تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل نتحول من التعليم إلى التعلُّم?!

مجتمع
الخميس 6/3/2008
موسى الشماس

إذا كان العالم اليوم يتحدث بلغة الجودة في جميع المجالات ومنها التعليم فكيف يمكن للمدرسة باعتبارها المكان الحقيقي

الذي يشكل فيه المنتج (تربية وتعليم الطالب) أن تعثر على طريق الجودة? كيف تستجيب المدرسة للتحديات التي فرضها عالم معرفي معلوماتي سريع التغير يتطلب منها أن تكون أكثر قدرة على التعلم الدائم من المتغيرات التي تحدث داخل وخارج أسوارها? للإجابة على هذه الأسئلة التقينا الأستاذ ابراهيم عبد الكريم الحسين - الاستشاري بنظم إدارة الجودة في التعليم.‏

> ما مفهوم الجودة?‏

>> أود أن أشير إلى أن مصطلح (الجودة) مصطلح مراوغ وله تفسيرات عدة, لكن دعني أبسّط المفهوم بالقول: إنه في إحدى اللقاءات تم توجيه السؤال إلى أحد خبراء الجودة على الصعيد العالمي..ما الجودة? فأجاب: لا أدري.. لكنني أعرفها عندما أشعر بها..!‏

هذه الإجابة تقودنا إلى أن لكل منتج أو خدمة (زبائن) وعندما يشعر هؤلاء الزبائن بالرضا عن هذا المنتج أو الخدمة يمكننا القول عندها: إن الجودة تحققت هنا, لكن علينا أن ننتبه هنا إلى أن مسألة تحقيق الجودة آنية أي مؤقتة لأن تطلعات الزبائن -في التعليم نستخدم مصطلح مستفيدين- متغيرة والمؤسسة الناجحة هي التي تبقى دائماً في حالة يقظة للمتغيرات في تطلعات زبائنها وإلا فإنها ستخسرهم وبالتالي خسارتها,ولا بد أن نشير هنا إلى مسألة هامة في الجودة وهي أنها تنشأ من داخل المؤسسة وليس من خارجها, فالمنتج الجيد هو نتيجة لعمليات إنتاج جيدة, عمليات مصممة لا أخطاء فيها ويتم تحسينها باستمرار, وهذا يؤدي إلى تقليل تكلفة الإنتاج,ولأننا نعيش عصر المعلومات فأنا شخصياً أميل إلى أن الجودة تعني (كيف نؤدي أعمالنا بشكل أفضل دائماً?) كيف نؤدي أعمالنا من دون خوف من ملامة الإدارة العليا أو من نتائج تقييم أدائنا? وكيف نبتكر أفكاراً جديدة لتحسين أعمالنا? وكيف نبعد عن العمل كل ما يعوق نجاحنا? وكيف نحسن عملنا بشكل مستمر?‏

>ما الفرق بين نظام (ISO) و(الجودة)?‏

>> الفرق يتمثل بأن نظام (ISO) تم إعداده كمواصفة تحدد متطلبات إدارة الجودة في المؤسسة وهو نظام يعتمد على توثيق إجراءات العمل والأنظمة من أجل ضمان الجودة لإنتاج سلع وخدمات تتطابق مع المواصفة المحددة من قبل المؤسسة, وهنا كأن حال المؤسسة يقول: (منتجنا أو خدمتنا مطابقة للمواصفة), أما الجودة فهي مقابلة وتجاوز تطلعات المستفيدين من المنتج أو الخدمة, ووجهة نظري أن الفرق الأساسي بينهما يتمثل بأن (ISO) هو المطابقة للمواصفة أما الجودة فهي مفهوم أشمل وأعمق من المواصفة فهي أسلوب في التفكير والحياة وتركز على الإنسان وتمكننا من السعي دائماً للبحث عن الأفضل في كل شؤون حياتنا, وأدلل على ذلك بأن الإنسان هو الذي يبدع وليس الآلة, والإنسان هو الذي يقوم بالعمل وليس الإجراءات أو العمليات, وعلينا أن نعي أن الجودة أسلوب حياة وليست إجراءات أو مواصفات.‏

>ما دور الطالب في مدرسة الجودة?‏

>> الجواب: يهدف نظام الجودة في المدرسة إلى تحسين إنتاجية الطالب وهذا يتطلب بالدرجة الأولى أن نتحول من التعليم إلى التعلم, وهنا ينظر نظام الجودة في المدرسة إلى الطالب باعتباره مستفيداً من المنتج وعاملاً في النظام في الوقت نفسه..! لماذا الطالب (مستفيد)? لأنه يعيش مع المنتج (تربيته وتعليمه) طوال حياته, ولماذا هو عامل في النظام? لأن الطالب هو المعني الأول بتحسين تعلمه, فهناك علاقة قوية بين الجهد الذي يبذله الطالب في عملية التعلم وتحسن إنتاجيته, لذلك نحن نقول: إن الطالب هو مسؤول عن تعلمه من منظور جودة التعليم وهو مشارك أيضاً في جميع عمليات التعليم والتعلم في المدرسة, بمعنى آخر علينا أن نضع الطالب في المقدمة دائماً.‏

في المدرسة التقليدية كثيراً ما نتحدث عن دور الطالب في العملية التعليمية باعتباره المحور الأساسي للعملية, لكن السؤال أين التطبيق? في مدرسة الجودة, الممارسات هي التي تتحدث عن نفسها وليست الإحساسات أو العبارات التي تكتب على الجدران, لذلك نحن نقوم بالدورات التدريبية الخاصة للمعلمين والمعلمات على تدريبهم كيف يتمكنون من نقل مسؤولية التعلم للطالب التي تتضمن فيما تتضمنه قيام الطالب بتقييم ومراقبة أدائه, وقد حققت هذه الاستراتيجية نتائج هائلة داخل الفصول الدراسية.‏

> هل هناك فرق بين جودة المصانع وجودة التعليم?‏

>> لا فرق بينهما من حيث المبدأ, فكل منهما يسعى لتلبية احتياجات وتطلعات المستفيدين, ولكن عندما نأتي للتطبيق والممارسات فإنهما يختلفان كثيراً, ونظام الجودة في الصناعة لا يقدم إجابات وافية لتطبيقه في التعليم فما يصلح للمصنع لا يصلح للمدرسة, فالتعامل مع (نظام الآلة التقاني) يختلف جذرياً عن التعامل مع (نظام الفكر الإنساني), ونحن في التعليم نأخذ المبادىء الأساسية لنظام الجودة في الصناعة ونقوم بتكييفها لتتناسب ونظام التعليم الذي يعتبر أكثر تعقيداً من نظام العمل في الصناعة,وهنا أنصح بعدم النقل الحرفي لنظام الجودة في الصناعة كما هو إلى التعليم الذي سيتسبب في حال تم ذلك إلى هدر وقت وجهد وموارد المؤسسات التعليمية بدون الوصول إلى أي نتائج نتطلع إليها, وهذا ما حصل عندما قامت الشركات التجارية المتخصصة بتأهيل المصانع لنظام (ISO) بتأهيل المدارس وقامت بنقل النظام ذاته إلى التعليم, الأمر الذي أدى إلى تشكل تصورات خاطئة حول مفهوم الجودة في ميدان التربية والتعليم.‏

> ما معوقات الجودة في التعليم من واقع خبرتك كاستشاري.. هل هو الطالب, المعلم, المشرف التربوي, المنهج, النظام?‏

هذا السؤال يحتاج إلى بحث كامل للإجابة عليه, لكنني سأوجز بالقول إن المعوق الأساسي للجودة هو (نظام التعليم) وهذا يقودنا إلى معوق هام ذي علاقة بالمعوق الأول وهو (قلة التزام القيادة العليا بالمؤسسة التعليمية بالجودة) فالقيادة تعمل على تحسين النظام بالمشاركة مع العاملين داخل هذا النظام, وبالتالي عندما تحدث أخطاء في عملنا التربوي فعلينا ألا نتوجه باللوم على أي شخص, طالباً كان أم معلماً أم مشرفاً..إلخ, بل إلى النظام الذي يعمل هؤلاء وفقاً لتعليماته, ونستنتج مما سبق أن نظام التعليم والأنظمة الفرعية التي تنطوي عليه (السياسات والتخطيط - نظام اختيار مديري المدارس وتدريبهم وتقييم أدائهم - نظام إعداد المعلمين وتدريبهم وتقييم أدائهم - نظام المساءلة... إلخ), هي التي تعيق الجودة وتتسبب بالأخطاء والفشل.‏

> هل مدارسنا مهيأة لتطبيق الجودة?‏

>> كأنني أفهم من سؤالك بأنك تشير من خلال كلمة (مهيأة) إلى إمكانيات المدارس, فإذا كان فهمي صحيحاً لسؤالك فأود أن أقول لك إن الجودة نشأت أساساً لمواجهة قلة الموارد المادية في المؤسسات وتحقيق التنافسية من خلال (الكفاءة) أي الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة, وجواباً لسؤالك فإنني أقول إن كل مدرسة مهيأة لتطبيق الجودة إذا وجد في المدرسة قائد يعمل مع جميع منسوبيها للبحث عن فرص التحسين الممكنة داخل المدرسة, وسأضرب لك مثالاً هنا من واقع المدارس, فقد تعرفت على مدير مدرسة كثير الشكوى من قلة موارد المدرسة المادية في مدرسته, ويشتكي من مبنى المدرسة غير المناسب,وحدثني بأن الجودة لا يمكن الحديث عنها في المدرسة, وعندما قمنا باستطلاع آراء الطلاب (المستفيدين) الذي يحكمون على الجودة, وبمعنى آخر هم من يعرفون الجودة في المدرسة, بينت النتائج إنهم يحتاجون بالدرجة الأولى إلى احترام المعلمين وإدارة المدرسة, وأن يعاملونهم بكل احترام, ولم يضعوا مبنى المدرسة أو تجهيزاتها كأولوية ليكنوا راضين عن أداء مدرستهم, وهنا برأيك هل الكلمة الطيبة تحتاج إلى موارد مادية..!‏

تعليقات الزوار

هاشم الفشتكي |  hashem970@hotmail.com | 05/03/2008 22:38

اشكر الاخ والزميل موسى شماس على هذا المقال القيم والمهم لكن ارى من الضرورة ان ابين ملحوظات متواضعةمنها: اختلاف العنوان وهو الذي اشار التحول من التعليم للتعلم(الذي يعني تغير السلوك) عن المحتوى وهو الجودة- ثانيا للجودة تعريفات علمية واسعة وتطبيقات تربوية فائقة الاهمية لم تذكر - ثالثا هناك معايير للجودة منها المعايير الامريكية والبريطانية ومجالات للتطبيق عديدة ناهيك عن المعايير المحلية وهناك كتب ومنشورات عديدة حول هذا الموضوع - ثالثا - أرى ان البحث المنشور فيه لبس وخلط كبير حول مفاهيم الجودة والاتقان والتعلم والتعليم والايزو التي تداخلت بطريقة عمومية وغير دقيقة وغير فنية مع احترامي لصدق النوايا لكن هذه الدراسة يفترض ان تكون اكثر دقة واكثر عمقاازاء اهمية الموضوع- اللقاء المجرى يبدو انه مع اخ كريم لم يذكر اسمه لكن يبدو انه لا علاقة له مطلقا بالمضمون العلمي للجودة وتطبيقاتها خاصة واننا في عصر التصنيفات العلمية للمدارس والجامعات وفق معايير دولية كان اخرها بالامس القريب وقد احتلت فيه الجامعات العربية للاسف درجات متواضعة جدا ازاء ذلك ارى ضرورة ترسيخ هذا المفهوم بشكل علمي أكثر دقة واحترافية . مما هو عليه الان تقبلو فائق تحياتي

أ.د/ احمد الخطيب استاذ بجامعة سوهاج مصر |  aaelkhatib@yahoo.com | 27/12/2010 06:55

نشكر الاخ موسى شماس على هذه الاطلالة الجميله عن الجرعة القليلة ذات الطعم الجميل المبسط للجودة كنهج لاصلاح التعليم

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية