على ما يبدو أن أسئلتها الوجودية استمرت معها، تبعثرها وتعيد لملمتها فيما أنتجت من أدب.
هكذا تقلب ساغان صفحة الحزن، ولومؤقتاً، في كتاب أسئلة الوجود الإنساني، ملتقطة صفحة (الحلم).
فهل الحلم ضروري استمراراً في الحياة.. وأي حياة جوفاء تلك التي لا تستوعب إمكانية الحلم أو المقدرة عليه.
في نص (الشوكة) تسعى ساغان إلى إعادة وخزنا بشوكتها مراراً، إيقاظاً لنا من كبوتنا، غفوتنا، وربما من مواتنا - موتنا غير المعلن- الموت المعنوي المعلنة بدايته بسقوط إمكانية الحلم.
يلتقط المخرج منصور السلطي (شوكتها) تلك مجاهراً أن الحلم ليس أن ترى ما لايرى ، بل هو أن لا تعلم أنك تحلم. لكن عليك أن تعرف كيف تصحو.
وبهذا يختصر السلطي جوهر الموضوعة.. هناك جمال مخبأ في الحلم والقدرة عليه.. لكن متعته الكبرى وكمال جماله لا يكون إلا مقترناً بإمكانية الصحوة منه.
عبر هذا الفهم فقط يمكن للخيالي أن يوجد إلى جانب الواقعي.
- عرض (الشوكة) الذي قدم على خشبة القباني ، نص ساغان، إخراج السلطي، تمثيل: زينة ظروف - محمد مصطفى - سعد لوستان.
يناقش تلك الأفكار، بتقديمه لنماذج إنسانية ثلاثة تتفاوت في مدى قابليتها للحلم ، ومدى امتثالها وقبولها للواقع.
فنرى نموذج الإنسان المغرق في أحلامه هروباً من سطوة وقسوة الحياة المعاشة ، في شخصية (اليزابيث مادران- زينة ظروف) ، ونموذج الإنساني الواقعي أوالقادر على تقبل واقعه مجرداً من الحلم ، جافاً كما في شخصية (إيفان - محمد مصطفى) المتذمر من إغراق حبيبته إليزابيث في أحلامها ، وإدمانها تلك الأحلام ، مجرد أحلام لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع.
فإليزابيث ليست سوى ممثلة كومبارس في المسرح، تزعم متوهمة- حالمة أنها نجمة مسرحية مهمة، تبني عالماً كاملاً وهمياً من أحلامها ساعيةً للعيش فيه عوضاً عن بؤس حياتها .
تمسكها بالحلم الذي لم يثمر لصالحها ، يثمر نهاية لصالح (لوسيان- سعد لوستان) عامل الفندق البسيط، حيث تكشف اليزابيث فيه حبه للمسرح وللتمثيل، تنبش رغبته وحلمه غير المدرك واللاواعي ، لتفجر فيه موهبةً لم يُقدَّر لها أن تنطلق بعد.
ولعل مشهد النهاية الذي يظهر موهبة (لوسيان) الواضحة، ما هو إلا تأكيد عى فائدة متابعة الحلم، السير وراء تهويماته وخيالاته لربما قدرنا على كمش بعضٍ منها وحولناها حقيقةً ولو إلى حين.
وكما لو أن هذه الخاتمة التي تومئ بضرورة الحلم، بلسماً مهدئاً لمرارة الحياة ، تنتصر لجماله، وتبتعد عن وهمه.
وبالعمـــــــــوم..
جاء العرض دون تمويهات أو مواربات تثقل فكرته الأساسية إمكانية الحلم، ضرورته ، لم تتجاوز أربعة أو خمسة مشاهد، تعاملت مع الموضوعة دون أي إطالة، بأداء غير متكلف ، من قبل الثلاثة، كما تلقائية وعفوية سعد لوستان، في (الشوكة) - نصاً وعرضاً- هناك تحية تلقى على صباح الحياة..
على صباح يومٍ يبدأ بالحلم لينتهي مساءٍ- ربما- متحولاً إلى حقيقة ملموسة.. مفاجئة لكن تبقى مراوغة كما طبيعة الحلم الذي تحولت عنه.