى بملابسات شرائه وعدم مطابقته للمواصفات العلمية والفنية وكانت الجولات البحرية تشكل خطورة ومغامرة عند الباحث, والسؤال هنا هل تحاسب رئاسة الجامعة آنذاك وكل من له علاقة بشرائه بعد أن ذهب كل في سبيله بمرور السنوات الثماني.
إن التحقيقات الجادة في مثل هذه الحالات تكون درسا رادعا عن العبث بممتلكات وطنية بحثية ومنع الاستهتار بمستلزمات الأبحاث العلمية.
علمنا ان الاتجاه الآن نحو شراء زورق جديد سيكلف الملايين وقد يكلف /14/ مليونا نتمنى الا تذهب هدرا كغيرها والمؤشرات تدل على وجود رئاسة جامعة جديدة ومتابعة وعميدة ابحاث متفانية ومحبة لعملها ما يجعلنا نأمل نهوضا افضل للمعهد العالي للبحوث البحرية, ونتمنى الا تطول فترة شراء الزورق الجديد لأن الجولات البحرية التي يحتاجها الباحث مأجورة وترتب اعباء اضافية تحسب من مصاريف البحث العلمي فيضطر الباحث إلى ضغط نفقاته واختصار جولاته البحرية خوفا على المصاريف المحددة!!.
يقول لي بعض الغيورين على المعهد وعلى الباحثين: إن الحقائق هذه يعرفها القيمون على هذا الموضوع على كل المستويات ولو جربوا المشاركة في الأعمال البحثية ومصاعبها لما قبلوها على انفسهم والقانون والنظام يشكل صعوبة في صرف متطلبات الباحثين وغالبا المبالغ المرصودة للأبحاث غير كافية,ما يضطر الباحث إلى الاختصار وبالتالي تختصر النتائج العلمية وقد تتأخر طلبات الشراء او تأمين المستلزمات ضمن إشكالات الروتين وعلمنا ان غداء الباحثين بعد يوم عمل مضن في طلعة بحرية في زورق قد يكون ( سندويش فلافل طبعا على حساب الباحث) قال لي احدهم: إننا نحس بالإهانة في مثل هذه الحالات.
وسيلة نقل وحيدة
لكن ماذا عن تنقلات الباحثين?
علمنا ان في المعهد وسيلة نقل جماعية وحيدة ( باص) قديم انتهى عمره الفني فهو يعمل قبل إنشاء المعهد وأعطاله كثيرة يكلف /250/ الف ليرة في كل اصلاح وهو يقوم بنقل الكادر الذي يعمل في المعهد إلى مدينة اللاذقية اذ يبعد المعهد عن المدينة 9كم لكن الباحثين والإداريين في كثير من الأحيان يتحملون عناء الذهاب والإياب بوسائل متعددة علما ان المعهد يبعد عن الطريق العام مسافة غير قليلة يقطعونها في البرد والحر...
وترتب اعطال الباص المتكررة اعباء مادية على المعهد فتشكل المصاريف هذه جزءا هاما من مصاريف البحث العلمي وهنا تحضرني مفارقة عجيبة وهي توفر السيارات الحديثة وبأفضل الموديلات الموضوعة في خدمة منازل اصحاب القرار والجهات المعنية بينما يشكل تأمينها في المعهد العالي للبحوث البحرية صعوبة وروتينا مريرا..
المحميات البحرية
كيف نحمي بحرنا بأحيائه من المخاطر?
انصب اهتمام المعهد في الآونة الأخيرة في اتجاه إقامة مناطق محميات بحرية الغاية منها الحفاظ على الأحياء المائية في تلك المناطق وتكاثرها وفي مجال تفعيل الخطة الوطنية لتطوير المحميات البحرية في سورية كان للمعهد دور كبير بالتعاون مع مديرية التنوع الحيوي في وزارة الإدارة المحلية والبيئة من خلال تحديد مناطق مقترحة على الشاطىء السوري كمحميات بحرية اضافة إلى محمية ابن هانىء المعلنة منذ سنوات وسيتم التوسع فيها وقد اثبتت جدواها من خلال عودة ظهور الكثير من انواع الأسماك والرخويات والاسفنجيات.
وتعد محمية البسيط من المحميات المقترحة اضافة إلى محمية ام الطيور وغيرها.
ذكرتني زيارتي للمعهد العالي للأبحاث البحرية بمدرسة المتفوقين في اللاذقية حيث كانت المدرسة في بدايتها خطوة ايجابية رائعة لجمع المتفوقين ورعايتهم وإغناء ابداعاتهم في مواد الإثراء لكن هذه المدرسة ظلت حتى تاريخه على حالها تضم طلابا متفوقين برعاية إدارة ناجحة لكن لا حول ولا قوة لها في امكانية التطوير بسبب الأنظمة والقرارات العليا, كذلك حال المعهد العالي للبحوث البحرية يضم باحثين يعملون بظروف صعبة ومعوقات في التنقل وفي الجولات البحرية وفي اختصار التجارب لضغط النفقات غير الكافية ضمن إدارة مقيدة بقوانين وانظمة لايمكن الخروج عنها لأنها تعد خروجا عن القوانين ,والباحثون الآن يتطلعون ويضعون كل آمالهم في قانون تنظيم الجامعات الجديد لعله يطلق يد رئاسة الجامعة وإدارة المعهد والباحثين في حرية اجراءات البحث العلمي والبعد عن الروتين ...