حيث يبلغ إنتاج المؤسسة العامة للاسمنت 4,8 ملايين طن سنوياً,أما الاحتياج السنوي يقدر ما بين 7 إلى 8 ملايين طن وبالتالي النقص الحالي يبلغ 2-3 مليون طن جزء من هذا النقص يغطى عن طريق الاستيراد بواسطة مؤسسات الدولة مؤسسة التجارة الخارجية(معادن) ومؤسسة التجارة الداخلية (عمران) وقد سمحت الدولة باستيراد هذه المادة من قبل القطاع الخاص للمساهمة في زيادة الكميات المستوردة لتغطية احتياجات السوق المحلية,ورغم ذلك مازالت أزمة الإسمنت مستمرة,وأسعار الإسمنت بالسوق السوداء في تزايد ما يعني أن كميات الإسمنت المستوردة سواء من القطاع الخاص أو العام لم تكن بالكميات الكافية لسد هذه الثغرة حيث لاتتجاوز بأحسن حالاتها واحد مليون طن وبالتالي النقص قائم والأزمة قائمة,يضاف إلى هذا الموضوع احتكار مادة الإسمنت من قبل تجار الإسمنت وسوء أسلوب التوزيع المعمول به في مؤسسة عمران كل هذه الأسباب تتشارك من أجل استمرار الأزمة وتحصيل أكبر عائد مادي للمستفيدين في هذا المجال سواء كانوا تجاراً أو متعاملين معهم.
ومن اللافت للنظر أنه أي كمية يحتاجها المواطن يستطيع تأمينها بأسهل ما يمكن,فيما إذا دفع السعر المعمول به في السوق السوداء فمن أين هذه ا لكمية قد توفرت?! واللافت أكثر أيضاً أن كميات السوق السوداء التي تباع في الأسواق هي حصراً من إنتاج معامل الدولة.
فكيف يحصل عليها هؤلاء التجار?!
ومن هنا نؤكد أن التوزيع الخاطئ هو سبب رئيسي في وجود سوق سوداء هذا يعني أن الاسمنت يعطى لمن لا يحتاجه وفق النظم المعمول فيها حالياً ولا يعطى لصاحب الحاجة, وقد منع نظام التوزيع المعتمد الشريحة الأساسية من الحصول على الإسمنت وهي الشريحة الكبرى في المجتمع التي تحتاج مادون 2 طن ومثال ذلك (منع الشريحة الهامة من الحصول على الإسمنت واستفادة أصحاب الرخص وهذا ا لأخير يبيع الإسمنت لتلك الشريحة ا لكبرى.
إذا كيف يمكن القضاء على السوق السوداء ?
للقضاء على السوق السوداء يجب تأمين مادة الإسمنت للشريحة الكبرى من المجتمع ذوي الاحتياجات القليلة من 2طن ومادون وهم ذاتهم إن لم يحصلوا على المادة سوف يبحثون عنها لدى التجار وأصحاب الرخص والمتعهدين الذين يستطيعون تأمين المادة وفق رخصهم بكميات كبيرة. يستعملون جزءاً منها في أعمالهم والجزء الآخر يتم بيعه في السوق السوداء.
والنقطة المكملة الأخرى للقضاء على السوق السوداء هي الاستيراد لتغطية حاجة السوق وتعادل العرض والطلب ولكن هل استطاع القطاع الخاص أن يستورد المادة للسوق المحلية وهل له مصلحة في ذلك?
ربما يكون الجواب بالنفي استناداً لسببين رئيسيين الأول أن المستورد لا يقبل بأية خسارة في عمله والسبب الآخر أن كميات الإسمنت التي سوف يتم استيرادها هي من دول الجوار( تركيا-لبنان- الأردن- مصر..الخ).
ومن المعروف أن الفائض المتاح لدى هذه الدول مجتمعة لا يتعدى 1 مليون طن سنوياً هذا إذا اعتبرنا أن كل الفائض سيأتي إلى سورية بينما أمامه أسواق أخرى العراق على سبيل المثال,وبالتالي فإن المنطقة كلها ليس لديها كميات كبيرة من الإسمنت ليتم استيرادها ومن هنا كان قرار الحكومة غير صائب بتخفيض رسم الجمارك من 23-47 إلى 3 % وكأن المشكلة في الرسم الجمركي,بينما المشكلة في عدم توفر المادة في الدول المجاورة وبالتالي تخفيض الجمرك لن يؤدي لنتائج جيدة,ولا سيما أن تخفيض الرسم الجمركي على مادة -الكلينكر التي هي أساس مادة الاسمنت من 10 إلى 1% بأنه سيدعم حل أزمة الإسمنت وكأن الكلينكر مادة تنتج من الإسمنت وليس العكس (أي أنه إذا توفر الإسمنت توفر الكلينكر.
من كل هذا نستنتج أن حل أزمة الإسمنت لا يمكن إلا أن تكون عبر إنشاء مصانع الإسمنت وهذا الحل معروف منذ أكثر من 15 عاماً ولا توجد أية جهة تبادر وضع ا صبعها على الجرح إلا بعد أن استفحلت الأزمة حالياً 2005 وبدأنا نفكر بالحلول الوقتية والتي لا تجدي نفعاً وإن إضافة مصانع اسمنت جديدة لا يتم إلا بأحد طريقتين إما عن طريق الدولة أو القطاع الخاص وقد جرب القطاع الخاص وأعطي فرصة منذ عام 1991 أثناء صدور قانون الاستثمار رقم 10 وحتى تاريخه لم تبدأ أي خطوة عملية من قبل أي مستثمر قدم للحصول على ترخيص علماً بأنه رخص لأكثر من 40 مصنعاً منذ عام 1991 حتى 2000 وقد رخص من عام 200 وحتى تاريخه لأكثر من 20 ترخيصاً وكلها لم تتخذ أي خطوات عملية لأسباب عديدة, ربما تكون لجهل كافة المستثمرين بصناعة الإسمنت وقياسها بالمصانع التحويلية الأخرى ولم يلحظ الفارق الكبير بين تلك المصانع ومصانع الإسمنت ,وإذا كانت الدولة لا تريد إنشاء مصانع اسمنت جديدة فما عليها إلا أن تقوم بتطوير المصانع القائمة,لكن بكل أسف نلاحظ ذهاب الدولة بتوجه الدولة إلى إعطاء المصانع القائمة للقطاع الخاص كمستثمرين للمصانع علماًًًً أن هذه المصانع لم تعاني من أي مشكلة وتقوم بتحقيق الخطط الإنتاجية فما الضرورة لعرضها للاستثمار وهي لم تتعثر في يوم من الأيام?!.