حيث كثف لمعادلها الدرامي مفردات فنية واسعة الطيف بالشكل المباشر أحياناً والرمزي أحياناً أخرى وجهت جميعها إلى أبعاد عالم طالما ارتبط بالأزمات السياسية منها والوطنية كما النفسية والحياتية، ومن منظور /الضجر/ ترجمت الحياة بكل تفاصيلها ودون استثناء، فجر جسد عطالة الزمن والحياة، رغم النفوس التواقة للفرح والخلاص والإقدام فالأمان الذي ظهر بأسرة /مصطفى/ ليس إلا مراوغة لحظية تتبدى بسرعة ليتجسد غلافاً رقيقاً يمرر الملل والسأم، فتلك الأسرة كغيرها من الأسر السورية المقيمة على خط تماس خطير يظلله الخطر الدائم والخوف من هجمات العدو يبتكر أطفالها أساليب يعيشون لها طفولتهم المسروقة ويوضح الفيلم فيما بعد بأنهم جميعهم أسر بأفرادها وعساكرها يعيشون نفس الحالة من الضجر أو يتحايلون عليه بطرق شتى يعبرون عما يعيشونه، فها هي حتى الجوائز التي ينالها الأطفال في سياقاتهم هي متلازمات لحالة الانتظار تلك، بدءاً من الراديو إلى المنظار وغيرها من الأدوات، وتكون تلك العناصر الفنية المتشابكة، بمثابة صورة بصرية نقية لدراما حيوية تتصادم عشوائياً بآمالها دون مقدرة الابتعاد عن قيود تمنعها من الانطلاق والوصول إلى ما تهفو إليه، وعلى الرغم من الفترة الزمنية التي تعج بالأحداث المصيرية لأبطال الفيلم وأجوائه التي ينبئ المذياع بها بين فترة وأخرى، إلا أنها تلك الأحداث لم تتمكن من دفع عجلة الزمن بأي تقدم إلى الأمام.‏