تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نافذة.. هل يتحول العرب إلى حكاية موجعة   ..؟!

آراء
الخميس 19-7-2012
سليم عبود

في التاريخ ، كان العربي يعتذر من وردة  أوجعتها  قدمه خطأ، يمنح حنجرته، وقلبه ، وصلواته  للخير ، والرحمة، والعلم ، وبناء الوطن ....

 في هذا الزمن ، تحولت الحناجر إلى أبواق للقتل، والدم،والكراهية ، والصراخ الطائفي ، والمذهبي،والإثني .‏

إننا  لا نجد تفسيراً  مقنعاً للعقل لكل هذا الدم الذي يراق  ، أو سبباً واحدا، لكل هذا الذبح ،والحقد ، والتطبيل   الهمجي الكافر ، أو لنقطة دم لطفل ذبح من الوريد إلى الوريد..‏

لم تعد حياتنا كما كانت من قبل ،   نبتكر زهو الحب، والأمن ، والسلام ، والقيم ، والرحمة ....  للأسف،  باتت حياتنا مرمية ، كتلك الأجساد المقطعة  الملقاة على الطرقات ، وفي مجاري الصرف الصحي .‏

  يتعبني سؤال ، يستيقظ في داخلي كابوساً موجعاً كلما رأيت أكوام الأطفال المذبوحين بدم بارد ،‏

كيف يتجرأ إنسان على قتل  إنسان آخر ؟!‏

كيف يتجرأ بشري أن يقتل طفلاً ، أو أن يغتصب امرأة..‏

كل ثورات الأرض ،  لاتستحق أن يقتل فيها طفل، أو أن تغتصب فيها امرأة, مايحدث ، ليس ثورة ، هذه   جرائم ، مسلسل جرائم ، أبطاله قتلة ، مصابة عقولهم  بفيروس الشر، يصورون الأجساد  ، والأعناق المقطعة ، والبطون المبقورة ، والدماء ، ويرسلونها إلى الجزيرة .‏

  ‏

العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه ،بات بركة دماء، سورية من أقصاها إلى أقصاها ..بركة رعب  ..وساحة دعوات تحريض وشر ..‏

حتى التراب في هذا الوطن الكبير ،  يسكنه    خوف من   الاغتصاب ..‏

المحطات الفضائية ، تجعل الدم في عروقنا يرتفع إلى أدمغتنا المتعبة ، ألم نعد نعتنق ديناً سمحاً ، لايقتل في شرعه  شيخ، أو طفل ، أو امرأة ، أو تقطع شجرة، أو يحرق زرع ، القتلة اليوم ،إنهم   يبتدعون مذاهب جديدة ، وأدياناً جديدة.‏

  ‏

في زمن الربيع العربي ..‏

لم تعد إسرائيل مغتصبة لفلسطين ،  ولم تعد أمريكا عدوة ، ولم يعد الغرب الصهيوني عدواً ، ولا العثمانية  القاتمة كالليل احتلالاً ..‏

نسينا الدماء  التي سفكتها  إسرائيل ، والأرض التي استولت عليها ، والمقدسات التي دنستها ..والدولة الحلم من النيل إلى الفرات على دمنا ، وأجسادنا ، ووجودنا!‏

يبدو أن كل شيء تغير ، حتى اللغة العربية التي حافظت على قيمنا ، ووجودنا القومي ، راحت تتغير ، اللغة الجديدة، باتت  لغة الذبح ، والاغتصاب ، وتدمير للوطن، لم يعد فعل القتل جريمة ، ولم يعد وحشية ، في الربيع العربي،  تنزف  دماء ..وتتساقط الأجساد ، والأرواح ، والمشاعر ، والأحلام  الكبيرة ، والصغيرة ..وتضج رائحة الدم المسفوك في كل مكان ..‏

وتتعالى صيحات « الله أكبر»‏

وتروح سواطير الذبح تقطّع الأجساد البشرية..‏

أي شياطين هؤلاء ،أي أبالسة هؤلاء الذين يصنعون فتاوى تأخذهم إلى أحضان حوريات باسقات الطول ، وباذخات الشهوة . يوم كان  السؤال  يدور في عالمنا العربي :‏

« هل الدجاجة قبل البيضة ، أو البيضة قبل الدجاجة » يومذاك، كنا أكثر حضارة ، وأصدق إسلاماً ، وأكثر إنسانية ، وأكثر وعياً لوجودنا الوطني ، والقومي ، والإنساني ، والاجتماعي ، كنا يومذاك بشراً بأرواحنا ، ومشاعرنا ، وقيمنا ، قبل أن نكون بشراً بأجسادنا ، فالآدمية ليست بالجسد، بل بالمشاعر ؟!‏

بعيني ... رأيت أفعى تلاعب طفلاً رضيعاً ..‏

تحرك له ذيلها ، يمسك بالذيل ويرفعه إلى فمه ويعضه ،  وتتلوى الأفعى أمامه  متغانجة ، وعندما تعب الطفل و نام ، نامت إلى جانبه ، لتمنحه إحساساً بوجودها، وربما لتمنح نفسها إحساساً بوجوده ..‏

الأفعى رفضت أن تقتل الطفل ،‏

  ‏

لماذا لانقر بأن  الصهيونية  دخلت إلينا  عبر قيادات سياسية وثقافية ودينية، ومذهبية ، وطائفية،  وإثنية؟!..‏

منذ ألف وأربعمئة سنة لم يتوقف جيش الصهيونية عن محاولاته اختراق العرب والمسلمين ، وربما العالم كله، كنا دائماً الجدار القوي الصلب ، .‏

  في مطلع القرن العشرين راح الفكر الصهيوني الماسوني يرشح إلى داخلنا عبر مسامات كثيرة ، وبذرائع كثيرة،  بمرور الوقت ، راح التسرب يتسع إلى أن اقتحمنا، كما اقتحم جرذ سد مأرب ، وهدمه ، وتحول السد إلى حكاية موجعة ..‏

 بروتوكولات حكماء صهيون أسست لكل مايجري اليوم..‏

اقرؤوا تلك البروتوكولات ، تكتشفوا كيف خططوا لهذه اللحظة التي راح فيها ينطفئ العرب ، والمسلمون ، كما ينطفئ قنديل في عاصفة ..‏

كيف سنواجه إسرائيل ، والغرب الاستعماري، ونحن نتذابح ، لماذا لانعترف أن الصهيونية نجحت في تحنيط العقل العربي، والإسلامي ، وحولته إلى خنجر للقتل ، إلى غبار ذري ، يفنى فيه وجوده،وأسئلته ، وثقافته، وتاريخه ـ ليسهل عليها العبور إلى الأرض .ولنتحول نحن العرب إلى حكاية موجعة .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية