يتطلبان إنهاء الازدواجية في حياتنا، إذ شتان بين ما نعرفه عن حقيقة الغزو الحضاري المتمثل في الصهيونية، والذي تقف وراءه الإمبريالية العالمية، وبين أوضاعنا التي كانت طوال العشرين سنة الماضية لا تشكل أي مقاومة فعلية في وجه العدوان المستمر، وإنما هي على العكس من ذلك، تشجع العدو على التمادي في عدوانه.
إن الغزو الحضاري الذي نتعرض له، والذي يتم وفق مخطط مدروس وموضوع مسبقاً، وخلال معركة قدر الخصم أنها طويلة، إن هذا الغزو يستوجب تحقيق مجتمع المقاومة والصمود.. المجتمع الذي يمتلك مقدراته وكافة الوسائل التي تمكنه من الاعتماد علي نفسه، دون أن يقع في أي شرك اقتصادي يجعله أسير السياسة الاستعمارية التي تخدم الصهيونية بالضرورة.. المجتمع الذي يستطيع أن يتسلح بكافة الأسلحة وأن يتخذ كافة الإجراءات التي تمكنه من إحباط أي عدوان جديد إحباطاً تاماً، ومن ثمتمكنه من أن يبدأ معركة النصر.
إن مجتمع المقاومة الذي نناضل في قطرنا العربي السوري من أجل تحقيقه بأقصر وقت ممكن هو نقطة الانطلاق نحو النصر الحقيقي الكامل، ولابد من إحكام الحصار حول العدو الصهيوني، وهذا الحصار لا يقتصر على المقاطعة وعلى حشد الجيوش، وإنما يتجاوز ذلك إلى تحقيق الاعتماد على النفس وسد كافة الثغرات بمختلف أسمائها وأشكالها.
والتي ينفذ منها الاستعمار والصهيونية، إذ إن إسرائيل كانت دائماً تعتمد بالدرجة الأولى على واقع مجتمعنا العربي المجزأ جغرافيا.. الممزق اجتماعياً وسياسياً.. والمكبل بالقيود الاستعمارية المباشرة وغبر المباشرة.. اقتصادية كانت أم ثقافية.. عسكرية أم سياسية.
وهكذا فلابد من إنهاء كل وجود ونفوذ للدول الاستعمارية التي تقف وراء العدوان وتنتفع به، ولابد من تحقيق شكل متقدم من أشكال الوحدة بين الأقطار العربية المتحررة التي تملك حرية الحركة، وأن تكون الجماهير المنظمة العمود الفقري لهذه الوحدة.
إن قضية المقاومة والتحرير لا يجوز أن تبقى فكرة مجردة تتجافى مع الواقع العربي بمختلف جوانبه وعلى كافة مستوياته، وإنما علينا أن نوفر كل شروط النصر للمعركة التي يجب أن ننصرف إليها كلياً.
إن جزءاً بسيطاً من الطاقات العربية الكامنة المهدورة إذا ما أحسن استغلالها لصالح المعركة يكفل انهاك العدو، ويعطل كل مشاريعه القائمة، ولقد تأخرنا كثيراً في استغلال هذه الطاقات، بل لقد كان عدونا يحاربنا بها، وقد آن الأوان كي تتحول إلى صدره.
إن قطرنا المناضل يسير في هذا الطريق، وليست مقاطعة دول العدوان، واستغلال ثرواتنا وطنياً، والاتجاه نحو الطاقات البشرية الهائلة وتوعيتها وتنظيمها وإشراكها في كافة مجالات العمل، ثم أسبوع زيادة محصول القطن ويوم التحصين اللذين حشدت لهما أعداد وإمكانيات كبيرة، وساهم بهما كافة المسؤولين في الحزب والدولة.. ليست كل هذه الأمور وسواها إلا سبيل ثورتنا إلى توفير شروط النصر الكبير.
السبت 13/4/1968