تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ندوة...الندوة الفكرية «إشكالية العلاقة بين الحداثة والتحديث»...المشاركون: تأكيد على دور الإنسان المثقف والفاعل بالتفكير العلمي

ثقافة
الخميس 28-11-2019
فاتن أحمد دعبول

للحداثة وجوه متعددة لاتقتصر على جانب واحد من جوانب حياة الفرد والمجتمع، إنهاعملية تتسع لتناول الاقتصاد والسياسة والنظام الاجتماعي بأسره.

أقامت وزارة الثقافة ضمن احتفاليتها «الثقافة.. ذاكرة وطن» الندوة الفكرية تحت عنوان «إشكالية العلاقة بين الحداثة والتحديث» للوقوف عند أهم المفاهيم وتطوراتها وتلك العلاقة الإشكالية بين مفهومي الحداثة والتحديث، وتأثيرهما على المجتمع وطرائق تفكيره، وترأس الجلسة الأولى الأستاذ نذير جعفر، وكانت بعنوان «الحداثة والثقافة».‏

والحداثة تعتمد في مضمونها على التقدم العلمي والتكنولوجي، ولايمكن للحداثة أن تقوم بذاتها، بل هي بحاجة دائما إلى الإنسان المحدث والمنفعل بها والذي يتصف بالتفكير العلمي والابتعاد عن الخرافة، ومن هنا جاءت الندوة بمحاورها المختلفة تلبية لاحتياجات ثقافتنا الوطنية.‏

الغاية.. تطوير البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية‏

وكانت البداية مع د. عاطف بطرس في شرحه لمفهوم الحداثة ومراحل نشأتها، وبين أن موضوع الحداثة احتل مساحات كبيرة من جهود المشتغلين في حقول الفلسفة وعلم الاجتماع والفنون على اختلاف أنواعها، وأصبح مادة للمناقشة والخلاف والاختلاف وتعدد الآراء ووجهات النظر والتحيز والانحياز.‏

وقبل أن يبدأ بمقارنة الموضوع تاريخيا حدد المقصود من الحداثة ليبعد اللبس مع ماقد يخالطه من مفاهيم أخرى مثل التحديث والتطور والتقدم، وهي عمليات لايمكن إيقافها وقد أصبحت شرطا لازما للدخول في الزمن الحالي أو مايسمى المعاصرة.‏

يقول: التحديث فعالية سياسية اجتماعية تروم تطوير البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وله سمات وخصائص يحددها المكان والزمان وطبيعة القوى المنجزة له والداعية إليه.‏

أما الحداثة فهي قطيعة معرفية ورؤية فلسفية وثقافية جديدة للعالم أعادت موضوع الإدراك الإنساني للكون والطبيعة والاجتماع البشري على نحو نوعي مختلف أنتج منظومة معرفية وثقافية واجتماعية جديدة هي نفسها تكنت باسم الحداثة، وهي نتاج غربي كما هو قارّ ومتعارف عليه يشير إلى سيرورة تاريخية.‏

شركاء في بناء الوطن‏

ويطرح الباحث محمد الحوراني في محاضرته التي عنونها «الثقافة ودورها في عملية التغيير والنهوض» سؤالا هاما وهو: من هو المثقف القادر على التغيير وإحداث حركة نهضوية تنويرية وفق معايير معاصرة وأفكار راهنة؟ ليصل إلى إجابة طرحها عبد السلام زاقود في كتابه «المثقفون.. جدلية النخبة والفشل» يقول: «المثقف هو الشخص الذي يحمل قدرا معرفيا يتجاوز حدود تخصص، يؤهله لإنتاج المعرفة فينتجها ويحسن وظيفتها ليبلغ بذلك مرتبة يصبح معها قادرا على التعاطي دون انحياز مسبق، وتتوقف صلته بالأفكار على مدى صمودها أمام النقد».‏

وانطلاقا من هذا التوصيف للمثقف يقول الحوراني: يصبح المثقف هو الأقدر على تشكيل صورة ذهنية للكون برمته» الإنسان والمجتمع» وفق منهج التعاطي الموضوعي الذي يحول دون التعصب إلا للوطن.‏

ولكن ندرة المثقف بمفهومه الحقيقي لاشك يؤدي إلى انعدام الأثر التغييري للثقافة في مجتمعاتنا، ويضعنا في مرحلة مفصلية وعلى مفترق طرق خطيرة تواجه فيه الأمة بثقافتها وتربيتها وأخلاقها منعطفا بزاوية قائمة قد ينهيها.‏

ويؤكد بدوره أنه ينبغي على المثقف أن يكون الأقدر على قبول المختلف من أبناء وطنه الخلص والحريصين على وحدته وقوته، والتعاطي الإيجابي مع المختلف بل واحتوائه، ليقينه بأن الجميع شركاء في بناء الوطن وتحقيق التنمية الشاملة والنهوض الثقافي والمعرفي الحقيقي.‏

الحرية والتجديد‏

وعن دور المثقفين في نشر الحداثة، بّين مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب أنه من المفارقات التي يجب ذكرها هي أنه ومنذ حوالي نصف قرن يطرح مفهوم الحداثة الذي لم يأت من فراغ، وهي كلمة حاسمة لكنها مربوطة بتعاريف قابلة للتغيير، وقد استخدم المصطلح نظير الرومانسية لتوحي بالمزاج العام الذي يعتري فنون القرن العشرين.‏

فالقديم هو الحداثة عند بعض المعاصرين، وهذا يعني أن يكون التأويل من خلال الصراع بين القدماء والمحدثين بمعنى مد جسر بين القديم والحديث، وفي النهاية الحداثة حالة متميزة من الإبداع وهي صفة مقترنة به حتما، والحداثة تعني الحرية والتجديد.‏

إنتاج.. بناء.. إبداع‏

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها د. عاطف بطرس، كان محورها حول «الحداثة والفكر» توقف خلالها د. هاني الخوري عند «طرائق التفكير الحداثية في العقل العربي» وبين أن التفكير في عالم الحداثة تطور باتجاه التفكير المنطقي والعلمي والتفكير النقدي والتحليلي والتفكير وفق السياق التاريخي بما دعي التاريخانية والمعقولية التاريخية، ومنها انطلق عصر التنوير في أوروبا وأدى إلى إعادة فهم العالم وقراءة التاريخ والعلوم.‏

عقل وعلم‏

ويبين أ. نبيل نوفل في محاضرته «الفكر العربي والحداثة» أنه لاجدال في أن الفكر الحضاري الإنساني الراهن، حائر في إعادة تقويم مسيرته التنموية اللازمة لتعزيز بقاء الوجود البشري كله، حيث تقوم صراعات مدنية ضارية لم نزل نحن العرب نكتوي بنارها حتى اليوم.‏

ويخلص بدوره إلى أننا نريد الحداثة التي لاتجعلنا مجرد نواطير لمزارع الاستثمارات الأجنبية، ونريد التخلص من الذين يحاولون أن يلقوا بنا في أحضان الغرب، وفي الآن نفسه مقاومة الذين يصرون على الانغلاق والتقوقع ورفض التواصل مع الآخرين وبقائنا في الكهوف والظلمات والتخلف أسرى فكر الأموات.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية