ظلال جرف صخري عنيد كذاكرتي, ذي مساقط كثيفة خارقة الحكايا منحوتة في سلسلة جبلية, بدت كرواية عشق أسطوري..
ارتمى ظل الجرف على خليج صغير, تدافعت إليه أمواج هادئة وادعة..
لعبة ألوان, انطوت على سحر فيروزي..
عند أقدام الجرف تكسرت أمواج اختلطت بنبضات القلب..
بينما راح الزفير يتهاوى إلى زبد ناصع البياض..
وراح الظل فوق المياه, يخبئ بعض الشمس التي بقيت بعيدا كصبية خجولة..
ثم طيور بيضاء بلون الفضة, كانت تحلق وترفرف, وتزقزق في القلب..
ربما ٱثرت البقاء وهي تحوم في المكان الضيق, مثلي خوفا من لسعة شمس !..
فالمكان الظليل سحر أرجواني يجذب الكائنات..
كل الكائنات.. تتسرب إليها رائحة العشق, لقد كانت الطيور مختلطة بالتأكيد !..
فذكور الطير لا تمكث طويلا في المكان دون إناث..
أحسست بالجمال والبهاء والنشوة مع الطيور في ظلال الخليج الصغير الذي ضمنا معا بحنو فريد..
كأني لم أر المكان من قبل..
وظننتني, والسحر يشتعل في كياني, أن لدى حواسي لغة أخرى لم أتعلمها من قبل.
أمس, وقبل أن يسطو سلطان النوم على جسدي, مكث في نفسي بقسوة, فقد المكان..
فاشتعلت حنينا..
تساءلت.. ترى كيف تبقى الأمكنة حية دون محبين ألفوها وأحبوها ؟..
وكيف يمضي الزمن غير عابئ بالفقد والفراق ؟
نمت, دون أجوبة, فوجدتني في المكان, ذات المكان الذي قض مضجعي..
هل ترانا نرتحل, لنلتقي تلك الأمكنة ؟
نشتعل فيها حنينا, وندير بها أحداثا, وأحداثا..
رأيت الخليج الصغير والجرف الصخري والفيروز, والطيور التي كانت لم تزل تحلق وتحوم..
أغرتني النشوة بالهبوط, فتسلقت الموج الوادع حتى غمرني بلطف شفيف..
كنت أتذكر جيدا, أنني سأغرق وسأختنق دون عناء...
وأن روحي ستغادرني, على هيئة طير أبيض بلون الفضة حط, ثم حلق فجأة !..
لكنني, ماكدت أصل القاع, حتى فوجئت بدلفين طلع علي من غياهب الماء الساكن, ضربني بخطمه فتكورت على ظهره وهو يصعد بي نحو الشاطئ..
واجهت الموت إذا !..
ليس حلما.. لأني حين استيقظت, وجدتني مبتلا من رأسي حتى قدماي..
وفي جسدي رائحة البحر, وأسراره !..
وجيوبي امتلأت بالأصداف وبعض الأسماك الصغيرة..
ليس حلما !..
وها أنا أقيم الحجة والبرهان, نفذت إلى مكان أحببته..
وأنني عبرت الزمن باتجاه ٱخر !..
وأننا نستطيع أن نحيا, وإن متنا !.