تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عرس للاستقلال ومهرجان للنصر

شؤون سياسية
الخميس 17-4-2014
عبد الحليم سعود

عندما تطل ذكرى الجلاء، جلاء آخر مستعمر فرنسي عن أرض سورية العزيزة، يستعيد السوريون على اختلافهم بكل فخر واعتزاز تاريخا مشرفا من بطولات وتضحيات وانتصارات أجدادهم الميامين الذين صنعوا عرس الاستقلال المجيد،

وأقاموا مهرجانا دائما للنصر يستمد منه الأبناء والأحفاد روح الصمود والعزيمة والمقاومة لصنع انتصارات جديدة تحصن الوطن وتحمي حدوده من أطماع الغزاة والحاقدين.‏

فمنذ دخول المستعمرين الفرنسيين أرض سورية عام 1920محتلين غازين تحت عنوان استعماري جديد اسمه «الانتداب» هب أبناؤها الشرفاء بشكل عفوي لمقاومتهم، لتشتعل الأرض من تحت أقدام الغزاة في كل بقعة وفي كل ركن وفي كل بلدة ومنطقة ومدينة من أرض الوطن، مفتتحين بذلك عصرا جديدا من البطولات الأسطورية النادرة والتضحيات العظيمة من ميسلون عند تخوم مدينة دمشق وصولا إلى كل المناطق الأخرى، حيث هبّ المئات من المتطوعين بأسلحتهم المتواضعة وعتادهم البسيط لمواجهة قوة شرسة مجهزة بأحدث الطائرات والمدافع والدبابات، ليكتبوا أولى الملاحم الخالدة في العصر الحديث بدمائهم الطاهرة ودماء قائدهم وزير الحربية آنذاك الشهيد البطل يوسف العظمة، لتكون أولى رسائل السوريين لجنود فرنسا المعتدية «إنكم لن تعبروا إلا فوق أجسادنا، ولن تكون أرضنا سوى مقبرة لكم ولأطماعكم»..‏

لعلها من المصادفات ذات المدلول العميق أن تمر ذكرى الجلاء المجيد هذه الأيام، بينما تواجه سورية أشرس حرب إرهابية تكفيرية كونية عرفتها البشرية، حيث يتشارك فيها ويحتشد من أجلها كل أشرار الأرض وطغاتهم وقتلتهم وإرهابييهم، وعلى المقلب الآخر يقف أبطال الجيش العربي السوري بالمرصاد ليردوا التحية بأحسن منها لأبطال ميسلون والجلاء، مسطرين أروع قصص البطولة والفداء،وضاربين أروع الأمثلة في البذل والعطاء، ومقدمين القدوة الحسنة في التضحية وحب الوطن.‏

وبقدر ما هي الفرصة مواتية لاستذكار بطولات أجدادنا الميامين الذين أخلصوا لوطنهم وصمموا على تحريره من الاستعمار وطرد جحافله المعتدية وآلته العسكرية الوحشية بعد 26 عاما من النضال المتواصل والثورات الملتهبة في أرجاء وطننا الحبيب، نجد أنها مواتية أيضا لتمجيد وتخليد والثناء على بطولات أبناء الجيش العربي السوري وهم يواجهون جحافل المعتدين والإرهابيين دفاعا عن استقلال سورية واستقرارها ووحدة ترابها ودماء وأرواح وممتلكات شعبها، مسجلين الانتصار تلو الانتصار.‏

وإذا ما أردنا معرفة أهمية وقيمة ومكانة يوم الجلاء المجيد فلابد من فهم وإدراك ما يجري اليوم، لأن العدوان الذي تتعرض له سورية اليوم يستهدف كل شيء بما في ذلك الجغرافيا والتاريخ وكل ما ضحى من أجله الآباء والأجداد، فعندما يستجدي بعض العملاء والخونة المحسوبين زورا على الشعب السوري عبر مجالس وتجمعات هجينة ومشبوهة تدعي تمثيله يستجدون العدوان على سورية ويطالبون علنا ودون ذرة حياء بالتدخل العسكري الأميركي والتركي والصهيوني في بلدهم وضد شعبهم فماذا يبقى لديهم من قيم الكرامة والحرية والسيادة والاستقلال التي يتشدقون بها؟، وعندما يتسولون السلاح الفتاك والمدمر من الأعداء ويستقدمون المرتزقة والإرهابيين من كل بقاع العالم لقتل شعبهم وتدمير حضارته وممتلكاته فماذا يبقى لديهم من قيم «الثورة» المزعومة التي يدعونها؟، وعندما يتحول العدو المحتل والغاصب للأرض والحقوق في نظرهم إلى صديق وحليف فماذا يبقى في سجلاتهم وجوازات سفرهم من قيم الوطنية ومعاني الانتماء للوطن..؟!!!‏

اليوم وبعد مرور 68 عاما على الجلاء يعود نفس المستعمرين والغزاة إلى سيرتهم الأولى ولكن بأسماء وعناوين جديدة وأوهام جديدة، وبدل أن يستخدموا جيوشهم المأزومة والمهزومة في جبهات قريبة وبعيدة يتعكزون على قطعان من المرتزقة والإرهابيين ورهط من الحكام العرب الفاسدين والمأجورين وحثالة من سلالة آل عثمان البائدين لتمرير أجنداتهم العدوانية وفرض واقع استعماري جديد ووصاية جديدة، بهدف إضعاف سورية وتقسيمها وإخراجها من معادلات المنطقة والعالم خدمة لأطماع الصهاينة اليهود وحلفائهم الغربيين.‏

ولكن مهما يكن حجم الاستهداف والعدوان فإن ورثة الثورة السورية ضد الفرنسيين من أحفاد صانعي الجلاء وفي مقدمتهم المجاهدون الأبطال سلطان باشا الأطرش ويوسف العظمة وصالح العلي وإبراهيم هنانو وحسن الخراط ومحمد الأشمر وأحمد مريود وبقية الأجداد العظماء،هؤلاء الورثة الشرعيون مصممون على حفظ وصيانة استقلال سورية ودحر العدوان المتعدد الأطراف وإفشال أهدافه، وسحق الإرهابيين والمرتزقة الذين باعوا ضمائرهم وتاجروا بالدين والوطن واستماتوا من أجل رهن السيادة الوطنية وتأجير القرار السوري المستقل، ونقول لمن يعنيهم الأمر هيهات أن تنتصر إرادة الخونة والعملاء والإرهابيين أو أن تتحقق أوهامهم، وهيهات أن يهزم السوريون أمام شراذم القاعدة والتكفير من مرتزقة قطر وتركيا والسعودية وإسرائيل وأميركا والغرب، وهيهات أن تتخلى سورية وأبناؤها الشرفاء عن قدسية ودلالات يوم الجلاء الذي دفع ثمنه دم غال وتضحيات جسام،وما يوم النصر الأكبر الجلاء الأشمل ببعيد.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية