تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


رغم الأربعين من عمرها مازالت ..«مئة عام من العزلة» هي الأروع

ثقافة
الأربعاء 28-10-2009م
ترجمة: دلال إبراهيم

«قليلة هي الروايات التي تغير حياة الناس. وهذه واحدة من تلك الروايات» هكذا فضلت صحيفة نيويورك تايمز التعليق على رائعة غابرييل غارسيا ماركيز (مئة عام من العزلة) عند صدور الطبعة الانكليزية للرواية. أما الملحق الثقافي لصحيفة التايمز فقد علقت من جهتها على الرواية بالقول «إن صدور هذه الرواية يعادل من حيث أثره أهمية اكتشاف أمريكا ذاتها من قبل كريستوف كولومبوس قبل عدة قرون من الآن».

وأظهرت مؤخراً دراسة على شكل استطلاع للرأي انجزت مؤخراً على مجموعة من الأدباء من مختلف انحاء العالم. إن رواية (مئة عام من العزلة) للكاتب غارسيا ماركيز، التي ترجمت إلى /35/ لغة، وبيع منها أكثر من /30/ مليون نسخة وهي العمل الإبداعي الأكثر تأثيراً في الأدب العالمي خلال السنوات الخمس والعشرين المنصرمة، هذه الرواية التي استغرقت /18/ شهراً من العزلة لتخرج إلى النور أصبحت مرجعاً في تاريخ أدب أميركا اللاتينية والأدب العالمي، ويتقاطع عقدها الرابع مع مرور ربع قرن على نيل مؤلفها جائزتي نوبل للآداب. وقد طبعت جيلاً كاملاً من كتاب أميركا اللاتينية والعالم.‏

تختزل رواية (مئة عام من العزلة) أدب أميركا برمته، وقد تناول منها رائد (الواقعية السرية)، والتي يفضل هو عليها مصطلح (الواقعية المأساوية) تاريخ بلاده من الاستعمار والحروب الأهلية والتدخل الاقتصادي الاجنبي إلى اضمحال نمط العيش الأصلي. من خلال قصة قرية منكوبة حكم عليها بعزلة تمتد إلى مئة عام، وتمر على ستة أجيال من عائلة (بونيدبيا) يحاول الكاتب، الذي لم تصدق نبوءة والده حينما توقع له أنه سوف يقتات من الورق، كما روى في مذكراته (عشت لأروي) الربط بين ما هو كائن في الواقع من علاقات إنسانية تشوبها الكثير من العيوب وبين المصير المشترك للبشرية الذي لن يكون في نهاية المطاف إلا نتاج مجموع تلك العلاقات. كما أن معادلة الزمان والمكان هي معادلة وهمية في حسابات (غابو) ماريكيز، أناسها ومكانها وهميون، في حين نرى حضور الشعوب المختلفة وبأسمائها كالعرب والغجر والأوروبيين، ما جعل الرواية ملحمة إنسانية تتخطى حدود انتماء الكاتب لتصل إلى بقاع العالم المختلفة فتصبح أي قرية تعيش العزلة هي قرية ماكوندوا التي جرت فيها أحداث الرواية وملحمتها الأدبية استمدتها هذه الرواية من قدرتها على الجمع بين ماهو اجتماعي مشترك وبين ما هو شعور فردي خاص، أبطالها يصعب العثور عليهم على أرض الواقع حتى إن البعض ذهب إلى القول على أن مئة عام من العزلة لا يمكن أن تتحول إلى عمل سينمائي نظراً لكونها ميالة إلى العجائبي من الأحداث منه إلى ميلها إلى الواقع المحسوس. فيها أجرى ماركيز مزاوجة بين التاريخ الاجتماعي - البلدات والمدن- والتاريخ الفردي، متمثلاً بتاريخ شخصيات عسكرية فجسد بذلك قدراته في التماهي بالتاريخ وبالجماعة فأسس بذلك عوالم مفصلة خارج الزمان وخارج المكان تشابكت فيها وقائع الصدام التاريخي - ازدهار وانتعاش- اضمحلال- وقد تخطت الرواية طابعها الأدنى لتمسي أشبه بالكتاب والرؤية وعزز هذا الأمر ما سرده ماركيز بنفسه مراراً عن رواية حلت عليه كالرؤيا السعيدة، وهو في طريقه إلى أكابولكو على المحيط الهادئ في شتاء عام 1965.‏

تحدث ماركيز عن لحظة التماع سحري باغته وزودته بمفاتيح الوصول إلى جغرافية بحث عنها منذ سنوات ويؤكد ماركيز أن رؤيته تراءت له بكامل نضجها، حتى إنه تمكن من كتابة فصلها الأول كلمة كلمة دونما حاجة إلى تبييض لاحقاً. وقد نجح في الوصول إلى القارئ العادي، وفي ارضاء أشد النقاد تطلباً في الوقت عينه وكان له ما أراد، مماذكره في مذكراته أنه أثناء كتابته للرواية كان يبحث عن عمل روائي مختلف يحمل فكرة جريئة لم تكتب من قبل.‏

يوم قرأ ألفارو موتيس فوينتين وكورتاثار أولى مخطوطات (مئة عام من العزلة) أدركا أن صديقهم ماركيز أنجز عملاً خالداً. وبعد مرور أكثر من أربعين عاماً على تلك اللحظة صرنا على يقين بأنهم لم يبالغوا البتة في حكمهم آنذاك.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية