تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فلسطين.. موعد مع نكبة ثانية أم انتفاضة ثالثة؟!

شؤون سياسية
الأحد 29-9-2013
 عبد الحليم سعود

يؤمن الكثيرون وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني ومناضلوه ومفكروه أن المفاوضات الجارية بين السلطة الفلسطينية وحكومة الاحتلال برعاية الولايات المتحدة الأميركية ما هي سوى محاولة جديدة لتصفية القضية الفلسطينية ونسف حقوق الشعب الفلسطيني، وعملية استغلال مكشوفة للظروف التي تمر بها المنطقة لتمرير المشروع الصهيوني، وهي تذكر إلى حد بعيد بالمفاوضات التي سبقت انتفاضة الأقصى عام 2000 وكانت سبباً مباشراً في انطلاقتها.

ويرى البعض بأن أحد الأسباب الرئيسية لحرص واستماتة واشنطن وتل أبيب على استئناف التفاوض مع السلطة الفلسطينية هو خشيتهما من اندلاع انتفاضة جديدة في الأراضي المحتلة، لاسيما وأن الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في ظل الاحتلال وإجراءاته القمعية ومشاريعه الاستيطانية والاستفزازات اليومية التي يقوم بها المستوطنون في القدس المحتلة واعتداءاتهم المتكررة على المسجد الأقصى تدفع الفلسطينيين جدياً للتفكير بالمقاومة أكثر من أي حل آخر وتفجير انتفاضة جديدة تعيد للقضية الفلسطينية البريق الذي فقدته في دهاليز التفاوض والصفقات المشبوهة التي يعكف عليها بعض حكام الخليج والجامعة العربية على حساب مصالح الشعوب العربية وقضايا الأمة العربية.‏

ويتساءل البعض بحرقة وألم ما الذي يدفع السلطة الفلسطينية الضعيفة والمعزولة إلى حلبة التفاوض مجدداً وهي التي جربت كل ألاعيبه وخدعه مراراً وتكراراً وذاقت عذاباتها وعاشت إخفاقاتها في مرات كثيرة ودفع شعبها أثماناً باهظة لسياسة التنازل والتفريط عن الحقوق، في الوقت الذي تنشغل فيه المنطقة بقضايا مصيرية تترك أثرها المباشر على القضية الفلسطينية ولاسيما الأزمة في كل من مصر وسورية وهما الدولتان الأقرب إلى هموم الشعب الفلسطيني، بينما الواقع الفلسطيني والعربي في غاية التشرذم والتمزق والضعف، ألم يكن الأجدى بهذه السلطة أن تتروى قليلا قبل أن تنجر إلى طريق التفاوض العبثي المليء بالمطبات والأفخاخ..؟!‏

في الطرف الآخر تبدو إسرائيل ومعها حليفتها واشنطن مرتاحة جداً لهذا التوقيت وقد اختارت حكومة نتنياهو المتطرفة والمعادية للسلام الوقت المناسب لتمرير مشروعها الاستعماري الاستيطاني، واستكمال عملية تهويد القدس المحتلة ومن ثم إعلان الدولة اليهودية المنشودة، فشركاؤها في التفاوض منقسمون على أنفسهم في الداخل، وبعضهم متورط في الحرب على سورية وجزء منهم دخل حلبة الصراع الدائر في مصر، وبعضهم باع القضية وبات جزءاً من اللعبة السياسية في أماكن النزوح واللجوء، والعرب ـ العرب الرسميون ـ مشغولون في محاولة تدمير سورية وإخراجها من الصراع العربي الصهيوني، وإضعاف مصر وإشغالها بأزماتها وحروبها الداخلية، وكذلك استعداء إيران وجر المنطقة إلى الفتنة والتقاتل الطائفي والمذهبي لحساب الولايات المتحدة وإسرائيل، فهل تنتظر إسرائيل ظرفاً أنسب وأثمن من هذا الظرف لكي تنقض على حقوق الشعب الفلسطيني وتلتهمها تحت عناوين سياسية..؟!‏

ولا شك أن السلطة الفلسطينية تدرك قبل غيرها أن أميركا لم تكن ولن تكون في يوم من الأيام راعيا نزيهاً للتفاوض بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولا حريصة على الحقوق الفلسطينية وهي التي تهددهم بالعقوبات والحصار، في مقابل مجاهرتها بالتمسك والدفاع عن أمن ومستقبل ومصالح وتفوق إسرائيل، كما تدرك السلطة بأن إسرائيل المخادعة تتخذ من المفاوضات وسيلة لتمرير الوقت وذريعة لترسيخ احتلالها وفرض سياسة الأمر الواقع التي تناسبها، وفوق كل ذلك تدرك السلطة أن الأسرة الدولية في الوقت الراهن عاجزة عن إلزام إسرائيل بأي تعهدات أو التزامات يمكن أن تفرزها المفاوضات والدليل الحي هو اتفاق أوسلو الذي بات حبراً على ورق بالرغم من عدم تلبيته للحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، ما يعني أن سلطة رام الله تفاوض دون ضمانات ودون أي دعم وطني أو عربي أو دولي ولذلك لن يكون بمقدورها رفض ما يعرض عليها أو تلقف ما يرمى لها من فتات مهما كان مجحفاً.‏

فإسرائيل أعلنت شروطها قبل التفاوض، فهي منذ البداية رفضت حل الدولتين، وتتعامل مع الدولة الفلسطينية المقترحة ككيان مقطع الأوصال منزوع السلاح والسيادة يعيش تحت رحمة الاحتلال في اقتصاده ومياهه وأجوائه وأمنه، كما رفضت الانسحاب إلى خط الرابع من حزيران عام 1967 رغم أنه لا يعطي الفلسطينيين سوى 22 بالمئة فقط من فلسطين التاريخية، وهي ليست على استعداد لوقف غول الاستيطان الذي التهم الجزء الأكبر من القدس المحتلة وأراضي الضفة الغربية، كما أنها ترفض عودة اللاجئين وفوق كل ذلك تفكر بتهجير ما تبقى من عرب ال48 لاستكمال مشروع يهودية الدولة الصهيونية، أي أن نكبة ثانية سيتجرعها الفلسطينيون في حال استمرت المفاوضات بهذه الشروط المجحفة والعقبات الكأداء وتحت الرعاية الأميركية..لذلك هم مدعوون لتفجير انتفاضة ثالثة توقف هذه المسرحية العبثية التي من شأنها تصفية قضيتهم وهضم حقوقهم، وإذا لم يكن هناك بد من الذهاب إلى المفاوضات فليكن من موقع القوي المنتصر وليس من موقع الضعيف المهزوم..!!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية