تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الذكرى السادسة والستون لميلاد حزب البعث.. ومواجهة الإقصاء !!

شؤون سياسية
السبت 6-4-2013
محمد عبد الكريم مصطفى

بعد تجربة نضالية عمرها ستة عقود ونيف من تاريخ حزب البعث، يواجه في عيده السادس والستين على الأرض حرباً عالمية بامتياز لإقصائه عن الساحة السورية بعد أن سبق وتم تدمير العراق الذي كان يحكمه نفس الحزب لكن بعقلية و إرادة مختلفة كلياً،

بل ومتناقضة مع المنهج المعتمد في سورية منذ قيام الحركة التصحيحية بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد، واليوم يُشارك في الحرب الكونية على الفكر العربي القومي أكثر من مئة دولة نظرياً، و من يشن تلك الحرب في الواقع وعلى الأرض هي أمريكا وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي وعملاؤها في المنطقة من أعراب الخليج وتركيا والكيان الصهيوني خدمة للمشروع الصهيو – أمريكي الجديد للمنطقة، لكن دمشق التي كانت ولم تزل وستبقى قلعة العرب الصامدة وقلب العروبة النابض في وجه كافة المشاريع الاستعمارية الغادرة.‏

ونحن نحتفي بذكرى ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي لا بد لنا من وقفة تأملية وتحليلية ونقدية لواقع البعث، ودوره في مواجهة معركة مصيرية، معركة تدمير سورية التي دخلت عامها الثالث، بداية يجب أن نقر بأن أهداف حزب البعث وتطلعاته تجاه الشعوب العربية الواسعة نبيلة وهي ترتكز إيديولوجيا على طموحات أي عربي يحب أن يرى أمته الكبرى موحدة وقوية وقادرة على بناء حضارتها العربية الخاصة وفق أسس من الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص بين أفرادها، كما أن أدبيات البعث التي تراكمت خلال تاريخه النضالي وخاصة خطب وكلمات القائد الخالد حافظ الأسد كانت غنية وثرة بما يدغدغ أحلام وطموحات الشريحة الواسعة من أبناء الجماهير العربية، وهذا ما أعطى للحزب حضوراً مميزاً على الساحة المحلية والعربية، وشعبية كبيرة أربكت منافسيه من السياسيين الطامحين لأخذ مكانه ودوره على الساحة السياسية ، وكذلك أزعجت أعداءه الحقيقيين في الخارج الطامعين لإقصائه وتبديله بتيارات سياسية موالية لهم وتستطيع أن تخدم مشاريعهم الاستعمارية في المنطقة.‏

في الواقع لا نُخفي بأن مرحلة نشوء البعث وفترة وصوله إلى السلطة كانتا مواتيتين لتحقيق القسم الأكبر من الأهداف خلال العقود الأولى من عمر الثورة، لكن عدم وضوح الرؤية لدى قيادته وانشغال بعضها بالسلطة وبهرجتها والجري خلف ملذاتها بما حملته من تداخل في العلاقات الاجتماعية والاقتصادية أفقدت التنظيم بعضاً من تماسكه وجوهره وخططه الاستراتيجية لصالح الحركة اليومية لقيادة مؤسسات الدولة، وترافق ذلك مع إهمال غير متعمد للجانب الاجتماعي والتثقيفي أعطى انطباعات مغايرة للمنهج الأساسي الذي يهدف إلى تثبيت وجود الحزب واستمرار مشروعه القومي في الاتساع على الساحة العربية، كما أن تقديم وتفضيل العمل القومي على الوطني سياسياً خلق فرصة مواتية لبعض التيارات الوطنية والحزبية لطرح نفسها كبديل وطني أكثر آماناً لجماهير الشعب التي بدأت ترى مسافات شاسعة تفصل بينها وبين قيادات الحزب الوسطى والعليا في الشارع.‏

من المؤكد بأن الأزمة التي يواجهها حزب البعث في سورية هذه الأيام تختلف كلياً عن المطبات التي تعرض لها خلال الستين سنة السابقة، لأن هذه المعركة تهدف إلى تدمير وتخريب كل ما بناه الحزب خلال تاريخه النضالي بكامله ليس على المستوى الفكري والعقائدي والمنهجي فحسب، بل كذلك على المستوى الاقتصادي والاستراتيجي، ومخططٌ لها أن تؤدي إلى إلغاء حقبة البعث بكل ما للكلمة من معنى، وقد بدأت بمطالب شعبية بسيطة وصلت للمطالبة بإلغاء المادة الثامنة من دستور الجمهورية العربية السورية التي تُعطي للحزب حق القائد في الدولة والمجتمع، وكانت ردة الفعل من قيادة البعث تأييدها لتغيير الدستور بالكامل، وترك مبدأ قيادة الدولة والمجتمع لصناديق الاقتراع التي هي صاحب كلمة الحسم في تحديد الحزب الذي يتسلم السلطة مستقبلاً، ومع ذلك استطاع البعث أن يُثبت حقه في القيادة بقوة نتائج الانتخابات سواء في المجالس المحلية أو التشريعية، ولم يجد غضاضة في التناغم والتنسيق مع بقية التيارات الوطنية التي استطاعت تحقيق حضور نسبي في الانتخابات، لأن قيادة البعث ومنذ قيام الحركة التصحيحية عام 1970 كانت سباقة لفتح بوابة المشاركة الحزبية للأحزاب الأخرى وللمستقلين في قيادة الدولة واستلام مواقع في السلطة العليا سواء في الحكومة أو في المجالس التمثيلية ولم تكن في يوم من الأيام لديها أي مخاوف من انخفاض شعبية الحزب في الشارع .‏

وهنا لا بد لنا من كلمة حق نقولها للتاريخ ونحن على قناعة مطلقة بها، وبالرغم من السلبيات الكثيرة التي ظهرت هنا وهناك بعد استلام حزب البعث للسلطة في سورية، وظهور بعض الممارسات غير المنسجمة مع فكر الحزب وعقيدته، فإن الانجازات الكبيرة والضخمة التي حققتها ثورة البعث في سورية على المستوى الفكري والعقائدي والتربية والتعليم والجيش، وما تم تحقيقه في الجانب الاقتصادي والخدمي، هو ضخم جداً وهو سر صمود سورية شعباً وحكومة وجيشاً في وجه حرب الإقصاء التي دخلت عامها الثالث دون أن تتمكن من تحقيق أي هدف لها، وإن مرونة القيادة وحكمتها لجعل الخسائر في حدها الأدنى هو السبب في إطالة أمد الحرب، فسورية اليوم لا تُقارن بأي دولة في المنطقة من حيث البنية التحتية الضخمة والاقتصاد الاستراتيجي المدروس، والجيش العقائدي المنظم، والشعب الواعي الموحد على الرغم من تعدد أطيافه الدينية والعرقية فهو يُشكل حالة من الوعي المعرفي والحضاري عالية المستوى بين شعوب العالم بفضل التثقيف العقائدي الذي تبناه حزب البعث العربي الاشتراكي في المدارس والجامعات والجيش والمنظمات الشعبية والنقابات المهنية، وإن خروج جزء لا يتعدى 10 % من مجموع الشعب السوري بما في ذلك ما يُسمون أنفسهم معارضة الخارج عن هذه الوحدة، لا يُشكل مخاوف حقيقية لمستقبل سورية، وإن ما بناه حزب البعث ليس بمقدور أي قوة في العالم القضاء عليه أو تدميره، لأنهم عندها سيُدمرون سورية بكاملها وهذا حلم إبليس بالجنة!!‏

ومع تأكيدنا على أن النصر قادم لا محالة على أيادي بواسل جيشنا العربي البطل، نقر بأنه أمام حزب البعث مرحلة من إعادة بناء الذات وترميم ما تهالك من بنى تنظيمية وفكرية ومقاربتها مع الواقع الجديد بالسرعة الفائقة، لأن قطار بناء سورية الجديدة وضع على السكة الصحيحة، ولن يُقبل بين ركابه من هو غير قادر على إثبات نفسه بقوة العلم والمعرفة واليد النظيفة، وليس من مكان هنا للتشريفات، وعلى مساحي الجوخ والمتكئين على علاقات مشبوهة أن يبحثوا عن أماكن بعيدة عن هذا القطار، لأنه لن يحمل في عرباته غير الشرفاء والمخلصين الذين يقع على عاتقهم متابعة المسيرة خلف القائد العربي الشامخ شموخ قاسيون الرئيس بشار الأسد.‏

mohamad.a.mustafa@gmail.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية