تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محاضرة... هـــدايا الأمـــل..

مجتمع
الأحد 28-12-2014
علاء الدين محمد

تتقارب النفوس وتتعانق القلوب ويزول ما كان من قطيعة وخصام بالهدية ولو كانت زهيدة فهي رسالة شكر ومحبة تعبر عن مشاعر صاحبها،

بالتالي نهدي لنفرح من حولنا أو بسبب مناسبة ما، أو كنوع من المجاملة المشروعة، أو لأننا نريد أن نفصح عن الاهتمام الصادق، ونعبر عن الشكر لمن أهدانا شيئاً.. بهذه الكلمات بدأ الباحث محمد مروان مراد محاضرته في المركز الثقافي العربي بالمزة، موضحاً أن الناس يتبادلون الهدايا في المواسم الدينية والمناسبات الاجتماعية وفي الأعياد والأعراس وحالات الولادة والشفاء من المرض والنجاح في المراحل الدراسية، ليعبر الناس عن فرحهم وابتهاجهم بالمناسبة السعيدة ومشاركتهم للمحتفى به وبالتالي هذه العادة قديمة وتختلف من مجتمع إلى آخر فقد تكون رأساً أو أكثر من الماشية أو الطيور الداخلية أو كمية من أحد المحاصيل التي درج الناس على استهلاكها، وقد تكون نقوداً ذهبية فضية أو مشغولات من هذين المحضرين، لكن مع مرور الزمن وتطور العادات الاجتماعية دخلت موجودات المنزل ضمن قائمة الهدايا المعتمدة فصارت قطع أثاث إحدى غرف المنزل وأدوات المطبخ والتجهيزات الكهربائية وقد تقدم الهدايا من علب الشوكلا أو زجاجات عطر أو ساعة يد...‏

وطرح المحاضر تساولاً حول إذا كانت الهدية دوماً أمراً مرغوباً ومقبولاً يرحب به أم تكون في أحيان كثيرة عبئاً مالياً واجتماعياً لا مبرر له ولا فائدة ترجى منه، وبالتأكيد هذا التساؤل وهذا الطرح لاقا استحساناً من المستمعين وشدهم لمتابعة حديثه والإصغاء أكثر،‏

هدية لا تخطر على بال‏

لاشك أن المحاضر انتقى من كتاب الهدايا أعجبها وأظرفها لكنها في عالم اليوم تبدو في منتهى السخرية وليس الاستغراب والدهشة فقط، للرسام الهولندي/ فان غوغ/ والذي يعتبر من أعطم فناني عصره، كيف امضى أياماً وليالي يفكر في هدية فريدة يقدمها لحبيبته« راشيل» التي أضرم حبه لها جذوة مسعره في ضلوعه، وأرق عينيه، وأسلمه للكآبة حتى قرر على إهدائها قطعة من نفسه، وسرعان ما قطع شحمة أذنه اليسرى بشفرة الحلاقة وأرسلها لها في لفافة وكان يمنن نفسه أن تلقى هذه الهدية الغالية رضا فاتنته واستحسانها، لكن ذلك لم يشفع له عندها وفشلت حكاية حبه، فما كان منه إلا أن وضع خاتمة حزينة لحياته، ورحل وهو بعد في السابعة والثلاثين من عمره.‏

كرمى لعينيها‏

قدم المحاضر نموذجاً آخر للهدية وهو معبد نفرتيتي كرمى لعينيها، وربما كانت أول هدية ملوكية في التاريخ هي التحفة المعمارية الخالدة التي لاتزال إلى أيامنا ماثلة بشموخها وبهائها على ضفة النيل جنوب أسوان هناك شيد فرعون مصر- رمسيس الثاني- معبد أبو سمبل الكبير الذي نحن في الصخر، ولم يجد الفرعون هدية باذخة تعبر عن عواطفه نحو محبوبته الملكة تفرتاري أفضل من معبد صغير خاص بالملكة نحت على مقربة من المعبد الكبير، واشتمل على أربعة تماثيل للملك وتمثالين للملكة يصل ارتفاعهما إلى عشرة أمتار وتحيط بهما تماثيل الأمراء والأميرات وقد حولته الرسوم والنقوش التي تصور الفرعون منتصراً وإلى جواره فاتنته«نفرتاري» إلى آبدة معمارية فريدة، تتوقف عندها مواكب الزوار من كل العالم وتتأمل بذهول هذا المعلم الأثري الخالد، مجسداً حكاية حب ملوكية لم يبلها مرور السنين‏

وختم مراد محاضرته أن للهدية تاريخاً بعيداً عبرت الشعوب عن أثرها في العلاقات الحميمية بين الناس واتخذت أشكالاً مختلفة انبثقت من عادات وتقاليد كل شعب ففي اليونان تعدّى تقديم الهدايا الأعياد والمناسبات العامة ففي المناسبات العائلية تهدى المرأة غطاء للرأس أو أدوات التطريز الدقيقة وتهدى الفتاة مرآة من قصدير أو قرطاً فضياً خفيفاً وقضت التقاليد أن تقدم الهدية للأم في عيدها إلى ابنها البكر، وفي بلدان الشرق اعتادوا أن يقدموا للضيف الذي لم يسبق أن كرموه خبزاً وملحاً وهو بعد على عتبة البيت وعليه أن يأكل قبل دخوله، فيصبح من أهل البيت وتقوم بينه وبينهم رابطة الإخوة، وفي بلدان إفريقية يقدم الضيف إلى ربة المنزل ماضيه وحاضره ومستقبله ويتعين على الزوج أن يرد بهدية مماثلة.‏

وفي بلغاريا تتلقى الفتاة المرشحة للزواج من صديقاتها في عيد الفصح سوطاً أو عصا ذات عقد، فإذا قدم الشبان يخطبون ودها تختار من استهواها بضربة عصا على مرفقه‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية