ويضيف، بمنطوق حكمة قديمة اخرى تقول: لاتهتم بأن تترك هذا العالم وانت طيب، انما اهتم بأن تترك وراءك عالما طيباً».
ومعروف عن هذا الكاتب والمفكر السياسي انه صاحب رؤية ثاقبة في شؤون حياتية مختلفة بينها الآثار السلبية للعولمة إضافة الى ماأشرنا اليه فيما يتعلق بالفقر والجوع في العالم، الى حد القول إن الحرب العالمية الثالثة دائرة حاليا ضد شعوب العالم الثالث.
إن قراءة متأنية لأفكار هذا الكاتب والمفكر السياسي، لابد ان تقود القارئ الى الاستنتاج أن ثمة في الساحة الثقافية من يرى الى مستقبل البشرية بنظرة موضوعية، هي أشبه ماتكون بجرس انذار في الوقت نفسه، لما تحمله في ثناياها من عمق التحليل ، وصواب الرأي.
وليس غريبا على انسان اليوم ، بطبيعة الحال، ان يرى، هو نفسه، ايا كان مستواه الثقافي، الى مستقبل البشرية على نحو ما رآه «جون زيغلر» باعتباره ينتمي الى الجيل الذي داهمت ابناءه قضايا حاسمة لم تكن مطروحة عليه من قبل، وبمثل هذه الشراسة إن صح التعبير.
إن مايواجه انسان اليوم، في زحمة الاحداث التي تهدد انسانيته بالدرجة الاولى، تضعه في زاوية الاحتكام الى الفضيلة أو العكس، الى الاستقامة أو الالتواء، الى التماس مايرضي الذات او الغير، وماالى ذلك من المنعطفات التي تختبر جدرانه بأن يكون طيبا فقط او ان يترك وراءه عالما طيبا. انها المعادلة الصعبة فيما نقدر ان يعتمد أحدنا مشاعره الطيبة من دون ان يترجمها الى عمل ويمضي من دون ان يدرك مافعل خلال حياته، وان يكن مثل هذا الامر كثيرا مايحدث، من منطق البحث عن ارواء عطش الذات الى متطلباتها الآنية على حساب تسخيرها يكون العالم من حوله بداية، ومن بعده ثانيا، عالما طيبا.
قد ترتبط هذه المسألة بمستوى العمر، أو الثقافة ، او اتساع التجربة، أو بأسباب وعوامل اخرى ، ولكنها ستبقى هاجسا، وان يكن غير معلن، يؤرق من يرى الى الحياة بمنظار اكثر قدرة على الاحاطة بما هو حوله من مجرد عابر سبيل يسير على قدميه او متنقلا بسيارة ركاب شأنه شأن من يلد ليؤدي وظائف لاتتعدى اقتناص فرص اشباع متطلبات البقاء على الحياة الى حين الرحيل عن دنياه.