تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ما أسباب الأزمة في غينيا بيساو؟

شؤون سياسية
الخميس 5-3-2009
فؤاد الوادي

لاشك أن حادثتي اغتيال رئيس جمهورية غينيا بيساو جواو برناردو فييرا الذي حكم البلاد مايقارب الـ23 عاما ورئيس هيئة أركانه الجنرال تاجمي نا وايي سيضع البلاد على حافة الهاوية ويدخلها في حالة من المجهول ويفتح باب الاحتمالات على مصراعيه ،

خاصة بعد ورود أنباء عن حالة من الذعر والخوف أصابت السكان اضطر الجيش على إثرها لفرض حظر للتجول في العاصمة ومنع الدخول أو الخروج منها حتى إشعار آخر ،وبعيدا عن التحليلات السطحية والاتهامات المتبادلة التي سادت أصحاب القرار في الحكومة والجيش والقيادة السياسية انطلاقا من توجيه كل طرف للاخر بتنفيذ الاغتيال حيث يتهم الجيش الرئيس المقتول باغتيال قائده وهو ما دعاه الى الانتقام له ، إضافة الى بعض الأخبار التي تحدثت ضلوع رئيس الوزراء كارلوس غوغيش باغتيال رئيس الدولة ورئيس أركانه معا على خلفية اتهامات متبادلة بتعاون كل طرف مع عصابات تهريب المخدرات.. ذلك أن أي قراءة موضوعية لتاريخ وواقع غينيا بيساو السياسي والاجتماعي والاقتصادي تقودنا بشكل طبيعي الى المسببات الحقيقية لظهور مثل هذه الصراعات والأحداث التي أرهقت البلاد وأدخلتها في جحيم الفقر والتبعية .‏

ويمكن لأي متابع للأحداث ان يعزو أسباب هذه الأزمات المتلاحقة التي تضرب هذا البلد منذ استقلاله في العام 1974 عن الحكم البرتغالي ،بدءا من الفقر الشديد الذي يغرق السكان ومرورا بالانقلابات العديدة والحرب الأهلية التي عصفت به في العقد الماضي وانتهاء باغتيال رئيس الدولة ورئيس أركانه ،الى ثلاثة محددات رئيسية إذا اجتمعت في أي بلد من بلدان العالم فان مصيره سيبقى مجهولا وغير مستقر .‏

المحدد الأول هو الفقر حيث تعتبر غينيا بيساو البلد الإفريقي الأكثر فقرا في العالم حيث تمتلك حاليا دينا خارجيا ضخما، فيما يعتمد اقتصادها بشكل كامل على المساعدات الخارجية وينال الفرد فيها اقل معدل للعيش في العالم وتعد رواتب الموظفين فيها متواضعة جدا مقارنة مع دول الجوار الى حد كبير.‏

أما المحدد الثاني لجذور الصراع في غينيا بيساو، والذي يعتبر وليد المحدد الأول ونتيجة طبيعية له ،هو الفساد الحكومي والسياسي الذي وضع البلاد على حافة الهاوية وادخلها في عالم اللا سلطة الذي تسود فيه شريعة الغاب وحكم الأقوياء وأصحاب النفوذ وهو ما ساعد الى حد كبير جدا في انتشار الجريمة في المدن الرئيسية وانتشار الفساد بين موظفي الحكومة ووقوع البلاد تحت سيطرة تجار المخدرات الذين أصبحوا يملكون موارد هائلة وتسليحا جيدا و زوارق وطائرات جعلتهم يحولون غينيا بيساو الى قاعدة عريضة للمخدرات ومركز عبور رئيس لتهريب المخدرات إلى أوروبا هذا بالإضافة الى تمكنهم من شراء ذمم كبار المسؤولين في الجيش والحكومة لتسهيل حركتهم وهذا المحدد الثالث.‏

هذه المحددات الثلاثة أدخلت البلاد في المجهول منذ استقلاله عن الاستعمار البرتغالي وأفرزت سنوات طويلة من الصراع بين الجيش والسلطة السياسية والحكومة والحروب الاهلية ، حتى أصبح كل طرف يتربص بالآ خر دون الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن والمواطن الذي أنهكته سنوات الاستعمار والاستعباد .‏

هذا الاختلال الأفقي والعامودي بين السلطات الثلاث جعل الكفة تميل لصالح عصابات الجريمة وتجار المخدرات الذين استغلوا الوضع أحسن استغلال واستطاعوا أن يجروا لطرفهم الكثير من القيادات العسكرية والسياسية والحكومية المتعاونة معهم والمسهلة لحركتهم وصفقاتهم ، وبذلوا للحفاظ على هذه المعادلة كل جهد ممكن .. وبالتالي هي من دفعتهم حسب بعض المحللين لاغتيال رئيس الدولة ورئيس أركانه بغية إدخال البلاد في موجة جديدة من الفوضى تستطيع من خلالها المحافظة على نفوذها ومواقعها وتمرير كل صفقاتها. ‏

الأحداث في غينيا بيساو تتسارع نحو المجهول والترقب يسود الشارع هناك ، وحتى هذه اللحظة لم تعلن أية جهة مسؤوليتها عن هذه الأحداث، وحتى انتخاب رئيس جديد للبلاد الذي يتوقع ان يجري بعد ستة اشهر ،نتمنى ألا تتفاقم الأمور أكثر وتسير باتجاه الاسوأ .. أي الحرب الأهلية لاسمح الله .‏

***‏

معلومات عامة‏

دولة غرب إفريقيا على ساحل المحيط الأطلسي وواحدة من الدول الأفريقية الصغيرة تحدها السنغال من الشمال ،و غينيا من الجنوب و الشرق ،و المحيط الأطلسي من الغرب‏

العاصمة : بيساو‏

عدد السكان : 1،7 مليون نسمة‏

اللغة الرسمية : البرتغالية‏

نظام الحكم : جمهوري‏

المساحة : (36,120)كم‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية