تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الولايات المتحدة وبيت الزجاج

عن : (The Daily Beast)
متابعات سياسية
الأحد 28-12-2014
ترجمة :محمود لحّام

لم يكن مستغرَباً أن يستبق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش صدور تقرير الكونغرس حول استخدام التعذيب والذي نُشر مؤخراً ليدافع عن إدارته واصفاً الرجال والنساء العاملين في الـ C I A «بالوطنيين»

الذين يؤدون عملهم خدمة لمصالح الولايات المتحدة.والتقرير الذي أصدرته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ كشف تورّط الـC I A في وقائع تعذيب واحتجاز غير قانوني واستخدام طرق غير قانونية في انتزاع المعلومات والاعترافات من المتهمين بالإرهاب بعد 11 أيلول .‏

ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي خلال عهد بوش انتقد هو الآخر نشر تقرير مجلس الشيوخ الأخير و دافع بشدة عن أساليب الاستجواب قائلاً بأنها مبررة تماماً !!وبأنه سيستخدمها مرة أخرى دون تردد.وبشكلٍ مواز صرّح جون برينان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بأن ذلك قد يحدث مراتٍ أخرى .ذلك أن قادة ورجالات الإدارات الأمريكية المتعاقبة ما هم إلا نسخٌ طبق الأصل لـ بوش وتشيني.‏

تقوم الديمقراطية في الولايات المتحدة على أربعة أركان :‏

-إرادة الشعب -شجاعة وسائل الإعلام وشفافيتها‏

-انتخاب الطبقة السياسية -السلطة العليا للمحاكم‏

وفي ما يتعلَق بقضية التعذيب فإن هذه الأركان الأربعة قد انهارت تماماً وفشلت فشلاً ذريعاً :‏

ففي دراسة قام بها الباحث ريد كوليج بينت أنه من الناحية النظرية أن أكثر من 50% من الرأي العام بين 2001 و2009 كان يرفض سياسة التعذيب ولكن هل كان الأمريكيون معارضين لسياسات التعذيب ومطالبين بوقفها بما فيه الكفاية؟ بالتأكيد لا!!‏

في الحقيقة وخلال الجزء الأعظم من فترة حكم بوش كان الواقع عكس ذلك,فالرأي العام الأمريكي بعد هجمات 11 أيلول كان محتقناً بمزيج من الغضب والصدمة والحزن وكانت هذه المشاعر تتوزع لدى الناس وفق قسمين: قسمٌ يرغب من إدارته الانتقام وبأي شكلٍ كان وقسمٌ يرغب بالانتقام بدافع الخوف والذعر وبالمجمل كان الجميع يفكر بشكل طفولي عاطفي لأنه يعيش حالة خوف طفولي وهم بحاجة لأبٍ يحميهم هوالدولة.‏

أما ما يتعلق بالطبقة السياسية فالقضية لا تحتاج لإثباتات بفشلها الذريع في تبرير استخدام فنون التعذيب والاعتقال غير القانوني واختطاف عشرات الأشخاص وجعلهم حيوانات مخبريه بشرية في ذات الفترة التي بدأت فيها إدارة بوش الابن حربها على الإرهاب وعلى وجه العموم إن رجال السياسة الأمريكيين سواء كانوا ديمقراطيين أم جمهوريين الكل ملتفون حول إدارة بلادهم فيما يتعلق بالقضايا الهامة والحساسة مفضلون السير مع التيار فمثلاً عندما كان السيناتور ريشارد هاس رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس وكان جزءاً من وزارة الخارجية الأمريكية في عهد كولن باول صاحب كذبة أسلحة الدمار الشامل العراقية كان قالباً وليس قلباً ضد الحرب التي شنتها بلاده على العراق كما وأن هذه الفئة من السياسيين الأمريكيين كانت غاضبة عندما تفجّرت فضيحة سجن أبو غريب لكن غضبها كان محدوداً ولفترة قصيرة .‏

وبخصوص وسائل الإعلام فقد عُرف العديد من الصحفيين الشجعان من قبيل جين ماير وروبن رايت وكثيرٌ آخرون والذين نشروا مقالات تفضح التعذيب الذي تمارسه الـC I A لكن عملهم الممتاز كان يقابل بقوى ولوبيّات تعمل في الخفاء.كما وأن جزءاً لا بأس به من وسائل الإعلام كان يصفّق ومنذ البداية لسياسات الحكومة لأنه يخشى الخروج عن الإجماع ففي الأيام التي أعقبت 11 أيلول كانت العديد من الأسماء البارزة في وسائل الإعلام ومحطات التلفاز والراديو تتلقى كماً هائلاً من الرسائل الالكترونية الغاضبة رداً على مقال لا يتفق مع الرؤية الرسمية للحكومة.‏

أما النظام القضائي فقد فشل مرتين :الأولى عندما ساهم في هذه الفضيحة من خلال صمته عن كل الجرائم التي ترتكبها دولته البوليسية في معتقلاتها والثانية عندما اختار مجاملة الطبقة السياسية والأمنية على حساب الحقيقة وحقوق الإنسان في بلد يدّعي تقديسه ودفاعه عن حقوق الإنسان ولو في الصين .‏

بالطبع إن الجزء الأكبر من اللوم يرجع إلى باراك أوباما الذي اختار ومنذ البداية إغلاق هذا الملف وعدم السعي إلى محاكمة إدارة بوش بناءً على التهم الموجهة إليها بخصوص البرنامج التعذيب السري الذي تمارسه الـC I A ولذلك لم يكن مستغرباً أن يجاهر بوش وتشيني وبرينان بدفاعهم عن الـ C I A وبرامجها السرية للتعذيب وبإصرارهم على تكرار ذلك مرات طالما أن الإدارات الأمريكية جميعها هي نسخ مكررة عن إدارة بوش.!‏

 بقلم: مايكل توماسكي‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية