|
الدروس الخصوصية... دواء للعلاج أم داء للإدمان ؟ مجتمع حالة تأهب قصوى بدأت تجتاح معظم الأسر السورية لاستقبال امتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي التي باتت على الأبواب.... غير أن أساتذة الدروس الخصوصية هنا هم أسعد حالا بانتعاش موسمهم السنوي الذي بات يخضع لحجوزات مسبقة... موسم أدخل أولياء الأمور في دوامة البحث عن مصاريف لهذه الدروس التي باتت تستنزف ميزانية الأسرة ... فالدروس الخصوصية ظاهرة كثر الحديث عنها لآثارها السلبية والتي من أبرزها تسليع العملية التعليمية بشكل يجعلها تخضع لمفاهيم العرض والطلب والبيع والشراء.. ورغم أن هذه الدروس أصبحت حاجة نفسية بحتة لدى البعض إلا أن هناك هجوما معاكسا عليها من البعض الآخر.... فلماذا يلجأ معظم الطلاب الى هذه الدروس أحقا هي الحل الأسهل للنجاح؟.... وهل أضحت بديلا عما يعطى في مدارسنا؟.... البديل عبد الله حمود طالب شهادة ثانوية يقول:بصراحة ودون مواربة أنا أذهب الى المدرسة لتسجيل الحضور فقط فالصفوف في مدارسنا مزدحمة بالطلبة ولا نفهم شيئا أثناء الشرح وهي تحولت الى مكان للاجتماعات والتسلية... وللأسف هناك أيضا بعض المدرسين لا يقومون بآداء واجبهم بضمير أثناء الحصص الدرسية ولأسباب نجهلها ما ولدّ لدينا إحساسا بعدم الثقة بما يقدمونه لنا وهذا ما حدا بنا التوجه بقوة نحو البديل (الدرس الخصوصي) الذي بات يفضله معظم الطلاب خاصة وأن الطالب حينها يكون بمفرده ويستطيع أن يحصل على المعلومة التي يريد ودون تشويش من أحد. داء وإدمان سمياء الصالح ثانوية عامة فرع أدبي تقول: أنا أرفض رفضا قاطعا الدروس الخصوصية وأرى أن من يطلب هذه الدروس إما أناس مهملون أو فاقدو الثقة بذاتهم فهذه الدروس باتت داء يصعب التخلص منه والإدمان عليها منتشر جدا هذه الأيام وتؤكد سمياء على أن من يقول هذه الدروس هي مفتاح السر للنجاح في الثانوية العامة مخطىء جدا فاعتماد الطالب على ذاته مع القليل من التركيز كفيلان بالتخلي عن فكرة الدروس الخصوصية وتحقيق النجاح الذي يريد.... استنزاف واضح الأهل الذين يكتوون بنيران الدروس الخصوصية يؤكدون أنهم يسعون لإرضاء ضمائرهم وعدم التقصير مع أبنائهم إذا طلبوا درسا خصوصيا مهما كانت التكلفة المادية. منير أسعد والد لطالبين في مرحلة الشهادة الثانوية يقول: ان الدروس الخصوصية استنزاف واضح للإمكانات المادية للأهل ولكننا لانستطيع فعل شيء إزاء ذلك وليس أمامنا سوى تلبية رغبة الأبناء فهي بالنسبة لهم السبيل لتحصيل درجات أكثر وذلك رغم عدم قناعتنا بها... حيث في أحيان كثيرة قد يضيع مستقبل الطالب على علامة واحدة خاصة وإن كان يحلم بكلية مرموقة تزداد معدلات القبول فيها عاما بعد عام... ويستطرد منير قائلا: هي حقا وباء متفش والمستفيد منه المدرسون الذين يستغلون الفرصة ويبالغون في أسعار تجارتهم في موسمها.... ولكن ما باليد حيلة علينا أن ندفع لنسكت ضمائرنا ونرضي ابناءنا. وللمعلمين رأي وعلى الجانب الآخر دافع المدرسون عن أنفسهم إزاء ما وجه إليهم فبعضهم أكد أنه يرفض مبدأ الدروس الخصوصية لقناعة ذاتية رغم أنها ظاهرة لن تلغى بل ستستمر طالما وجدت الإغراءات المادية التي يصعب مقاومتها لدى الكثيرين.... بينما رد الآخرون تفشي هذه الظاهرة لأسباب كثيرة منها خاص وآخر عام فالخاص مرده الى ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية حيث لم يعد يكفي الراتب الواحد ما يضطرهم الى اللجوء لإعطاء دروس خصوصية بعد انتهاء دوامهم الرسمي ودون التقصير في أداء واجبهم بالمدارس الحكومية أما العامة فتنحصر في عدم وضع المعلم في صورة استخدام الطرائق الحديثة للتعليم وخاصة في الريف وازدحام الصفوف الذي لا يساعد على ايصال معلومتهم بالشكل المطلوب بالإضافة الى غياب التنسيق بين الأهل والمدرسة في كثير من الأمور التي تهم الطالب فمعظم الطلاب لا يتمتعون بالجدية والاستهتار الصفة الغالبة على ممارساتهم أما في وقت الدرس الخصوصي فالطالب مختلف تماما يتمتع بالجدية والمتابعة والتصميم وهذا بالتأكيد يعود للمراقبة من قبل الأهل والمدرس على السواء. رأي علم النفس.... ظاهرة نفسية د. ثائر محفوض اختصاصي علم نفس قال: إن مسألة الدروس الخصوصية ظاهرة نفسية أكثر منها ظاهرة تعليمية حيث أن هناك العديد من الاسباب المؤدية اليها فربما يكون الأهل هم المحرض للأبناء على الدروس الخصوصية وربما عامل الغيرة بين الأصدقاء كون أحد الطلاب يحصل على درس خصوصي فيلجأ الآخر الى التقليد بالحصول على درس خصوصي بلا ضرورة وإنما لمجرد المشاركة مع الأصدقاء وكأنها نزهة إضافة الى أن الطلاب متفوقون ولكن ثقتهم بذاتهم تكون ضعيفة لذلك يعملون على تدعيمها بالدروس الخصوصية... ويضيف د. ثائر إن مشكلة الدروس الخصوصية تحتاج لحل تتكاتف على تنفيذه العديد من الأطراف، المدرس الرافض لمبدأ الدروس الخصوصية والطالب الواثق بقدراته والأهل غير المحرضين للأبناء على الدروس الخصوصية.
|