فإنه لابد من الوقوف على ما تم تنفيذه من توصيات المؤتمر الصناعي الثالث الذي عقد حلب في العام 2018 والتي شملت إصدار تشريع خاص بالمناطق الإنتاجية المتضررة ودعم وحماية كل حلقات الصناعة النسيجية وإصدار قانون عصري للاستثمار جاذباً للاستثمارات الجديدة وعادلاً مع الاستثمارات القائمة وتحفيز الإقراض وتخفيض تكلفة وإلغاء الغرامات والفوائد التي تجاوزت أصل الدين ودعم أكبر للتصدير حتى الضعف وتشجيع إقامة المعارض الاختصاصية والعامة واستكمال إعادة تأهيل كل المدن والمناطق الصناعية وتحفيز الاستثمار الصناعي في الساحل والجنوب ودعم الصناعات الهندسية والمعدنية وخاصة صناعة الآلات وخطوط الإنتاج، عبر إعفاء كل مستورداتها الأولية من الرسوم ومنحها محفزات ضريبية مميزة كونها العمود الفقري لأية نهضة صناعية وتأسيس المركز الوطني للرقابة على المستوردات والصادرات و تأسيس مركز التنمية الصناعية وتبني إجراءات الحماية الذكية والتحفيزية لكل ما ينتج أو يمكن إنتاجه محلياً ومحاربة التهريب عبر المعابر المختلفة والاهتمام بتأهيل وتدريب الكوادر الشابة والاستفادة القصوى من موقع سورية الاستراتيجي كصلة وصل بين الاتجاهات الأربعة بالإضافة إلى بعض التوصيات المتعلقة بالمحور المالي والمصرفي والإدارة المحلية والبيئة وحوامل الطاقة والشؤون الاجتماعية والعمل، والصناعة والتجارة، والتي سبق لمجلس الوزراء إقرارها بهدف تفعيل العملية الإنتاجية وتأمين متطلبات نجاحها وإعادة إقلاع المنشآت والمعامل، وتمكين القطاع الصناعي من استعادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز التشاركية بين القطاعين العام والخاص.
إلا أن الواقع يبين أن أياً من هذه التوصيات لم يتم الأخذ بها بشكل كامل وما يزال الكثير منها حبيس إدراج الوزارات المعنية، كتوصية تأجيل التحصيل الضريبي، والتعويض على الصناعيين عن معاملهم وآلاتهم ، والإقراض، والتحفيز للصناعات التصديرية، وتخفيض تكاليف الإنتاج لاسيما مصادر الطاقة «لاسيما الكهرباء»، والأهم من ذلك منع التهريب الذي ما تزال الصناعة السورية تعاني من آثارها السلبية نتيجة المنافسة الكبيرة معها خاصة أن تكاليف المنتج السوري أغلى من تكاليف السلع المهربة.
وهنا يأتي السؤال، كيف سيعقد المؤتمر الرابع وأغلب توصيات المؤتمر الثالث لم تنفذ بعد، وإذا لم تجد توصيات المؤتمر الرابع طريقها للتنفيذ مع كل ما استجد من مشكلات فإنها ستضاف إلى المشاكل المطروحة سابقاً، فهل نحن أمام مؤتمرات لعرض المشاكل وإصدار توصيات دون معالجة، وهل يكفي الإقرار لنقول أننا ندعم الصناعة ونعمل على تطويرها.
لاشك أن صناعتنا حققت خلال الفترة الماضية تطوراً ملموساً رغم كل ما واجهته من دمار وتخريب نتيجة الحرب إلا أنها لا تزال بحاجة إلى دعم كبير لتستعيد ألقها وحجز مكاناً لها ضمن الأسواق الدولية رغم أنها لم تنقطع عنها، فهي بحاجة لزيادة طاقاتها الإنتاجية وزيادة تنافسيتها من خلال تخفيض تكاليف إنتاجها ودعمها بالقروض لتستعيد توسعها وانتشارها على مساحة الوطن!
بالتأكيد لن نرمي بسهامنا على المؤتمر الصناعي الرابع ولن نستبق الأمور ولكن ما نريده هو وضع المخرجات القادمة موضع التطبيق العملي لإعطاء الصناعة الوطنية دفعاً، وأن تكون عناوين المؤتمرات القادمة البحث عن أسواق لتصدير منتجات صناعتنا وألا نبقى ندور بحلقة مفرغة خاصة إننا أحوج ما نكون فيه اليوم هو تدوير عجلة المعامل لتشغيل الأيدي العاملة والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي ولتستعيد ليرتنا قوتها!