تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ســـيرة الحـــــب.. خالد وهج النار.. حلاب بقر

ساخرة
الخميس 22-10-2009م
خطيب بدلة

تفتقت مواهب بطل سيرتنا خالد وهج النار، بصورة مفاجئة بعدما رفع أبوه يده عنه، وعاهدالله والناس على أنه إذا رآه مضروباً بالرصاص وملقى على قارعة الرصيف يئن ويستجير طالبا الإسعاف

فإنه لن يهب لإسعافه، وإذا أمكنه أن يمنع الآخرين من إسعافه لفعل!‏

وأصبح خالد، بعد موقعة تخلي والده عنه يخرج من منزل أبيه في الصباح الباكر، ولايعود إليه إلا في آخر الليل، أي بعد أن ينام آخر كلب جعاري داشر في أزقة البلدة- على حد تعبير أبيه.‏

وأما علاقات خالد الاجتماعية فتركزت ضمن مجموعة من الفتيات الذين تتراوح أعمارهم بين (10و17) سنة وكان أبوه إذا رآه واقفاً بينهم يقول له:‏

- هل تعلم ياولدي ؟ إن هيئتك وأنت واقف بين الأولاد تشبه هيئة جحش الحجارين!‏

ثم يوضح له أوجه الشبه بينه وبين جحش الحجارين قائلاً إنه مغبر على طول الخط، ومعفر وظهره محني من ثقل الحمولة، وأذناه متهدلتان بسبب تقدمه في السن يعني مثلك ياابني الخالق الناطق!‏

ذات مرة حضر المدعو ابراهيم الجلقة وعرض على أبي خالد فكرة توظيف خالد في المبقرة الحكومية بصفة حلاب بقر، براتب شهري معقول.‏

ضحك أبو خالد حتى استلقى على قفاه، الأمر الذي أثار استغراب ابراهيم وأحس بالإهانة وقال لأبي خالد:‏

-غريب أمرك ياعمي أبو خالد، هل يجازى من يأتيك بعرض وظيفة لابنك وهو شبه أجدب لا مؤاخذة بأن تضحك عليه وتستهتربكلامه؟‏

قال أبو خالد جاداً:‏

- أقسم بالله العظيم، وبما أرتجي من الله حينما ضحكت لم أقصد الاستهزاء بك، حاشا وكلا ولكنني تخيلت هذا المسطول وهو موظف عند الحكومة، وبما أنه سيتوظف في المبقرة التي يداوم فيها الأطباء البيطريون فقد تذكرت طبيباً بيطرياً رفيع المستوى في الذكاء والأخلاق والأكابرية، يدعى مصطفى الحاج ناصيف وكان يرتدي فوق ثيابه صدرية بيضاء تنقط منها الهيبة والنظافة، وتخيلت هذا المنحوس الأزلي ابني خالد مرتدياً صدرية مشابهة فأضحكني المنظر!‏

مرة أخرى انفلت أبو خالد بالضحك وقال:‏

-ثم لماذا توظفونه في المبقرة؟ أليس لديكم (مجحشة) أو (مكررة)؟! في هذه الحالة تكون الوظيفة مناسبة لحال الموظف، أليس كذلك يا أخي ابراهيم؟‏

لم يوافق أبو خالد من حيث النتيجة على توظيف ابنه ولم يعارض وأوضح لابراهيم أنه من يوم أن دشره مثل الكلب الجعاري في الأزقة ارتاح من همه وأصبح مسروراً مكيفاً يصيح مواويل (شركاوية)، وإن كانت والدته الله يرحمها قد ماتت (طقيقاً) منه ومن أفعاله (وجحشناته) فهو أي أبو خالد ليس مضطراً لأن يموت طقيقاً منه، لسببين أولهما أن الحياة حلوة وتستحق أن تعاش وثانيهما أن الانسان يمكن أن يموت من أجل قضية كبيرة ومحرزة كالدفاع عن الوطن مثلاً، لا أن يموت إكراماً لابن لايختلف عن جحش الحجارين بمقدار أنملة!‏

المهم ياسادتي القراء بلا طول سيرة استطاع ابراهيم الجلقة أن يستصدر من مدير المبقرة قراراً يقضي بتعيين خالد وهج النار بصفة حلاب بقر، وقد أفهمه منذ البداية أن أهم شيء في هذه الوظيفة هو الانضباط وألا يقوم خالد بأي فعل إذا لم يطلب منه أحد من رؤسائه القيام به، ولئلا تحصل شربكة ومشكلات ليس لها طعمة، فإن بإمكان خالد إذا تلقى أمراً من أحدفي المبقرة أن يستشير إبراهيم به لأن إبراهيم هو الذي وظفه وهو أكثر الناس في المبقرة حرصاً عليه.‏

ولكن نصائح إبراهيم هذه دخلت في أذن خالد اليمنى وزربت من أذنه اليسرى دون أن يستقر منها في رأسه ولو ذرة واحدة وبمجرد ما خلا له الجو أراد أن يقوم بعمله الوظيفي على أكمل وجه وبما أنه معين بصفة (حلاب بقر) فقد سارع إلى تدبر سطل فارغ حمله وذهب إلى زريبة البقر، بقصد أن يحلب البقرات ويملأ السطل ويذهب به إلى مدير المبقرة ليريه كم هو موظف فالح!‏

والحقيقة أنه ارتكب خطأ لايمكن لإنسان سوي أن يرتكبه وهو أنه ذهب بالخطأ إلى زريبة الثيران وفهمكم كفاية!‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية