تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أيمن فضة رضوان في دار الأوبرا... رسم مباشر أمام الجمهـور بنوتـة اللون..

ثقافة
الأحد 28-12-2014
أديب مخزوم

إطلالة جديدة للفنان التشكيلي أيمن فضة رضوان، في صالة دارالأوبرا، شكلت خطوة معرضه الجديد، الذي ترافق برسم لوحة أمام الجمهور بنوتات اللون،

وعلى انسيابات نغمات مقطوعة موسيقية، ضمن اطار مهرجان الموسيقا،خطوة هامة جداً لأنه ركز فيها على إظهار الاشكال النسائية، في حالات اندماجه الكامل وتفاعله المطلق مع تموجات وانسيابات النغم الموسيقي المرافق.‏

بين الرسم والموسيقا‏

هكذا عمل على توءمة الموسيقا بالفن التشكيلي، عبر خطوطه وأشكاله وعناصره البصرية، للوصول مجدداً الى ما يسمى بالموسيقا البصرية، المسموعة بالعين، والمتتابعة دون توقف، والتي تتوالد من إيقاعاتها اللونية العفوية مؤشرات الإحساس بالموسيقا البصرية المرافقة للموسيقا السمعية. وعلى سبيل المثال تبرز الإيقاعات الموسيقية السريعة في اللوحة عبر الحركات اللونية الانفعالية السريعة، وعلى العكس من ذلك تظهر الإيقاعات الموسيقية الهادئة، من خلال اللمسات اللونية الهادئة والبعيدة عن الانفعال والتوتر والقلق الداخلي.‏

ويمكننا أن نشاهد الإيقاع الحواري بين اللمسات اللونية المتجاورة أحياناً، وهذاما يسمح ببروز إيقاع موسيقي خاص لدلالة اللون في مساحة اللوحة، والتي تحددها فروقات مرهفة شديدة الحساسية،تساهم فيها تضاريس المادة اللونية، ولمسات الفرشاة وارتجافاتها الانفعالية والعاطفية ومداها الفيزيائي الطبيعي، وتنوع الدرجات اللونية وتوضع الطبقات الكثيفة والشفافة، وغير ذلك من المؤثرات البصرية اللامتناهية. حيث تظهر الإيقاعات البصرية الموسيقية عبر تلك التموجات الحاملة عفوية وتر اللون ونغم اللمسة التي تختصر بدورها تقاسيم المفردات التشكيلية المسموعة بالعين، فلكل حركة أو لمسة لونية لها موقعها في محاورة الإيقاع الموسيقي المرافق وبالتالي فالإيقاعات اللونية تبرزكصدى لإيقاعات الحركة اللحنية، التي ترافق إيقاعات حركة الموسيقا المرافقة، في خطوات تقريب فن الرسم من تنويعات النغم الموسيقي، فكل لمسة أو حركة لونية تصبح مصدراً من المصادر الأساسية للحركة اللحنية في موسيقا اللوحة، وبمعنى أدق تصبح اللوحة نوتة موسيقية للمقطوعة المرافقة، بحيث يمكن الإحساس بها عن طريق العين، فالمؤثرات البصرية التي تكوّن موسيقا اللوحة يمكن قراءتها على أساس تنويعات النغم الموسيقي الافتراضي المرافق للرسم.‏

عفوية وكثافات لونية‏

وأيمن فضة رضوان كان منذ بداياته، يزاول الرسم السريع ليحافظ على مهارة وتجليات اللمسة اللونية التلقائية والعفوية، في صياغة إيقاعات الشكل التعبيري، المرتبط بالوجوه والعناصر النسائية، والتي يعود اليها في أعماله المعروضة، مركزاً في هذه المرحلة لإظهار حركة الخطوط الرفيعة المنسابة، والتي تحدد العناصر والأشكال الإنسانية المبسطة والمختصرة والمحورة.‏

واللوحة التي يقدمها في معرضه الجديد، تفسر إحساسه وعفويته، ولا يعني ذلك أنه لا يدرس المساحات اللونية والأشكال والمادة، التي يعمل عليها للوصول إلى درجة من التوازن التكويني والتشكيل اللوني اللذين بدا فيهما أكثر تحكماً وثقةً في بناء اللوحة.‏

كما أن الغزارة في الإنتاج والعرض، قدمت إليه معطيات فنية كثيرة، فكانت مجالاً رحباً للتعبير بحرية أكبر، وبغنى لم يكن ممكناً أن يتوفر خارجها، والرسم المباشر والسريع الذي مارسه أيمن أمام الجمهور، كان يغذي دائماً هذا الجانب ويترك فسحة من الحرية للكشف عن الذاتية الثقافية، ووسائل التعبير الملائمة لهواجس الرسم الحي، الذي يضع الخطوط العريضة للتقنية والمادة والمعالجة.‏

خطوط منسابة‏

هكذا يظهر عنده الأداء الارتجالي والخطوط المنسابة طلاقة وحيوية، والمعبرة عن ضرورة داخلية ماسة، جوهرها التعبيرعن العواطف والمشاعر والانفعالات العميقة. كل ذلك يحيل الشكل المرسوم إلى إيقاعات لونية تعبيرية تستعرض الخطوط ومتاهات اللون، وتفرض على اللوحة اتجاهاً تشكيلياً حديثاً ومغايراً لمعطيات الواقع المرئي الموجود في الأبعاد الثلاثة.‏

وهذا يعطيه المزيد من الحرية في تحريك اللون وصياغة الخطوط، بحيث تتحول الأشكال والعناصر والرموز إلى ضربات ولمسات ولطخات لونية وحركات خطية، فيها الكثير من التنويع العاطفي والوجداني والذاتي.‏

فالحركة السريعة التي يزاولها في وضع الخطوط والألوان تلبي بعفوية مطلقة انفعالاً ذاتياً، وتحقق انسياقاً نحو ايقاعات ارتجالية ترتكز على التعبيرية الوجدانية في الكشف الصريح عن الاشارات الذاتية، وهو في ذلك يبقى محافظاً، في كل الحالات، على مستوى معين من الأداء التشكيلي الخاص والحساسية البصرية والروحية.‏

وما هو لافت رغبته الأكيدة في البقاء ضمن حدود الأشكال والواقع، وعدم رغبته في الانجراف بالموجة التجريدية، فهو مهما غاص في الاختزال والتجريد، يبقى على صلة بإشارات الموضوع المتخيل، وعناصره الحية، التي تقيم علاقة بين اللون والاحساس وبين الحضور والتلميح الشكلي. وفي لوحاته الجديدة يهدف التعبيرمن خلال عناصره الانسانية عن أقصى حالات المرارة والمعاناة والقلق، الموجود في الواقع الحياتي الراهن، فاللوحة التعبيرية هي مرآة لميلوديا الداخل والخارج معاً، بين رؤية الواقع ورغبات تجاوز فواجع هذا الواقع.‏

وإذا كانت اللونية العامة تتجه إلى الحركة الانفعالية البعيدة عن السكونية، فهذا يعني أننا نستطيع وبسهولة ملاحظة تلك الحساسية في معالجة تباينات الألوان وتركيبها وحركتها وعفويتها الحاضرة دائماً داخل إطار اللوحة، وهذا يزيد من حالات ارتباطه بعالم لوني ذاتي وانفعالي، فتصبح حتى المساحات الهندسية اقرب الى التشكيلات اللونية البعيدة عن التسطيح والرزانة والدقة الباردة.‏

كما أن الغزارة في الإنتاج والعرض (في سورية والخارج) قدمت إليه معطيات فنية كثيرة، فكانت مجالاً رحباً لاستشفاف ترسبات الداخل، فاللون أصبح في أعماله الأخيرة، أكثر حرارة وحيوية وتعبيرية وانفعالية، وذلك لأنه أصبح يرسم كما يتنفس، ولهذا نجده يبحث بشكل يومي عن الانسجام المركب من الحركة واللون، يبحث عن ذلك الجو اللوني التلقائي، الذي يعتمد كثيراً على حريته وحساسيته البصرية والروحية، ويظهر العلاقات الحيوية داخل مساحة اللوحة.‏

facebook.com/adib.makhzoum‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية