وكما يقول د. شوقي ضيف: ففي كل نادٍ لا هم للشعراء إلا أن يتحفوا معاصريهم بنكتهم ونوادرهم، ومن ذلك أنه لما قتل السلطان حسن، وكان فيه خلاعة ومجون وحب للنساء قال بعض الشعراء، ذاكراً عناوين بعض سور المصحف المجيد: لما أتى «للعاديات» و«زلزلت» حفظ «النساء» وما قرأ «الواقعة».
ويقول د. ضيف إن في كلمة «الواقعة» تورية واضحة بمقتله.
وكان الشعراء ماهرين في استخدام مثل هذه التورية بحكامهم ينفّسون بها عن حرجهم وضيقهم بهم، وقد يهجونهم هجاء صريحاً لا يورّون فيه كقول بعضهم في وزير يسمى البباوي:
قالوا البباوي قد وزر
فقلت: كلا لا وزر
الدهر كالدولاب لا
يدور إلا بالبقر
وكان بين أمراء المماليك أمير يسمى «طشتمر» وكانت العامة تدعوه «حمّص أخضر» فاستغل الشعراء هذا اللقب، وتندروا عليه كثيراً، من ذلك قول أحدهم فيه، وقد عاد من سفر:
لما رجعت إلينا
من بعد ذا البعد والبين
خلناك تحنو علينا
يا «حمص أخضر» بقلبين
ذاك أن الحمص ذو قلبين مجموعين، وقال فيه شاعر آخر متمماً النكتة في اسمه ولقبه:
وبالدنا حزت مالا
ملأت منه الخزانة
وكم عليك قلوب
يا حمص أخضر (ملانة)