معاً أي طرفي النجاح لهذه العملية.. وبالتالي لا يكفي أن نهتم بالحاجات الطلابية دون الاهتمام بهموم ومشكلات الطرف الثاني.
ومن هنا حاولنا أن نشير إلى بعض أحوال المدرسين الذين استمعنا إلى همومهم خلال متابعتنا لإحدى المواضيع.
إجازة اعتراضية
حملت هذه العبارة مشكلات كثيرة لأن قرار (الإجازة الاعتراضية) ترك دون قيود أو شروط واضحة, ولم يفسره مدير التربية إلا بقوله: اتفقوا أنتم الجميع فيما بينكم وللمدير الحق في تحديد هذه الإجازة وإعطائها وكان ذلك بداية لمشكلات بين المعلمين أنفسهم وبينهم وبين الإدارة, لأن الأمور توقفت على حسب مزاجية المدير أو المديرة.
وطبق القرار على الشكل التالي: إن المعلم الذي يريد إجازة اعتراضية عليه إخبار المدير قبل يوم من أخذها, وهذا يعني أنه يعلم بالغيب, وقادر على تحديد المشكلات التي ستحدث معه قبل وقوعها (مرض فجائي, ضيوف بعيدون, حادث معين) وبالتالي التطبيق سيكون تحت رحمة المدير.. وأصبح المعلم يحصل على يوم إجازة دون سبب حقيقي لها.. ويترك طلابه طوال هذه المدة دون دروس أو ضبط. وبالمقابل قد يكون المعلم بحاجة لهذه الإجازة الاعتراضية, لكن المدير غير راضٍ عنها, فلا يعطيه إجازة, وتبدأ مسألة الخيار والفقوس.
ما الذي يدفعهم للكذب
التسمية توضح أن المقصود بالإجازة الاعتراضية, أنها مقترنة بحدث أو مشكلة ما, ويكون المعلم مضطراً لغياب ساعة أو ساعتين فقط. وعندما لا يستطيع المعلم أخذ إجازة اعتراضية يقدم إجازة صحية مدتها ثلاثة أيام وهو ليس بحاجة لها, وعلى الأغلب ليس مريضاً, وهناك بعض المعلمين الوكلاء يغيبون عن حصصهم, بحجج غير صحية, أسوة بغيرهم من المعلمين النظاميين (بالنكاية) وتبقى الصفوف داشرة ومهملة والضجيج يملأ المدرسة.
والمضحك أن هذه الإجازة أصبحت في بعض المدارس الإبتدائية حقاً مكتسباً توزع بالدور على المعلمين.
فلماذا لا تكون إجازة نظامية بشروط واضحة, بدلاً من دفع البعض للكذب.
قلة المازوت
صحيح أننا دخلنا مشارف الربيع, لكن مشكلة المازوت في تلك المدارس الريفية البعيدة عن السكن, التي تعصف بها عوامل الجو أكثر من غيرها من المدارس المقبية أو المحاطة بالأبنية. كانت تمثل معاناة حقيقية لتلك المدارس طوال فصل الشتاء, ففي أيام الثلج قمنا بزيارتهم ووجدنا المديرة مع الكادر التدريسي إضافة إلى مدرسي الإرشاد يجلسون في غرفة واحدة صغيرة توفيراً للمازوت.
وهذا حال العديد من المدارس منذ بداية العام الدراسي, حيث يقدم لهم المازوت بالقطارة وبالكاد يكفي الصفوف الدراسية, والغريب أن مديرية التربية لم تكن تعاني من نقص في مادة المازوت وهذا كان واضحاً للمديرين والمعلمين الذين كانوا يزورونها لأجل بعض الأعمال (وعلى حد تعبيرهم) كاد نفسهم ينقطع وكادوا يختنقون من شدة التدفئة.
أنشطة خارج الحسابات
وفي جولتنا هذه, سجل بعض المعلمين ملاحظاتهم حول مسألة لها أهميتها في العملية التعليمية وتتمثل بدروس الأنشطة (الموسيقا, الرسم, الرياضة) والإهمال الشديد الذي تلاقيه هذه المواد من قبل مدرسيها والذي ينعكس بدوره على الطلاب ويتحول إلى ملل وشغب.
قد يمضي العام دون أن تقدم معلمة الرسم ولو حتى بعض الخطوط العريضة في فن الرسم, وقد يمضي العام دون أن يتعرف الطلاب على آلة موسيقية واحدة.. الخ.. إذ ينظر هؤلاء المعلمون باستخفاف تجاه هذه المواد مع أنهم السبب الأول في نجاحها أو فشلها.
أما الشكوى والتي هي موضع الحساسية, أن معلمي الرياضيات والعربي والاجتماعية وغيرهم, يبح صوتهم وتتعب أقدامهم ريثما تأتي الحصة الأخيرة, في حين يتعب مدرسو الأنشطة من التثاؤب والكسل. مع أن الجميع يحصل على نفس الراتب والأجر والحقوق. فكيف لمديرية التربية أن تدفع نحو الاهتمام بهذه المواد التي هي متعة الطالب وفسحته للانطلاق مع ذاته?