تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مجنون يحكي وعاقل يسمع..إدمان

ساخرة
الخميس 5-3-2009م
عادل أبو شنب

-1-أدمنت حرمنا المصون، أم المؤمنين والمؤمنات مشاهدة الأفلام والمسلسلات التلفزيونية بجميع أشكالها وألوانها،‏

حتى إنها باتت تتسمر أمام شاشة التلفزيون، حتى لا تفوتها حلقة من حلقات المسلسل الفلاني أو المسلسل العلتاني، ما أثر على توازننا في البيت، فلم نعد نأكل إلا النواشف ومحتويات العلب الجاهزة، والغسيل يتكوم في الغسالة، وأركان المنزل، والأولاد يدبرون أمورهم بأنفسهم، وقد ضقت ذرعاً بسلوك أم المؤمنين ورجوتها بأسلوب مهادن أن تلتفت إلى بيتها وأولادها وطبخها وغسيلها ومسحها وكنسها، وكل ما كانت تقوم به قبل أن تمطر علينا تلفزيونات القنوات العربية والأجنبية، حتى السيرلانكية والإيرلندية بمسلسلاتها التي تبث أربعاً وعشرين ساعة في الأربع والعشرين ساعة، لكن زوجتي ركبت رأسها، واستمرت في مشاهدة الأفلام والمسلسلات زاعمة أنها تتسلى، وأنها لا تريد أن تظهر أمام جاراتها اللواتي يفعلن الشيء نفسه، بمظهر الجاهلة التي تفوتها مشاهدة حلقة من حلقات مسلسل ما، حتى نفد صبري فقررت أمراً.‏‏

-2-‏‏

لجأت إلى الكهرباء التي تمد التلفزيون بطاقة التشغيل فصرت كلما دخلت البيت رفعت خلسة «باشون» ساعة الكهرباء فتتعطل، وبذلك يخرس التلفزيون، وهكذا عادت امرأتي إلى شؤون منزلها ليوم أو يومين، ثم رأيت الحالة أسوأ مما كانت عليه عندما كان التلفزيون يبث مسلسلاته، عجبت للأمر وفي ساعة صفاء اعترفت زوجتي بأنها تتحدث يومياً مع جاراتها وأهلها وأخواتها، عبر التلفون تسألهم ماذا جرى في المسلسل الفلاني، وهل ماتت البطلة؟ أو المسلسل العلتاني؟ وهل انتصر فؤاد في حبه؟ فضربت كفاً بكف وقلت: هاهي المسكينة قد أدمنت، والإدمان أنواع، منهم من يدمن على المسكرات ومنهن من تدمن على النوم، ومنهم من يدمن على الجلوس في المقهى، ومنهن من تدمن على مشاهدة المسلسلات التلفزيونية سواء كانت علاكاً أم كانت جيدة المحتوى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. على هذه المصيبة!‏‏

-3-‏‏

على أي حال نجحت في تخفيف عبء ميزانية المدفوعات إلى شركة الكهرباء، بنزع «الباشون» من الساعة، وقلت في نفسي «بسيطة ارتحنا من هذه المسألة، وإن شاء الله تعتاد حرمنا المصون أم المؤمنين والمؤمنات على خلو ساعات النهار والجزء الأكبر من الليل من مسلسلات التلفزيون التي دوختني ودوختها ودوخت الأطفال، وجعلت حياتنا جحيماً لا يطاق بسبب المسلسلات الهابطة علينا، مثل زخ المطر «ما شاء الله».‏‏

لكن المفاجأة كانت في فاتورة الهاتف، فبعد أن كانت لا تتعدى الألف ليرة في الدورة الواحدة، صارت أكثر من خمسة آلاف ليرة وصارت تئن ميزانيتي، وهي ميزانية موظف وتكاد لا تتحمل فواتير الأكل والشرب، والهاتف، وهكذا طلعنا بسبب المسلسلات التلفزيونية سواء بالمشاهدة أم بالثرثرة عبر الهاتف من تحت الدلف لتحت المزراب!! لقد أدمنت زوجتي وبحاجة إلى مصحة..‏‏

ومجنون يحكي وعاقل يسمع..‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية