لكن البث الفضائي ظل مستمرا من عمان والقاهرة ليناقش ويرد ويدحض الآراء التي أطلقها كاتب تحتم عليه أن يسكت بعد أن نطق كفراً حسبما ترى القناة ,لأنه محسوب ربما على أنظمة التطرف العربي.
المشكلة ليست في الأصوات الناطقة بالأنظمة المسماة خطأ : أنظمة الاعتدال العربي,إنما في تحيز القناة وإظهار هذا التحيز بطريقة خشبية لافتة(النعت ذاته التي وصفت به المذيعة كلام الكاتب السوري الذي غيبته القناة!!)فإضافة إلى التنويه الآنف الذكر بين قوسين,لم تلحظ المذيعة في جريان الدم الفلسطيني ولا في استضافة البارجة كول ولا في إنجازات المقاومة ولا حتى في تدخل أنظمة الاعتدال العربي في لبنان وتساوقها مع مشاريع دولية أي تعارضات أو تناقضات تستدعي التساؤل كأنها تريد إيصال رسالة واحدة وحيدة,فجة ومكتوبة بأسلوب رديء,مفادها أن من يعطل وحدة الصف العربي هو التدخل السوري في لبنان,
بل وانغمست في نقاش شكليات الدعوة إلى القمة ,متجاهلة أن المسألة لا تتعلق بالتعطيل وإنما بممانعة رياح مشروع أمريكي إسرائيلي يهب على المنطقة بكاملها ومتجاهلة أيضا روائح الدم,بل ملمس الدم اللزج الذي يعلق ولم يزل على بشرتنا كل يوم.
هكذا بتذاك سخيف,راحت تناقش مع الخبيرين العبقريين المصري والأردني مسألة المحور أو الحلف الإقليمي السوري الإيراني ولم تكلف نفسها عناء الإشارة,ولو بخجل إلى المشروع الآخر أو المحور الآخر المتمثل في الحلف الأمريكي الإسرائيلي ومؤيديه أو ممالئيه من أنظمة الاعتدال العربي أو الأنظمة العاقلة والموضوعية التي تحسب حساب موازين القوى وتتصرف على أساسها.
وحتى لا أقع في المأزق ذاته لبرنامج العربية,أود الإشارة إلى أنني لا أدافع البتة عن الآراء التي أبداها الكاتب السوري وأبعد من ذلك,أقول إن المطلوب من الكتاب والصحفيين السوريين والعاملين في الشأن العام الخروج عن القوالب الجامدة للخطاب السياسي والتحلي بالجرأة,لاسيما عندما يواجهون منطقا آخر,إذ ليس من المعقول على المستوى الإقليمي الحديث عن حياد سوري,كما لا يوجد حياد مصري أو أردني أو سعودي,بل إن تدخل بعض البلدان في لبنان وصل إلى حد شراء السياسيين والإعلاميين وتوزيع دولارات على مناطق كاملة,فما الذي يمنع من الاستشهاد بذلك وغيره من الوقائع?
ما الذي يمنع من إجراء مقارنات بين الدور الإيراني في المنطقة الداعم لقضاياها الوطنية وبين أدوار أخرى لعبتها أطراف أخرى ولم تزل إزاء مستقبلنا,سواء في احتلال الكويت أو العراق أو ما يجري في غزة?!!
وما الذي يمنع من الحديث عن مصالحنا إزاء مصالح الآخرين في إطار خطاب سياسي إعلامي موضوعي ومتوازن وبعدها ليجدف الآخرون كما يشاؤون.