تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ماذا بعد نيل جائزة نوبل؟

ثقافة
الخميس22-10-2009م
ترجمة:دلال ابراهيم

ماذا يعني بالضبط الفوز بجائزة نوبل في الآداب؟

تعني هذه الجائزة بالنسبة للأدباء الذين يحصلون عليها وضع مبلغ 1.3 مليون دولار في حسابهم، ولا ريب أن ذلك مبلغ ضخم، ولكن فيما يتعدى ذلك، فإن المكاسب من الجائزة تبدو سديمية، فإن كانت الشهرة تضني على الكاتب، ويكاد يكون في دائرة نصف مظلمة، فإن الجائزة ستمنحه الشهرة لفترة قصيرة، أي شهرة آنية، خلالها سوف يدركه قطار النقد الذي تأخر عن أعماله، والناشرون سوف يتسابقون وخلال فترة قصيرة على شراء حقوق النشر لأعماله، تلك التي لم يسعفها الحظ في النشر.‏

وإن كان في حالة حرجة مع السلطات في بلاده على غرار الروائي التركي أورهان باموك، ستوفر الجائزة له غطاء حماية كافياً، ونادراً ما يتعرض الكاتب الذي حصل على جائزة نوبل لمواقف تودي به إلى خلف القضبان، وعلى المدى الطويل لن يعاني هذا الكاتب من مشكلات في نشر أعماله فيما تبقى له من العمر.‏

ولكن، إن كان ثمة من يعتقد أن الجائزة ستوفر له أعداداً كبيرة من القراء فسيكون من المضللين بل ويمكن أن يجد هذا الكاتب نفسه كحال الفائز بجائزة نوبل العام المنصرم، الكاتب الفرنسي جان ماري غوستاف لوكليزيو الذي عاش المجد لفترة 15 دقيقة ثم اختفى عن شاشات الزوار.‏

ويمكن لجائزة نوبل أن تبعث الروح من جديد لدى كاتب حصل عليها، فعندما حاز الروائي الأميركي وليام فولكنر الجائزة عام 1949، لم يكن قد تم له نشر أي كتاب في بلاده لتأتي الجائزة وتحول وجوده ونجاحه الذي وفرته له هذه الجائزة إلى أرقام مبيعات ضخمة لأعماله وفرت له ثروة طائلة كان يفتقر لها طوال حياته، رغم أن نتاجاته المهمة كانت تعود إلى تاريخ ما قبل الجائزة.‏

المهم أن نوبل اتاحت له فرصة الكف عن الجري وراء قوت حياته والاستجداء في كتابة السيناريوهات السينمائية لهوليوود وصار بإمكانه الاعتكاف والعمل في منزله ليصبح الروائي الغزير الإنتاج خلال السنوات العشر الأخيرة من حياته، ولينهي بالتالي ثلاثية سنوبز، وقد أنهى مشواره الأدبي برواية (ذارييفرز)، والتي إن كانت تبدو ضئيلة مقارنة بباقي أعماله ولكن مع مرور الوقت بدأ وضعها يتحسن.‏

فولكنر استطاع أن يفلت من لعنة نوبل، حيث تقول اسطورتها إنها إما تحكم بالصمت على الكاتب الذي حصل عليها وإما على عدم أهمية تتويجه مرة أخرى، أي إنها لعنة طارئة فمعظم الأدباء الذين تم تكريمهم بجائزة نوبل هم الآن في الرمق الأخير من عطائهم الأدبي، ومقلون في أعمالهم العظيمة كتلك التي كرموا عليها أو لم تكرم لأنها جاءت بعد حصولهم على الجائزة.‏

ويتفق الناشرون وأصحاب المكتبات على أن الجائزة أياً كان نوعها تساعد الكاتب كلما كانت قيمتها المعنوية وشهرتها العالمية الكبيرة ازدادت أرقام المبيعات لكتبه ولكن خلال فترة محدودة وفي مقابل ذلك ليس بالضرورة أن تساعد الجائزة على انتشار هذا الكاتب أو ذاك، واتساع دائرة شهرته فالروائي بيرت بوك أو جون ستايبنك، الحاصلان على نوبل، لم يدرج اسماهما ضمن الصفوف الأولى في قائمة أدباء أميركا، حتى إن سنكلير لويس كان من الكتاب غير المقروء لهم كثيراً، وثمة عدد من الكتاب قيمتهم الأدبية أدنى بكثير من القيمة التي تضفيها نوبل على الأدباء.‏

وهنا يمكننا أن نتساءل: هل أخطأت لجنة التحكيم في نوبل إلى درجة إهمال أدباء من قامة جيمس جويس أو أوجين أيونسكر أو ايدورا ويلتي أو فلاديمير نابوكوف؟ ثمة العديد من الأسباب التي تدفعنا للاعتقاد أن الجائزة لا تمنح إلا وفق قواعد أدبية صارمة للغاية، الأمر الذي يقلل من قيمة المكرم بها وهذا ليس معناه السخرية من الحاصل عليها، وإنما معناه أنها ليست جديرة بلفت الانتباه اليها، وهذا فيه العزاء لكتاب في أماكن أخرى، المهم أن الكتابة أصبحت الآن صعبة دون التفكير في الحصول على جائزة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية