تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ســـلمى جميـــــل حــــــداد..مــــن الرجـــــــل المشــــفر إلـــــــى أســــــــرار الحــــــب..

ثقافة
الاثنين 3-11-2014
يمن سليمان عباس

سلمى جميل حداد الاديبة السورية والاستاذة الجامعية تحمل في جعبتها الكثير من الاعمال الابداعية بعضها راى النور واخر ما زال في قائمة الانتظار, وهي تعكف منذ عدة سنوات على انجاز اعمال ادبية موسوعية يعنى بالجانب المعجمي وجديدها الذي صدر هذا العام مجموعة شعرية حملت عنوان «أحبك ولكن»،

‏‏

وهي بهذه المجموعة الجديدة التي تاتي في اطار مشروعها الابداعي تستكمل خطوات في الاتجاه الذي رسمته ورات انه من الواجب شق دروبه بهدوء وروية وقدرة على ان يكون الاثر فاعلا وليس خطوة فوق خطوة اخرى رسمها اخر بل هي خطوة تترك الاثر وتعمق الملامح، فمن الرجل ذلك المخلوق المشفر الى احبك ولكن ثمة خطوات وبصمات هامة تتركها تجربتها الابداعية في زمن لم يعد فيه الابداع الهاجس الاساس للاخرين، واذا ماكان فهو مجرد رصف للكلمات ومحاولة لاثبات وجود، في هذا الاطار الذي نراه تقدم دسلمى حداد ابداعها المختلف بكل التفاصيل، العمل الشعري صاحب الدهشة واللقطة والا يقاع الموسيقي الذي يجعلك تعيد الثقة بالابداع المتالق، سلمى جميل حداد الاستاذة الجامعية والناقدة الادبية المشغولة بالهم المعرفي تحتفي بالحب لانه القيمة الانسانية الاولى التي تركناها تضيع في تفاصيل الغاب، ولذلك كانت ذات يوم قالت في حوار اجري معها ان الحياة اقصر من ان نقضيها في محاولة فك الشيفرات، فالحياة محطة للعطاء والابداع والاحتفاء بقيم الانسانية تقول في مجموعتها الجديدة:‏‏‏

‏‏

تشابه الكونُ وبقيتَ فريداً فريدا،‏‏‏

ضع يدكَ حول خصري‏‏‏

كيما أخرج من جثماني طفلةً عنيدة،‏‏‏

يابنتي لاتمنحي قاتلَكِ شرفَ النظر في عينيه،‏‏‏

اغرسي قدمك الصغيرة ببطن الجبل شجرة زيتونٍ‏‏‏

وحرري بخوفك كرومَ العنب‏‏‏

من ثعالب العزلة والموت،‏‏‏

لاتكسري الهواءَ بصرخة ذعرٍ‏‏‏

ولاتجفلي بنحيبك المدى‏‏‏

فريحان الفضاء ناعمٌ أبيضُ وحنونْ‏‏‏

يُرطّب بقطن السحاب قُرّاصَ الحُروق.‏‏‏

أيلي لماذا شَبقتني وأنا عبدتك الصغيرة؟‏‏‏

أيلي لماذا شَبقتني وأنا فراشة الحقل البتيلة؟‏‏‏

إني أراكِ هناك تخرجين من كلمات السماء،‏‏‏

تغسلين بدمك الطاهر وجهَ القمر الحزين،‏‏‏

ياوردةَ السريعِ غداً نصحو لنعرف مافعلنا،‏‏‏

أفرغي الليلَ من عيونه السوداء‏‏‏

وعلّقي على أقراطه سؤالك الطويل‏‏‏

واقطفي من أصابع الفجر جلنار النهار‏‏‏

فالنّور لكِ والعتمة لنا‏‏‏

إني أحبكَ‏‏‏

تركتها شقيقةَ نعمانٍ على مقعد الانتظار‏‏‏

حين طالت المسافاتُ وسال على ظِلي دم الرصيف!‏‏‏

والحب بمعناه الشمولي هو الاحتفاء بالحياة كلها بمظاهرها بشجرها، ومطرها، سمائها وارضها، الحب ان تكون انسانا قادرا على ان تجعل لمسات الجمال تحيط بك وبالاخرين من كل حدب وصوب:‏‏‏

مسكينةٌ يا شجرة البرتقال!‏‏‏

على ساقٍ واحدة تقفين،‏‏‏

إن أنجبتِ زهراً استولى على أزهارك العطّارْ،‏‏‏

وإن أنجبتِ ثمراً عصر شاربوك مهجةَ الثمارْ،‏‏‏

وإن دهمتك سنُ اليأس يوماً‏‏‏

بتر الحدائقي جذورك وقطّع أغصانك النجّارْ،‏‏‏

واستبدالك بشجرة أينع ساقاً وأخضر برعماً‏‏‏

وكأنك ماجئتِ وماذهبتِ‏‏‏

وماأزهرتِ وماأورقتِ وماأثمرتِ‏‏‏

ومافاحت بأريجك يوماً زيوتُ العطّارْ..‏‏‏

مسكينةٌ.. مسكينةٌ.. مسكينةٌ يازهرة البرتقال!‏‏‏

شجرة البرتقال هذه ليست الا رمزا لمن لامراة لام لعطاء، لانسان لقيم لاحد ما على هذه الارض يعمل ويعمل ويثمر ولكن ثماره تؤول فيما تؤول الى الفناء بالاخر ودون ان تجد او يجد من يقدر ويعترف بالعطاء، لا بل ان البعض يرمي الشجرة المثمرة انسانا كانت ام بستانا ام شجرة يرميها بحجارته لعله ينال من عطائه الذي تنعم به ذات يوم ورسالة سلمى حداد للعالم هي الحب والتمسك به وجعله ديدنه:‏‏‏

لو كان قلبي معي في عيد الحبّ‏‏‏

لأغرقتُ متاحف روما ببحور شِعري،‏‏‏

وعربشتُ على كل تماثيل اللوفر ياسمينةً بيضاء‏‏‏

تفوح بزيوتها عطورُ باريس‏‏‏

فتفيض ضفافُ السين شوقاً إليك.‏‏‏

لو كان قلبي معي في عيد الحبّ‏‏‏

لجدّلتُ ضفائرَ الشمس الذهبية على رأس القمرْ،‏‏‏

وألبستُ شفاهَ البرق أحمرَ الورودْ،‏‏‏

لسانَ الحجرْ.‏‏‏

لو كان قلبي معي في عيد الحبّ‏‏‏

لخجّلتُ كلَّ نخلةٍ ورقاء من تمر حبي،‏‏‏

وأحرجتُ كل البساتين‏‏‏

من أخضر آسي وأحمر وردي‏‏‏

وأضأتُ عينيَّ في حضرة الحبِّ نجمتين‏‏‏

تقتبسان من نور عينيكَ مصابيحَ روحي‏‏‏

ومن بسمة شفتيكَ حُمرةَ خدّي.‏‏‏

لو كان قلبي معي في عيد الحبّ‏‏‏

لمحوتُ أميّة العالم بأبجدية نبضي،‏‏‏

وكتبتُ على كل سبّورة سوداءْ‏‏‏

بطبشورة روحي البيضاءْ‏‏‏

أحبكَ... أحبكَ... أحبكَ ولكنني....‏‏‏

سلمى حداد في جعبتها كما اسلفنا اعمال صدرت واخرى تنتظر وهي حسب ما قالت ذات يوم لم تاخذ حقها من النقد الادبي بل ان معظم ما كتب عن اعمالها يدخل في باب التوصيف والاشارات الاعلامية السريعة، ولابد ان النقد سينصفها ذات يوم ويقف عند اعمالها الشعرية والروائية.‏‏‏

** ** **‏‏

بطاقة تعريف‏‏

‏‏

• أستاذة في جامعة دمشق، كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية.‏‏

• نالت درجة الدكتوراه في نظرية الترجمة من بريطانيا عام 1996.‏‏

• ألفت ثلاثة كتب حول الترجمة.‏‏

• نشرت العديد من الأبحاث العلمية المتعلقة بالترجمة واللغة وأبعادهما الثقافية.‏‏

• حالياً بصدد إعداد مجموعة ثلاثية من المعاجم المتخصصة في مجال الدراسات الثقافية المقارنة.‏‏

• لها ثلاثة دواوين شعر مطبوعة بالإنجليزية: «ظلال الماضي» عن دار الفكر، و«تسونامي وعروس البحر» و«البجعة البكماء» عن دار طلاس.‏‏

• لها ديوانا شعر باللغة العربية: «جوف الليل» و«الرجل ذلك المخلوق المشفر» عن دار البشائر.‏‏

• حاصلة على شهادة تقدير للإنجاز الشعري المتميز من المكتبة الدولية للشعر في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2002 - 2003.‏‏

• نُشر لها قصيدة «إلى الرجل الذي يعرف نفسه» باللغة الإنجليزية في كتاب «أفضل قصائد وشعراء عام 2002» الصادر عن المكتبة الدولية للشعر.‏‏

Yomn.abbas@gmail.com‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية