وفي سورية تم إدخال الانترنت في الجامعات ليصبح بإمكان الطلاب استخدامه في وقت قد لا يتوافر لدى عدد منهم وسيلة اتصال مماثلة في بيوتهم.
الزميلة رزان عمران من وكالة سانا وفي النشرة الصحية قالت إن الدكتور عمار مشلح الأستاذ المساعد في قسم طب الفم بكلية طب الأسنان بجامعة دمشق أجرى دراسة حديثة حول التعليم الإلكتروني في طب الأسنان واستخدام طلاب الكلية للانترنت عموما حيث بينت الدراسة ان الإنترنت بات واسع الانتشار في جامعة دمشق وانه بالنسبة لبعض طلاب كلية طب الأسنان فان إنترنت الجامعة هو وسيلتهم الوحيدة للتواصل مع هذا العالم لعدم وجود هذه الوسيلة في أماكن سكنهم.
ورأى الدكتور مشلح في حديث لنشرة سانا الصحية أن الإنترنت الذي يعد جزءا من العصر الرقمي الحديث هو موضع حماس اكبر من الأجيال الشابة في مقابل الأساتذة الجامعيين الذين هم أقل ارتياحا لاستعماله مبينا ان للإنترنت فائدة كبيرة في توسيع آفاق المعرفة حيث يستعمل الانترنت لتثقيف المريض وزيادة ثقافة الطبيب إضافة إلى التواصل بين الممارسين والوصول إلى التطورات الحديثة والمنتجات السنية وتسويق الخبرات والمعارف السنية.
وأوضح انه رغم ميزات التعليم الإلكتروني كوسيلة تعليم الا انه لا يوجد تشجيع كاف للتعلم من خلال صفحات الويب في مجال طب الأسنان لاسيما فيما يخص التعليم المستمر مشيرا إلى أن دراسته خلصت إلى أن طلاب السنتين الثالثة والرابعة من مستخدمي الإنترنت لا يستعملونه في كل الأوقات حيث إن نسبة 57.5٪ منهم لا تجد وقتا كافيا في حين يبرر 12.7٪ عدم استخدامهم بكثرة للانترنت بقلة خبرتهم ونسبة 7٪ بوجود فيروسات وغيرها من المشكلات التقنية.
وبين أن نتائج الدراسات أظهرت وجود 42.5 % من الطلاب الذين يستخدمون الإنترنت في منازلهم وأن دراسة سابقة لباحثين آخرين أظهرت أن 53٪ من طلاب الكلية لا يملكون خدمة إنترنت في منازلهم وكذلك الحال بالنسبة لـ 68٪ من أساتذة الكلية.
ووفقا لدراسة الدكتور مشلح يوجد تقبل للوسائل التعليمية المعتمدة على الانترنت أكثر من الوسائل التقليدية إلا أن الطلاب يميلون لاستعمال الإنترنت للتسلية والترفيه بنسبة 60٪ بالمقارنة مع الأغراض التعليمية في طب الأسنان وهو ما يتفق مع دراسة سابقة.
واعتبر الدكتور مشلح أن عوامل مثل موقف الطلاب من استخدام الانترنت للتعلم والثقة به والتجارب المأخوذة من صفحات الويب يحتمل ان تؤثر جميعها على التطور ونجاح التعليم بهذه الوسيلة مشيرا إلى أن الطلاب يميلون عموما إلى تقبل المعلومات على الانترنت حيث وصف الطلاب موضوع البحث غالبية المعلومات المتوافرة بمنهج طب الأسنان بأنها مناسبة إلا أن هناك جدلا حول مدى ملاءمتها ودقتها لأبحاثهم.
وقال الأستاذ المساعد في قسم طب الفم «إن هناك صعوبة في نصح الطلاب باستخدام الانترنت فهو يتطلب تجربته أولا كوسيلة تعليمية إلى جانب ضرورة جعل المواد التعليمية متوفرة على صفحات الويب ليطلع عليها الطلاب فيها وهو أمر أظهرت دراسة سابقة أن أغلب أساتذة الكلية لم يتقبلوه إذ رفض 91٪ منهم نشر موادهم التعليمية على الإنترنت».
وأكد الدكتور مشلح انه يمكن لتطور أشكال الموارد التعليمية أن يحسن نظام التربية التقليدي السائد في التعليم العالي في سورية متوقعا ظهور هيكل جديد للتربية وتحولات كبيرة تركز على تدبير التعليم الذاتي للطلاب وان يسمح استعمال الويب في التعليم بفرص أخرى لإضافة قيمة للتجارب التعليمية للطلاب موضحا انه على سبيل المثال سيكون بإمكان الطلاب استعمال الويب للإحاطة وتقييم نوع مصادر المعلومات وأخذ جزء منها في مخطط مناقشة الأبحاث واستعماله لدراسة الحالة للمساعدة في ربط الناحية النظرية بالعملية.
ولفت الدكتور إلى أن الدراسات الحديثة تبين أن الطالب انتقل من دور المتلقي إلى دور الفاعل في تعلم العلوم الطبية والطبية السنية مؤكدا ان الانترنت يمكن ان يساعد في التشخيص من خلال تبادل الصور الشعاعية للاطلاع عليها ويفيد في التعليم عن بعد عبر الاشتراك في الدورات النظرية والسريرية وحضورها عبر الإنترنت علما ان اكثر التخصصات ملاءمة للتطبيب عن بعد هي تخصصات التقويم وعلاج اللثة وعلم أشعة الفم حيث يمكن مناقشة حالات المرضى بعد ذهاب المريض ولا يحتاج لوجوده عند تشخيص وتحليل الحالة.
كما بين الباحث ان لوسائل الاتصال الإلكتروني فائدة كبيرة في حضور الندوات أو المؤتمرات عن بعد إذ يوفر عبء السفر على كثيرين مع إمكانية تسجيل الندوات لمن يتعارض وقته مع وقت انعقادها موضحا ان الكثير من قاعات أو غرف الدردشة الخاصة لأطباء الأسنان موجودة على الإنترنت للتعارف وتبادل المعلومات والخبرات وهو ما يحصل أيضا في حالة القوائم البريدية الخاصة بطب الأسنان والتي يرسل من خلالها المستفسر في سؤاله بالبريد الإلكتروني إلى موقع مجموعة طبية ويتم عن طريق القوائم الإلكترونية إرسال هذا البريد إلى المشتركين للمناقشة بحيث يستطيع من لديه الإجابة الرد على هذا البريد وتعميم الإجابة للاستفادة.
ولا ينكر الطبيب وجود حدود لإمكانيات تطبيب الأسنان عن بعد بسبب الحاجة إلى توضيح أمور عدة كموضوع حقوق ملكية الندوات والمحاضرات وصعوبة تجهيز أدوات التعليم الطبي عن بعد وعدم تقبل البعض لهذه الطريقة لافتقارها إلى التفاعل بين المدرس والطالب وبين الطلبة وشعور الطالب بالعزلة في بعض حالات التعليم عن بعد غير المتزامن واحتياج المستخدم لمعرفة جيدة بتقنيات الحاسوب للتعليم عن بعد.
ومن حدود التطبيب عن بعد أشار الدكتور مشلح أيضا إلى اختلاف القوانين الطبية بين البلدان ما يصعب أحيانا الاستفادة من الاستشارات الطبية إلى جانب عدم وجود قوانين محكمة لاحتمالية حدوث أخطاء طبية نتيجة نقل المعلومات عبر تقنيات الاتصالات موضحا ان التعامل المادي مع التشخيص الطبي عن بعد أمر صعب حيث لم ينظم موضوع التعامل مع التأمين الطبي أو إمكانية تغطية تكلفة العلاج.
واقترح الدكتور مشلح في ختام الدراسة التوسع في موقع كلية طب الأسنان في جامعة دمشق وأقسامها لاستيعاب تقنيات نقل المعلومات والمحاضرات العلمية وأبحاث الأساتذة وأبحاث الماجستير والدكتوراه وإجراء مزيد من الدراسات لاستبيان آراء أعضاء الهيئة التدريسية حول وضع محاضراتهم على مواقع الويب وحول الثقة بالمعلومات المتاحة عبر الانترنت الى جانب إجراء دورات تدريبية مجانية مكثفة في المعلوماتية وتقنيات المعلومات والتعليم الإلكتروني وربط الكلية مع بقية كليات طب الأسنان في سورية ومحيطها الإقليمي بشبكات لتبادل المعلومات والخبرات متوقعا مستقبلا بلا حدود للتطبيب والتعليم الطبي عن بعد خاصة عند زيادة التقنية المساندة لذلك.