إسرائيل قوة نووية
تجنبت إسرائيل إعلان برنامجها النووي عقوداً من الزمن، وحرصت الإدارات الأميركية في رسائلها العسكرية المتعلقة بالترسانة النووية الإسرائيلية على السرية التامة، لكن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في حديث له عند تعيينه في منصبه أواخر عام 2006 تحدث عن نووية إسرائيل، ولكنه ما إن تسلم مهام منصبه حتى أعلن أنه قال ما قاله بصفته مواطناً من العامة ومن حينه لم يلمح مرة واحدة إلى ترسانة إسرائيل ، والتقرير الذي كتب مقدمته الجنرال جيمس مارتيس رئيس القوات المشتركة الأميركية، والمشرف على قيادة التغيير في حلف الأطلسي قام بإعداده مجموعة من الضباط والموظفين ونشر على موقع البنتاغون في تشرين الثاني 2005 بعد توقيعه، ويبدو أن ماتيس الذي تربطه صداقات مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية قد تحدث مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي عند لقائه إياه في قيادة أركان حلف الأطلسي في تشرين الثاني قبل أن يوقع هذا التقرير، فاطلع اشكنازي عليه وأعطاه الأخير موافقته على نشره.
وجاء في التقرير في الصفحة 37 منه أن ثمة قوس أزمات متفاقمة تتموضع فيها قوى نووية بدءاً من إسرائيل من الغرب مروراً بإيران وباكستان والهند حتى الصين وكوريا الشمالية وروسيا شرقاً، وفي مقدرة اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية أن تطور سريعاً أسلحة نووية لو شاءت ذلك.
ولسوء الحظ إن هذه القوس النووية تمر في مناطق تفتقد الاستقرار وهي حيوية لمصالح الولايات المتحدة، بسبب غناها الاقتصادي ومصادر الطاقة فيها، ويبدو أن إسرائيل ستجد أكثر فأكثر صعوبة في التكتم على ترسانتها النووية لأنها لم تعد أولاً خافية على أحد، وثانياً سيعترف الإسرائيليون في ظروف يرونها مناسبة بحيازتهم السلاح النووي بذريعة الدفاع عن النفس، وهي الذريعة الصهيونية الصلفة التي تبرر إسرائيل بها مجازرها بحق المدنيين وآخر مرة سمعنا فيها هذه الذريعة كانت في الحرب على غزة، ولكن ما يجب أن نخشاه هو ذريعة تهديد وجود إسرائيل بسبب البرنامج النووي الإيراني الذي يتهمونه دون دليل دامغ بأنه انقلب إلى غايات عسكرية، فتبيح إسرائيل لنفسها استخدام قنابل نووية بأوزان صغيرة لقصف المنشآت الإيرانية، فإسرائيل لا تقنع بالردع النووي على طريقة الحرب الباردة .
كما أن رئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته ليبرمان اليميني المتطرف من مؤيدي الأعمال العسكرية الوقائية ولاسيما أن تقرير البنتاغون أشار إلى أن في المنطقة أناساً لايؤمنون بأن السلاح النووي هو الملاذ الأخير، بل يمكن أن يستخدمونه قبل أوانه.
فهل يحمل هذا التلميح في طياته احتمال هجوم نووي إسرائيلي على إيران؟!
المقاربة العسكرية جزء من العولمة
التقرير الأميركي «محيط العمليات المشتركة»، وتحت مهام القوات المشتركة المستقبلية يقدم معطيات مهمة لكل من يريد أن يفهم العولمة الامبريالية العسكرية والاستعمارية الأميركية، كما يقدم من تلقاء نفسه مسوغات النضال ضد العولمة وبناء استراتيجية لتطوير المشروعات الامبراطورية ووضع رؤية مختلفة للعالم. وهذا التقرير لا يتنبأ للمستقبل بل يمعن في التأمل خمسة وعشرين عاماً قادمة وينطلق بالحديث عن محيط أمني مستقبلي يبنى بعمل نوعي أي الحرب لمواجهة التهديدات وبتحديد المهام المنوطة بها، فيستند في نزعته هذه إلى ما يمكن وصفه بالداروينية العسكرية ويقوم بحد ذاته على مسلمة جبرية بأن الحرب لايمكن تجنبها.
يقول التقرير: كانت الحرب عبر التاريخ الباعث الأول للتغيير ولاشيء يدعو إلى الاعتقاد أن المستقبل سيكون مختلفاً عن سياق التاريخ، كما أن الطبيعة الأساس للحرب لن تتغير، وستبقى الحرب في جوهرها حاجة بشرية ملحة. وإذ يؤكد التقرير أنه لا يتنبأ للمستقبل فهو يرتئي أنه لايمكن أن نستبعد أن يخوض جيشنا غمار صراع يستمر في ربع القرن القادم ثم يعرف الأعداء «هم المتطرفون المتدينون ولاسيما الإسلاميون ثم المناهضون للعولمة» ولم يستثن التقرير الأديان الأخرى إذا كانت غاياتها متطرفة، أما المناهضون للعولمة فهم الذين يسعون إلى تقويض الاستقرار السياسي ويحاولون منعنا من الوصول إلى الموارد العالمية المشتركة الضرورية للاقتصاد العالمي، ويتابع وفي هذا المحيط سنواصل حماية مصالحنا الوطنية بإمكانيات جيشنا وقدراته وبالتعاون مع شركائنا الذين لديهم روح العمل نفسها.