تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


من يدعم الديمقراطية لا يقدم السلاح للإرهابيين.. هولاند مثالاً!

شؤون سياسية
الأحد 29-9-2013
 منير الموسى

كل الدول الصاعدة والمناوئة للهيمنة الاستعمارية، التي تعرف أن أميركا تخوض حروبها بالوكالة تحت أسماء وذرائع مختلفة تقول إن سورية تواجه عصابات إرهابية، بينما الرئيس الفرنسي هولاند مازال يتحدث حتى الساعة عن أنها حرب من اجل الديمقراطية.

التناقضات البلاغية بين معسكر العدوان على سورية تشير إلى أن أميركا أظهرت بوضوح أهداف حربها التي تشنها بالوكالة على سورية، على حين أن هولاند الذي أظهرت اقتراعات الرأي الفرنسية أنه وصل إلى أدنى مستوى من الشعبية في فرنسا. فهو يقاتل على عدة مستويات: إعادة الحياة إلى شعبيته وإخفاء فشله في قيادة إحدى أهم دول أوروبا وزجها في حرب لا ناقة له فيها ولا جمل، وقد اعترف وزير خارجيته أكثر من مرة بتسليح الإرهابيين في سورية. التغطية على نهاية حقبة الأطماع الاستعمارية الفرنسية التي خبت قليلاً بعد الحرب العالمية الثانية بسبب ظهور لاعبين دوليين كبار، والتي بدأت الآن بالأفول مع مخاض ظهور نظام عالمي جديد يجنح نحو القانون الدولي. ثم البحث عن مكان آخر لفرنسا في الشرق الأوسط المتجدد على أنقاض اتفاقية سايكس بيكو، ما يعني أن زمن الأقطاب المتعددة الجديد سيحاول إيجاد سلام عادل ودائم وأن طرفي تلك الاتفاقية التي قسمت المنطقة منذ عام 1916، أي فرنسا وبريطانيا أصبحتا تفتشان على مخرج بين الأنقاض، للدوران في فلك دول عظمى جديدة، يجب عليهما الإسراع بالإمساك بتلابيبها قبل السقوط.‏

فقد أبرمت فرنسا وبريطانيا معاهدة لانكستر القائمة على الشراكة الدفاعية بينهما عام 2010 بزعم الحفاظ على مكانتهما العسكرية بين الدول الكبرى، ولكن أيضاً من أجل تدعيم قواهما الاستعمارية، وهي المعاهدة التي وقعت خصيصاً استباقاً للربيع العربي الذي كانتا تنتظرانه، ولتساهما معاً في إثارة الاضطرابات في ليبيا وسورية، وجهزتا ملايين الإعلام في معامل الخياطة الأوروبية وغيرها منذ بداية ذاك العام لتقديمها لمسلحي ليبيا ولإرهابيي سورية على أنها أعلام ثورة. ويكفي أن نلحظ ما يرمز له العلمان اللذان حملهما الإرهابيين في ليبيا وسورية باسم الديمقراطية لنعرف أن وراءهما المستعمرين السابقين. وبمساعدة من قطر والسعودية وبتمويل منهما شهد البلدان توافد الآلاف من مرتزقة وإرهابيي حلف شمال الأطلسي ولم يكن الهدف قلب حكومات وتغييرها، بل أيضاً تحديد مستقبلها وسم الخطوط التي يجب أن تسير عليها، واختيار قادة محليين لأدارتها لمصلحة الغرب، مثلما يدير أمراء الخليج دولهم لحسابه، واستبدال الدولة العلمانية الراعية لمواطنيها بالدولة التكفيرية المتطرفة الفاشلة، ففي ليبيا اليوم كل شيء فاشل ما عدا المؤسسات النفطية.‏

حكومة هولاند في فرنسا لم تنجح حتى في توحيد المشارب السياسية المختلفة حولها وربما خسرت 95% من شعبيتها، وبالمقابل فإن أغلبية من السوريين تؤيد قيادتها ومصالح بلدها، ومع ذلك يكذب هولاند بالقول إن الحرب في سورية سببها الديمقراطية، وهو يعطي المقدمات ليفهم شعبه بأن على الغرب أن يحمل الديمقراطيين السوريين إلى سدة الحكم. وهؤلاء الديمقراطيون حفنة من شذاذ الأفاق الذين أحرجوا أسيادهم في أميركا، في كل المناسبات، بسبب تصريحاتهم المتناقضة وجهلهم ونفاقهم وكذبهم الذي تابعناه على مدى أكثر من عامين على وسائل الإعلام المتصهينة وعلى المنوال نفسه الذي يكذب فيه حكام الغرب على شعوبهم والذين سفكوا دم الحقيقة مثلما أيدوا سفك دماء أبناء سورية وهذه الحقيقة الناصعة هي أن الديمقراطي الحقيقي هو الشعب السوري وحده، والذي اصطف مع دولته السورية المستقلة ومع قيادته، دفاعاً عن مؤسساتها وعن إقليمها وقدم الغالي والنفيس ليحافظ عليها.‏

فمن يزعم أنها حرب من أجل الديمقراطية لا يسلم للإرهابيين السلاح لقتل الأبرياء بهمجية ووحشية، والحجج الإنسانية والديمقراطية لتسويغ التدخل العسكري واهية جداً بنظر كل الشعوب العربية التي رأت تجارب أفغانستان والعراق وليبيا، وعرفت أن حلف العدوان على الأمة العربية هو صورة جديدة عن الاستعمار القديم الذي يريد الامتيازات والهيمنة على آبار النفط والمواد الأولية. وأيضاً من يتباكى على أمن إسرائيل ليلاً ونهاراً وينسى آلاف الفلسطينيين ممن شردوا من ديارهم ويتناسى ما يجري في الأراضي العربية المحتلة، ويتناسى ما يجري في الدول الإفريقية الفرانكفونية لا يحق له أن يتحدث عن الديمقراطية. وسياسات الغرب تجاه البلدان الأخرى المراد نهب خيراتها أشبه بسياسات المتسول البلطجي الذي إن لم تتصدق عليه يقم بقتلك لسرقة مالك، وقد نسي المستعمران الفرنسي والانكليزي حجم الآلام التي تسببا بها للشعوب في فورة نهمها الاستعماري، ومع أن الجنوح نحو النهب الاستعماري غدا تقليداً سياسياً فرنسياً، إلا أن التراث الفكري الفرنسي برمته كان بعيداً عن نوازع استعباد الآخرين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية