تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


محاضرة . . عبد القـادر الجزائري.. انمـوذج البطولـة و التسـامح..

ثقافة
الاثنين 3-11-2014
فاتن دعبول

ضمن فعاليات لجنة النشاط الثقافي في مجمع اللغة العربية ألقى الدكتور بكري علاء الدين محاضرة حملت عنوان «كلمة حول مواقف الامير عبد القادر الجزائري»، توقف فيها عند محطات من سيرة الامير عبد القادر الجزائري من خلال مؤلفه الاشهر «مواقف» حيث اعطى فكرة موسعة عن سيرته السيفية دون أن يغفل الجانب الابداعي من سيرته القلمية.

فالمعروف أن الامير عبد القادر قد قاوم الغزوالفرنسي لبلاده الجزائر أكثرمن 15 عاما أرسى خلالها دعائم دولة حديثة قائمة على مفهوم العدالة الاسلامية، فهوبالاضافة إلى انجازاته العسكرية وبطولاته الفردية كأعظم فارس في عصره، فقد خاض 40 معركة قادها ضد الاحتلال الفرنسي وضد القبائل التي لم تلتزم بمشروعه، واستطاع بعبقريته الدبلوماسية أن يسيطر على ثلاثة ارباع الجزائر.‏‏

إن روح المقاومة التي بثها في ربوع الجزائر جعلت منه بطلا استثنائيا نال احترام العدووتقدير الصديق، غير أن الاستعمار الفرنسي الذي مارس سياسة الارض المحروقة والتطهير العرقي والتفرقة بين القبائل، استطاع بتحالفه مع سلطان المغرب أن يضيق الخناق على الامير عبد القادر، ولما شعر الامير بأنه لا يستطيع محاربة اعداء الداخل واعداء الجوار والعدوالفرنسي (الذي كان يمتلك أكبر جيش في التاريخ حتى عصر الامير)، فضل وقف اراقة دماء المسلمين فعقد صلحا مع الفرنسيين ضمن شروط محددة، غير أن الفرنسيين الذين نقضوا كل المعاهدات مع الامر لم ينفذوا شروطه، وبدلا من أن يحترموا رغبته في السفر إلى الاسكندرية أوعكا، قادوه إلى الميناء العسكري في طولون ومنه إلى سجن مدينة «بو» ثم سجنوه لمدة 5 سنوات في قلعة «امبواز» وحين تولى نابليون الثالث السلطة زاره في سجنه واعتذر منه واطلق سراحه بعد أن طلب منه أن يقسم بالله على نسخة من القرآن الكريم أن يوقف كل نشاطاته العدائية ضد فرنسا.‏‏

وسافر الامير إلى بورصة في الدولة العثمانية حيث أقام ثلاث سنوات، واستقر به المقام أخيرا في دمشق، وهنا بدأت سيرته القلمية، حيث التف حوله أشهر علماء دمشق، وبناء على رغبة اصدقائه هؤلاء بدأ بتدوين كتاب «المواقف» الذي استمر في تأليفه أكثر من عشرين سنة، لم يقتصر الامير عبد القادر على التأليف بل كان يدرس في منزله وفي مدارس دمشق كتب الحديث والعقائد، وكان للأمير ديوان شعر ظل مخلصا فيه للتراث الشعري القديم بشقيه الحماسي والغزلي، وقد نشر هذا الديوان عدة مرات.‏‏

وفي عام 1860 كان للأمير دور اساسي في اخماد الفتنة في مدينة دمشق اثر ما يسمى بـ «طوشة النصارى» حيث هاجم الرعاع بيوت المسيحيين واحرقوها وقتلوا المئات من اهل الحي المسيحي، فلجأ إلى بيت الامير حوالي الخمسة عشر الف منه، فحماهم مغامرا بنفسه لانقاذ ارواحهم، وكان لهذا الحدث اصداء في العالم كله مما اطفى على شخصه صفة المتسامح النبيل.‏‏

ويبين كتاب «المواقف» أن الامير كان من أهم اتباع ابن العربي وهذا ماجعل بعض احفاده يتبرؤون منه لانهم ضد الفلسفة وضد ابن عربي، وتبنى هذا الموقف الجاهل كثير من عوام المسلمين.‏‏

يقول الدكتور بكري علاء الدين تجاه هذا الموقف: كان علينا أن نفند «براءتهم» من كتاب المواقف ومضمونه الصوفي وأن نثبت بالوثائق أن الامير هو المؤلف الحقيقي لهذا الكتاب.‏‏

وختم الدكتور علاء الدين بأن الامير خلال اقامته في دمشق كان أقوى رمز ديني فيها، جمع بين تدريس صحيح البخاري والفتوحات المكية لابن عربي واحاط به جمع من كبار علماء الشام ( بيروت، دمشق، وما جاورهما) واعترفوا بفضله وعلو نسبه وافتخروا بصداقته كمجاهد استثنائي ومؤمن مثالي.‏‏

وفي نهاية المحاضرة الغنية بالمعلومات، أضاف الدكتور محمود السيد أن الامير عبد القادر تزوج ابنة عمه في الخامسة عشرة من عمره وكان محبا للفروسية حتى ليقال أنه كان يطلق النار على الهدف من على ظهر فرسه وهو في مطلق السرعة، وقد بويع عندما كان عمره 24 سنة واكتفى بلقب أمير، وبعد وفاته دفن في سفح جبل قاسيون إلى جانب ابن عربي ثم نقلت رفاته إلى الجزائر.‏‏

وقد تفرغ للناحية العلمية عندما اقام في بلاد الشام فدرس في الجامع الاموي والمدرسة الجقمقية، ويسجل به ايقاف الفتنة الطائفية وحماية الاقليات المسيحية.‏‏

وفي مداخلته بين الدكتور محمود الربداوي أن وزارة الاوقاف كلفت عالمين مشهورين «الدكتور سليمان ضاهر» والدكتور «محمد درويش» للتحقيق في موضوع هام وهو «هل كتاب المواقف فعلا من صناعة الامير عبد القادر الجزائري ؟» لأن واحدة من حفيدات الامير واسمها بديعة نظرت في «مواقف» وألفت كتابا اخر تدعي أن كتاب المواقف ليس للأمير عبد القادر وبالطبع ادعاؤها هذا غير صحيح، والكتاب هو للأمير عبد القادر الجزائري لكنها ارادت أن تتنكر لذلك.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية