الكيان الإرهابي.. من أزمة إلى أخرى!
شؤون سياسية الخميس 5-3-2009 محمد كشك إن ما يجري في غزة -ضمن المسلسل الإرهابي اليومي الذي يمارس بحق الفلسطينيين- يمثل أبشع «هولوكوست» باسم الدفاع عن أمن إسرائيل وهو في تكثيفه جريمة مستمرة في إطار استراتيجية بلورتها مؤامرة غير إنسانية على المستوى الإقليمي والدولي،
وبقي مسرح التاريخ في غزة يشهد على أحط أنواع الحروب التي بالغت في تحديها وازدرائها بكل قيم الإنسان في أن يكون (مكرماً) حتى في موته إن ما يحدث هو عربدة، لقد ركز العدوان على غزة لإخضاع كل قيم الصمود والنضال ولتشييع الخوف أسلوباً لتوقيف إرادة التحدي عند أهل غزة أولاً، ومن ثم لشل تلك الإرادة في نفوس كل الفلسطينيين ولكل ذي ضمير حي وعقل سليم واستهدفت الخطة القذرة أن يصبح مواطنو غزة الآمنون قرابين على مذبح المواجهة بين من يملكون القوة الغاشمة ولا يتمتعون بنعمة العقل وقوة لا تمثل سوى أدنى حقوق الدفاع المشروعة.
إن هذا الهولوكوست انتزع -وكعادته- بقلب بارد كل معاني الإنسانية ليتحول إلى وحش شرس يزدري براءة الأطفال بقنابل الفوسفور، ويغتال في لؤم الشيوخ والنساء والأمر المتبقي بحسب درس التاريخ، إن هذا الذي يحدث هو جنون جماعي يتم تنفيذه بقصد الانتقام والإبادة، إن نفسية قادة الكيان الصهيوني تعيش الآن في صراع حاد يتمثل في التخبط والارتباك في ارتجال القرارات ما جعلهم يختلفون فيما بينهم ويوجهون الانتقادات لبعضهم بعضاً جراء تجرعهم الهزيمة القاسية من المقاومة -تماماً كما فعلوا بعد هزيمتهم أمام المقاومة اللبنانية- كذلك يواجه هذا الكيان الخوف الذي يلازمه والقلق الذي يعيشه على مستقبله وهويته والذعر الذي بدأ يتسرب إلى أوصاله من عزم المقاومين وخطر الممانعين، إن هذا الكيان يستعرض بوضوح سافر همومه الداخلية وأزماته الخارجية، يناقش الروح المعنوية المتهاوية لدى شعبه والانهيار المتزايد لدى جيشه، والخوف المستمر لدى مواطنيه وصفوف المغادرين من أبنائه ويصور حالات الهلع والفزع والفرار أمام القذائف الصاروخية للمقاومة، ويستعرض كذلك عشوائية القرارات التي تتخذها الحكومة وينتقد أداء رئيس حكومته ويتهمه بالتقصير والخوف والتردد وعدم المسؤولية ويحمل جنرالاته مسؤولية الفشل ويدفع كبار الضباط نحو المساءلة والاستقالة.
إن العرب إذا أحسنوا -بصورة متضامنة وموحدة- قراءة هذه الإحباطات وهذه الحالة التي يعيشها هذا الكيان لأمكنهم الإفادة منها بما يخدم مصالحهم، فالفرصة جد مواتية، لأن مستوطني الكيان كما أشرنا لا يثقون بقيادتهم السياسية ولا يثقون بجيشهم الوطني، ويرى بعض مفكريهم أن صورة أرض الميعاد تتبدد في أذهانهم، وأن قضيتهم قد ضاعت، وما صورة قادتهم المرعبة إلا زيف ووهم وخيال، فهم يهزمون ويفرون ويخافون ويبحثون عن النصير ويقلقون على المصير. ومن التحديات التي ترعب هذا الكيان وتخيفه -من جملة معوقات مصيرهم المظلم- الخطر الديمغرافي العربي على إسرائيل والذي إذا ما ظل وفقاً للمقاييس الحالية للنمو، فإن عدد الفلسطينيين في إسرائيل سيفوق عدد اليهود في عام 2025، وهذا خطر يجب منعه لأنه سيؤثر بالضرورة على يهودية إسرائيل التي يسعى الإسرائيليون إلى أن تكون -حسب زعمهم- نقية وخالية من الشوائب، ولتلافي هذا الخطر، فإن الحل من وجهة النظر الصهيونية العنصرية يتركز في اتجاهين، ترحيل جزء من الفلسطينيين خارج إسرائيل، وفي مبادلة المناطق ذات الكثافة السكانية العربية العالية في إسرائيل بمناطق تابعة للسلطة الفلسطينية وقد صدرت وثيقة تفصيلية بهذا الخصوص، إن العالم بات يدرك أن إسرائيل لا تريد السلام وعاجزة عن أن تفعل أي شيء تجاه ذلك، لذا فإن المطلوب على المستوى العربي -ولاسيما الدول التي تعاني من الاحتلال- التمسك بخط الصمود والتضامن العربي الهادف إلى مقاومة العدوان الصهيوني ولنذكر الذين يتغافلون ويتجاهلون الحقيقة من العرب، أن قضية فلسطين، قضية عربية مصيرية، وهي جوهر الصراع مع هذا الكيان الغاصب ومعاونيه وداعميه، وأن أبناء الأمة العربية جميعاً معنيون بها وملزمون بالنضال من أجلها وتقديم كل التضحيات المادية والمعنوية المطلوبة في سبيلها، فالنضال من أجل استعادة الحقوق العربية في فلسطين والأراضي العربية المحتلة مسؤولية قومية عامة، وعلى جميع العرب المشاركة فيها، كل من موقعه وبما يملك من قدرات عسكرية واقتصادية وسياسية وغيرها، إن قضية الحرية لا تتجزأ ، وهكذا فإن قضيتها تتقدم في كل مكان مهما كانت المصاعب والعقبات، ولكن المفيد في نشوء المصاعب والعقبات وحتى في وقوع النكسات هو وضوح معالم الطريق وفرز القوى لمصلحة الأفضل وزيادة قدرة القوى المكافحة من أجل الحرية، وخصوصاً المقاومة العربية في المناطق المحتلة.. ويجب كشف ومعرفة الأبعاد الحقيقية للأعداء والأصدقاء والحلفاء.. فدروس غزة مفيدة للعرب خاصة ويجب الاستفادة منها!!.
|