|
توصيف مهنة المعالج النفسي..بين الطموح والواقع مجتمع ويبقى وضع المحلل النفسي في بلدنا دون توصيف محدد لمهنته والتي وضعتها وزارة الصحة ضمن الاختصاصات اللاطبية والذين يعملون دون تراخيص . وبسبب عدم توصيف المهنة للمحللين النفسيين وعدم استطاعة كثير من القادمين بشهاداتهم من الخارج مزاولة المهنة وفتح مراكز للعلاج في بلدنا ,بينما في البلاد التي قدموا منها يحق لهم ذلك فقد عاد الكثير منهم ادراجه وقد خسرهم الوطن وافراد المجتمع المحتاجين لمساعدتهم ولعلمهم . في وزارة الصحة التقينا د. شايش اليوسف معاون وزير الصحة
لمعرفة موقف ودور الوزارة من قضية توصيف المهنة فقال : إن الوزارة لا تعطي ترخيصا إلا لذوي المهن الطبية ممن يقدمون العلاج من أطباء وصيادلة ولكن يمكن الاستعانة بهم في بعض المواضيع بعد أن تجرى لهم دورات تأهيلية وفق طبيعة الموضوع للقيام بمساعدة الطبيب النفسي, إذا ما تقدم هؤلاء بطلب للوزارة يمكن أن تدرس وزارة الصحة طلبهم وتعالج هذه الطلبات من قبل لجان مختصة ولكن الى الآن الوزارة تهتم بقضايا المهن الطبية والمهن الطبية المساعدة مثل ( القبالة- والمعالج الفيزيائي.. الخ )بما يحقق مصلحة المريض وفي اطار توجهات منظمة الصحة العالمية . تعريف المرض النفسي وللتعرف على المرض النفسي وضرورة المشاركة بالعلاج بين الطبيب النفسي والمحلل النفسي وواقع الطب النفسي في بلدنا التقينا مع الدكتورة رويدا دوماني الحاصلة على شهادة طب بشري وشهادة D.S في الطب النفسي من جامعة ليون فرنسا . فقالت: بداية لابد من تعريف المرض النفسي:هو ألم داخلي غير مرئي يعبر عنه المريض بألم عقلي وصداع وأفكار مؤلمة تقلق راحته بشكل دائم وتؤرقه, ليلا تسبب له عدم تأقلم مع المحيط وتوترا .وللمرض النفسي نوعان مرض ذهاني والعصابي: - وإن المرض الذهاني هو المرض العقلي ويتظاهر بأعراض مختلفة وعلاجه مدى الحياة وعلى الأغلب وراءه مرض أو موضوع وراثي ويتجلى غالبا بأعراض اهلاسية وهذيان وأفكار هذيانية واضطراب بالمحاكمة العقلية وثرثرة كلامية وعدم نوم مع اخطاء بالكلام مع زيادة بالنشاط الجنسي. ما فائدة مقاسمة العمل بين المعالج النفسي والطبيب النفسي بالنسبة للمريض ? اقول أهلا لهذا العمل التعاوني ولكن المشكلة أن المعالجين في سورية المتخرجين من جامعاتنا ينقصهم التدريب ولابد من المشاركة بالعلاج بعيادات مشتركة مثل دول العالم المتقدمة وبعض الدول العربية فمن يحتاج لعلاج نفسي فقط يلجأ للمعالج والآخر يلجأ للطبيب إن كان بحاجة للعقاقير مع العلاج النفسي نتعادل للوصول بالمريض لبر الأمان . كيف تقيمين واقع العلاج النفسي في سورية? لانزال في منتصف الطريق بالنسبة للطب النفسي ولكن كان لقيام المؤتمرات الطبية النفسية دور جيد في تحسينه فهذه المؤتمرات تخلق اهتمامات جديدة . الإنسان كل لا يتجزأ د. مطاع بركات عضو هيئة تدريسية في كلية التربية وعلم النفس
ومن أكثر المتحمسين لموضوع توصيف مهنة المحلل النفسي واعطاء تراخيص بشكل قانوني لهم يقول: إن الانسان كل لايتجزأ ولا يمكن أن يمرض الجسد والروح تبقى سليمة والعكس صحيح فالاختصاصي النفسي والاجتماعي كل له دوره, في الدول المتقدمة نجد طاقما علاجيا في كثير من الاحيان يضم الاشخاص المختصين الأنسب لحالة من الحالات ففي بعض الحالات نحتاج لرجل دين ولمحام مثل: (وضع نفسي لإمرأة تريد الطلاق) فعندما يعطيها المحامي الرأي القانوني ويعرفها على حقوقها وواجباتها هذا يجعلها تخرج من وضع نفسي شديد فأنا لست مع النظرة التجزيئية للإنسان فكثير من الحالات المرضية الجسدية لا يمكن فصلها عن الوضع النفسي للإنسان والمقاومة الاساسية هي المقاربة الطبية حيث تنطلق من الجسد ومن كيمياء الدماغ والجهاز العصبي وبالتالي نستعين بكثير من الاحيان بالادوية والصدمات الكهربائية ... وهذه المقاربة تقارب الانسان من جانب معين فإذا عدلنا كيمياء الدماغ يتعدل قليلا مزاج الانسان لكن الدواء وحده لا يكفي فظروف الحياة وقدرة الانسان على مواجهة ظروفه وطريقته بالتفكير. إذا عالجنا الانسان بالدواء فقط يمكن للانسان أن يعود لحالته نفسها فالطبيب النفسي له علاقة بالمقاربة الجسدية هذا لا يعني أنه لا يفهم الناحية النفسية بل عليه أن يفهم بالحالة النفسية وعليه أن يعرف الخلفية النفسية للأشياء التي يتعامل معها. ما دور المعالج النفسي في حالة المرض النفسي وبعد تعديل كيمياء الدماغ ? هذا المعالج يقارب مرض الانسان من ناحية بنيته النفسية وبنية الشخصية والعادات الموجودة عنده وأسلوب التفكير وشعوره بالهوية والتهديد والأشياء التي بلحظة من اللحظات تخرج فيها عن الاضطراب والحوادث التي لا تدع احداً منا سليما مثل ( حادث سيارة فيها طفل صغير) فالحالة هنا تشعرنا بالإضطراب وهذا ليس له علاقة فقط بكيمياء الدماغ ولكن له علاقة بالظروف التي نعيشها والمعالج النفسي اختصاصه ينحصر بالتعامل مع شخصية المريض والتعامل مع طريقة تفكير المريض والتعامل مع ادارة العواطف التي لديه والتي في أغلب الأحيان تبقى عواطفنا تخزن لسنوات طويلة وتضغط علينا من الداخل وبالتالي تغير من كيمياء الدماغ لدينا فالمعالج النفسي يأخذ على الأغلب المقاربة المتعلقة بالناحية النفسية وهم مدارس وأنواع . هل يحق للمعالج النفسي وصف دواء? المعالج النفسي لا يستخدم الدواء وهذا لا يعني أننا يمكن أن نستغني عن الدواء فالمعالج عندما تكون الحالة تحتاج لدواء لابد من التعاون مع المختصين ولابد أن يعرف المختص عن الدواء النفسي وبكثير من الحالات يعرف أن بعض الحالات تحتاج لوقت حتى يأتي العلاج الدوائي بثماره حتى لا يحتقر العلاج الدوائي فهناك حالات معينة دون دواء تسبب كوارث فهناك اشخاص يمكن أن ينتحروا وبعض الحالات لا تحتمل العلاج النفسي ,نعطي المريض الدواء ونخرجه من حالته ثم نبدأ بالعلاج النفسي ولا يجب على المعالج أن ينكر الدواء وبالعكس لا يجب على الطبيب النفسي أن ينكر العلاج النفسي . ماذا عن تنظيم مهنة المعالج النفسي? لا يوجد عندنا قانون تنظيم مهنة ولا يستطيع احد من المعالجين أن يفتح عيادة بشكل رسمي مع أن هناك اشخاصاً يقدمون باسم الارشاد النفسي والاستشارات النفسية وكلها لها فروق الاستشارة والارشاد والعلاج. ماذا يجب أن تقدمه وزارة الصحة لحل هذه المشكلة ? وزارة الصحة لا تعرف ما الآلية التي يسعملون بها, هذا هو الوضع ويجب أن ننظر للآخرين كيف يعملون ونعمل شيئا يشابه غيرنا,كما هو الأمر في دول اخرى أجنبية وحتى عربية. هناك بعض المحللين النفسيين يعملون بعيادات نفسيه, ما رأيك بهذا التعاون ? هذا ليس حلا ومثل أن الطبيب عنده عيادته الخاصة ويستطيع أن يتعاون مع الطبيب العصبي والتعاون لا يفسد الاختصاص أيضا المعالج النفسي يجب أن تكون لديه عيادته لوحده وهو يتعاون مع الآخرين فلا أحد يستطيع العمل لوحده لأنه يسيء للمريض بالنهاية . وماذا عن المشافي الخاصة التي فيها عيادة نفسية وعندهم طبيب ومحلل? هناك مشاريع من هذا النوع وبعض المشافي يأتون بأناس ليس عندهم خبرة (ويعملون لهم دعاية) ويقولون إن عندهم قسما نفسيا فقط ليقولوا إن عندهم مختلف الاختصاصات ولابد من وجود معيار محدد وواضح بهذا الخصوص . ما دور الجمعية النفسية في هذا الأمر? برأيي إن هذا العمل يجب أن يكون مهمة من مهمات الجمعية , ونحن بحاجة لفاعلية أكبر من قبل الجمعية النفسية . أين تقع بلدنا في مجال العلاج النفسي مقارنة بغيرنا ? هناك أشياء ايجابية فالاختصاص يتطور من حيث التدريب فهناك اجازة جامعية خاصة بالارشاد النفسي ويعملون بوزارة التربية وهذا لا يكفي فهو لا يأخذ ترخيصا فإما أن يتوظف أو يعمل أي شيء آخر وعندنا عدد قليل ونحتاج أن نوفد مزيدا من الاشخاص للخارج . في الجمعية السورية للعلوم النفسية د. خالد ناصيف رئيس الجمعية السورية للعلوم النفسية كان لنا معه حديث بدأناه بالسؤال: ما عدد المعالجين بالجمعية? لدينا عشرة معالجين وإن العدد غير كاف ولكن عندنا شروط قاسية لقبول المعالج النفسي أو المرشد النفسي .. ما الفرق بين المعالج والمرشد? عندنا بالعمل لا يوجد فرق ولكن المفروض أن تكون هناك فرق فالمرشد يعمل بمجال الوقاية أكثر من العلاج . كيف عليكم تعويض النقص بالكادر البشري ? النقص يمكن أن يغطى ولكن بسبب الشروط القاسية بأن يكون المعالج حاصلاً على درجة دبلوم دراسات عليا بعلم النفس وخاضع لثلاث دورات بالجمعية على الأقل وللأسف كثير من الخريجين يعملون خارج الجمعية دون إعداد كاف وقد لا يرغبون أصلا بالعمل بالجمعية . كم عدد المراجعين ? حسب التقرير المقدم كل سنتين كان هناك 170 شخصاً حصلوا على خدمات وبالاضافة لخدمات مطولة نوعا ما و100 شخص حصلوا على استشارات سريعة والمشكلة أن المريض النفسي عنده فكرة أن العلاج النفسي مثله مثل العلاج الدوائي بينما بعض الامراض تحتاج لسنوات مطولة وهذا يشعرهم بالملل ولعدم المتابعة الذي يعطي نتائج عكسية وبعض المرضى يريدون التحسن بينما بعد مرة أو مرتين من القدوم إلينا وعندما لا يحصل التحسن ينسحب, هناك حالات كثيرة تراجعنا بعد الشفاء وهناك أزواج لديهم خلافات وبعض الأسر تشكو من اطفالها نعطيها خدمات سريعة . لماذا يعتبر المرض النفسي برأيك تهمة نبتعد عن الاعتراف بها? إن هذه المشكلة موجودة حتى في أوروبا ونحن نهدف لنشر الوعي النفسي من خلال محاضرات ولكن الحضور قليل . هل أنت مع تقاسم العمل بين الطبيب النفسي والمعالج النفسي ? إن تقاسم العمل في هذا النوع من العمل ضروري جدا وهذا شيء مهم حيث أن التجارب العالمية تدل على هذا التقاسم, ففي كل دول العالم نجد أن الطبيب النفسي يعمل مع المعالج النفسي ومع المرشد الاجتماعي وكلهم يشكلون فريقا واحدا للوصول بالحالة لبر الأمان. هل وزارة الصحة مقصرة بإعطاء التراخيص وتوصيف مهنة المعالج النفسي ? أجد أن الوزارة معذورة لأنه حتى الآن لم تحدد الجهة التي تعطي هذه التراخيص,ونحن الآن كمجلس ادارة من اولوياتنا حتى نهاية هذا العام توصيف مهن المساعدة النفسية ووضع مقترح بهذا الخصوص تحت يد الجهات المختصة . جولة ميدانية في مشفى المواساة التقينا ببعض الاطباء اثناء قيامهم بالعلاج لبعض المرضى وأكد هؤلاء أن وجود المعالج النفسي الذي يعمل تحت اشراف الطبيب النفسي ضرورة لابد منها لاستكمال العلاج. فقد حدثنا الدكتور مهند قنطار و د. موسى مثقال و د. غيث صالح قائلين: العيادة النفسية في المواساة خصص لها 8 أسرة وتعمل يومين في الأسبوع ويزور العيادة بحدود 30 -40 مريضاً بالأسبوع ولكن لضيق الوقت لا يوجد علاج كامل بالجلسات لذا لابد من مشاركة المعالج النفسي. صحيح أن الطبيب النفسي هو الذي يشخص المرض ويعالجه دوائيا ويضع خطة العلاج وفي حال وجود ضرورة ولا يكفي العلاج الدوائي ولابد من مشاركة المعالج وللمشاركة بالعلاج وهذه هي الطريقة الصحيحة لمصلحة المريض للوصول به للشفاء وأكثر ما نعاني منه من الصعوبات هي نظرة المجتمع للمرض النفسي . د. حسام الدين محمد قال: وحسب النظام العالمي نحن بحاجة لمعالج نفسي لاستكمال العلاج ولكن شرط أن يكون مدربا ويكون عمله تحت اشراف الطبيب النفسي. في الختام.... نرجو من الجهات المختصة أن تنظر لهذه المشكلة بعين علمية وواقعية أكثر وألا يبقى الوضع معلقا خصوصا أن الجميع أكدوا أنه لابد من العمل المشترك وحسب النظام العالمي ..
|