تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


كل يبكي موتاه

عين المجتمع
الخميس 17-4-2014
وصال سلوم

ماكنت يوما من ممارسي واجبات العزاء إلا مرغمة, وحجتي في ذلك على وجهي حاضرة , فأنا وبكل سلبية , لا أريد لـ قلبي البكاء ..!!

ودائما ماكانت تنهرني « جدتي » وتأخذني رغما عن أنفي لأشاركهم واجب تصفه جدتي بالأخلاقي , لأعود بوجه غائبة ملامحه , إلا من أنف كبير لشدة البكاء . فتتعاطف معي جدتي وتقول يا بنتي « كل واحد منا يبكي على موتاه »لأتعلم منها , إنني في دور العزاء ربما لا أعرف الفقيد ولا تربطني به صلة قربة , لكنني وأنا أبكيه , أبكي من ماتوا لي , وربما أستطرد بمساحة دمعي لتشمل الأحياء ..‏

في أزمتي , في الأزمة في سورية , سأختلف مع جدتي في عظتها التي ماعادت تفي بخارطة ودي , والتي تعدت جذور النسب و صارت أكبر من رقم يمثل خانتي أو قيد هويتي .‏

في كل تشييع شاركت فيه لجندي من وطني , بكيته هو , باسمه دون النظر لقرابته من كنيتي ..‏

في كل صورة تلفزيونية لتفجير , شعرت أن الأشلاء المتناثرة ليست إلا بقية من جسدي ..‏

في كل طفل استشهد في مدرسة أو حافلة شعرت أنه ابني ..‏

ليكبر الوجع أكثر ويصل حدود القرابة المهنية, فيرتقي زميلي , بذكرياتنا , باختلافنا واتفاقنا واستنشاقنا نفس ذات هواء مكتبنا , بخاطر مكسور لقهوة صباحية كان هيلها يجمعنا , ويفرقنا شبه مناحرة , أيا منا عنوان عموده الصحفي كان الأحلى ..!!‏

في أسبوع المنار , واستشهاد ثلاثة من طاقمهم , بكيتهم , دون الرجوع لمقولة « ستي » بكيتهم بأسمائهم, بمهنتهم , وأوجعني عتادهم , كاميرتهم والميكرفون , وشنطتهم الورقية ..‏

بكيتهم , بكاء جديدا على قلبي , جعلني أترحم على جدتي , فـ عظتها , بقدر ما اتسعت خارطة وجعها, بقدر ماضاق بها قلبي ..‏

فصغيرة كنت أبكي موتاي , ثم صرت أبكيهم , واليوم أبكي نفسي ..‏

بكاء الكل والأنا بخارطة وطن ..‏

تعلن , أن لا لإرهاب يفوق وجودنا , ونحن الأبقى , بقاء ذاكرتنا بـ شهدائنا , وعزيمة الأحياء منا ..‏

لأننا .. لأنهم لأن نون الجماعة أبدا لن تفرقنا.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية