تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سورية.. جبين يليق به الغار

شؤون سياسية
الخميس 17-4-2014
في المنظومة القيمة السورية المتوارثة من عصر الكتابة الأولى، وابتداع أول أبجدية في الأرض وأول نغمة موسيقية وبزوغ أول سنبلة فكر وقمح في هذه البلاد الممتدة من بداية السين في القلب إلى استدارة التاء المربوطة في مآقي العين

(أن هذه الأرض المواراة بالخصب والكبرياء عصية على كل متخاذل ومتآمر وأن شمسها الوهاجة بالحق والحب والحبق سطعت على العالم كله ونشرت في حناياه المظلمة الضوء فزها).‏

وليس من قبيل المصادفة أن يقبض الرئيس بشار الأسد تموز عام 2000 ونيسان 2014 على جمر اللظى ويطوي ظلمة الليالي وعاصفات الرياح ويروض المحن ويكسر صلف الأعداء، فخلال تلك السنوات لم تروض تلك الجميلة سورية فكانت مشعل النور في رحاب الكون وكانت العز في كتاب الزمان.‏

ففي الحرب الظالمة على العراق عام 2003 وحرب تموز 2006 وبشهادة أبطالها كانت سورية وقائدها «جمر الثأر وغاره» وماتلا ذلك من منجزات بطولية لمقاومي غزة هاشم في 2008 إلى التضحيات الجسام. في الحرب الكونية كانت سورية صوت الحق الصارخ وكان قائدها رمز المقاومة الساطع.‏

لذا ليس من قبيل المصادفة أن تهب أعاصير الحقد في أربع رياح الأرض على نجمة الزمان العربي الجديد الذي يتمثل فيه الأحرار قيم الجلاء وفداء أبطاله للأرض الحرة، وتهمد تحت قدميها.‏

ونجمة الحرية التي صنعت الجلاء في 17 نيسان 1946 قادرة اليوم على صنع جلاء آخر قادرة على أن تطيح بالمستعمرين الجدد مهما فعلوا ومهما أنفقوا وبذلوا، وسلحوا للنيل منها!!.‏

فكل حبة تراب من أرضها الطاهرة أو قطرة ماء من بحرها أغلى على أبنائها من كل كنوز الأرض قاطبة، هؤلاء الأبناء الذين لايقبلون بغير شم الذرامقيلا، وبغير الشمس مسكناً، وبغير العز حياة هي سورية نشيد الحرية الأول، وأغنية العز الأولى وقصيدة الجلاء البكر والجبين العالي الذي لايليق به إلا الغار.‏

من هنا، فإنه ليس من باب المصادفة أن يتحقق في نيسان مولد البعث عام 1947 وأن يتحقق جلاء آخر جندي فرنسي عن أرض الوطن في السابع عشر عام 1946 ونحن إذ نستذكر أيامنا الخالدة التي أطرها نيسان تاريخاً ساطعاً ومشرقاً، نستذكر قائمة الضحايا التي قدمها شعبنا قرباناً على مذبحة حريته المقدسة في نضاله ضد قوى الشر والطغيان قوى الاستعمار المجرم اللئيم، ومن بين ما نستذكر الشهيد يوسف العظمة الذي قضى في ساحة الشرف بطلاً وظل في القلوب بطلاً يحفز الهمم ويهيب بالشعب قائلاً: «إياك أن تركن إلى الذل والخضوع، ففي ذلك الموت الحقيقي والفناء.‏

وفي التاريخ كثيرون من أمثال يوسف العظمة لاتزال أصداء نداءاتهم تدوي فتطغى على صوت الحديد والنار وسيظل دويها هادراً إلى أن يمحى الاستعمار وكل أنواعه القديمة والحديثة.‏

فقد خرج الشعب السوري من معركة تحقيق الاستقلال ليجد نفسه مرة ثانية أمام الاستعمار في معركة لحماية الاستقلال وصيانته، فإذا هي معركة أشد ضراوة من معاركه السابقة، وإذا السلاح الذي يستعمله المستعمر الجديد هو أشد فتكاً وخطورة من الأسلحة السابقة، إنه سلاح الدس والتآمر ووراءها كل وحوش الاستعمار الحاقدة الضارية جاءت إلينا بكل شعاراتها وأسمائها وأسلحتها وأنيابها وأظفارها، غير أننا ثبتنا في الساحة رغم الكثرة في أعدائنا يشد من عزيمتنا الشعب في كل مكان بفدائه وتضحيته بيقظته ووعيه أمام اشتداد الهجمة المعادية.‏

ليس عاراً أو ارهاباً أن يهب شعب سلبت حريته وديست كرامته وهضم حقه في الحياة، ليسترد الحق المهضوم والحرية المسلوبة ويستعيد الكرامة التي أهدرت.‏

وليس عاراً أو ارهاباً إذا أعلنا الحرب على الصهيونية التي اغتصبت الأرض وطردت الأهل، ولاتزال تطردهم وتقتلهم وليس عاراً إذا أعلنا الحرب أيضاً على أدواتها وأذنابها والذين يدورون في فلكها من عصابات مسلحة تقتل وتحرق وتدمر باسم الحرية والديمقراطية، فإن هذه الحرب مقدسة ولايجوز لأي هيئة في العالم أن تدينها وأن تحول بيننا وبين تحرير الأراضي المحتلة والقضاء على الظلاميين المتأسرلين.‏

فلنتابع مسيرة الأجداد ولنعلم أجيالنا القادمة وأبناءنا كيف تقهر إرادة النضال أقوى أسلحة العالم، وكيف للإنسان أن يزرع الحرية ويجعلها تورق وتزهر وتثمر، فنحن أمة استعذبت الموت في سبيل الحياة الحرة الكريمة فلتكن أعيادك يا نيسان محطة نسمو بها مجداً عانق عظمة الماضي حضوراً فاعلاً بضرورة الارتقاء إلى مستوى المسؤولية القومية، إلى مستوى تضحية الشهداء، إلى مستوى التحدي الخطير الذي يهدد كيان الأمة متمسكين بحقيقة أن الأرض التي جبلت بدماء الأحرار لايمكن أن تموت فيها الرجولة وستبقى متألقة بحراس كرامتها وقبساً للتحدي نستقي منه ألوان القداسة لقيم الفداء والتضحية ربيعاً أورق أشبالاً أعادوا للحرية معناها وللأمة أصالتها كأمة حية في موكب الأمم الصانعة للتاريخ الحديث.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية