ن.أ. سوفو ملينيسك
إن حب الوالدين الأعمى قد يحول الطفل إلى مدلل أناني فنراه أينما وجد يفكر قبل كل شيء بنفسه ورغباته وأسباب راحته، والأسوأ أنه يبحث عن السبل السهلة في الحياة وبذلك يظل في نزاع مع الحياة ومع المجتمع، لذا يجب أن يكون هناك متسع للحب والقسوة معاً.
ويبدو التأثير النفسي لأسلوبي التشجيع والعقاب يتمثل في دفع الطفل أن يقيّم بنفسه تصرفه، لأن هذا التقييم هو الشرط الضروري لتبني القيم والأخلاق.
يقول مكسيم غوركي: ((إن الثناء على إنسان مفيد جداً إنه يزيد من احترامه لنفسه ويساعده على أن يطور في نفسه الثقة بقواه الإبداعية))... لذلك فإن التشجيع يحقق تعزيز السلوك الصحيح لأنه يثير في نفس الطفل شعور الرضا ،الفرح ،البشاشة، الثقة في القدرات والإمكانات، وهذه المشاعر كلها تدفع إلى الرغبة والاستعداد لتكرار التصرفات الخلقية السليمة وتقوي الطموح الواعي إلى السلوك المطلوب وينبغي أن يتم أسلوب التشجيع بمهارة تراعي من خلالها خصائص الطفل الفردية، ويحتاج إلى التشجيع بشكل خاص الأطفال غير الواثقين بأنفسهم والمهملين تربوياً فهم يصبحون أفضل تحت تأثير التشجيع و تعزيز السلوك الصحيح دائماً.
ولا بد من تشجيع اهتمامات وميول الطفل المختلفة في الرسم، صنع الأشكال، الاعتناء بالورود، الموسيقا والعزف... وغير ذلك. وتتدرج أساليب التشجيع من الاستحسان إلى الثناء إلى المجازاة (المكافأة) فالاستحسان يعبر عنه بالإيماءة وبالموافقة من الرأس وبالنظرة المشجعة والابتسامة أو بعض الملاحظات الشفهية القصيرة...
والتشجيع يجب أن يكون قائماً على الاستحقاق وليس على النجاحات الطارئة أي على العمل الذي يتطلب من الطفل جهود الإرادة والصبر وضبط النفس وحب العمل.
العقاب:
انقسم الخبراء حول أسلوب العقاب فبعضهم يعتبره عادة سيئة اكتسبناها من الماضي الذي كان يجيز هذه الوسيلة، بينما قيمنا وأخلاقنا الحاضرة ترفض أسلوباً كهذا لأنه ينشئ شخصية ضعيفة غير متوازنة، مسلوبة الإرادة وفريق آخر يجد من المستحيل تربية الطفل دون عقوبات واستخدام هذا الأسلوب يجنبنا وجود أطفال أشقياء.
العقاب ليس هو الغاية والمقصود هو العقاب المعنوي المتمثل بالشعور الذي يعانيه الطفل من جراء تقويمنا السلبي لسلوكه والناتج عن اقتراف ذنب ما، أما العقاب الجسدي فالابتعاد عنه ضروري جداً نظراً للأضرار الكبيرة التي يلحقها بشخصية الطفل ويثير في نفسه مشاعر الألم والإهانة والحنق والانتقاص من قدره وقيمته وتثير لديه أشكال عدوانية من الدفاع عن النفس عند الطفل الخاطئ.
شروط تطبيق العقاب:
عند تنفيذ العقاب يجب أن ينصّب على أسباب التصرف لا على نتائجه ( كالطفلة التي أرادت أن ترتب الغرفة، وتمسح الغبار عن أثاثها قبل مجيء والدتها من زيارة ذهبت إليها، لتظهر نشاطها ومساعدتها لها، يحدث أن تكسر مزهرية عزيزة على والدتها).
فالتصرف هنا التوبيخ دون معاقبتها لأنها انقادت إلى العمل من دافع طيبة لكنها وصلت إلى نتائج سيئة، وينبغي ثانياً أن يكون العقاب عادلاً دائماً ومن المضر معاقبة الطفل باستمرار، لا بد أن يعاقب الطفل على فعل ملموس ليعرف أي شيء عوقب وما المراد من العقوبة وماذا يجب أن يصلح في نفسه.
وختاماً نقول بحسب الباحثة مها عرنوق: إن الأسر التي تسود فيها الصداقة بين الأطفال والوالدين والتي يربى فيها الطفل بصورة صحيحة، تراه لايحتاج إلى معاقبة، لأن الطفل يتصرف وفق الخبرة العائلية المتكونة...