تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مجنون يحكي وعاقل يسمع.. الضرة مرة

صفحة ساخرة
الخميس 19-3-2009م
عادل أبو شنب

1- أنا - أعوذ بالله من كلمة أنا- مغرم بالأخبار السياسية والندوات والحوارات في قناة بعينها من قنوات التلفزيون، هي القناة السورية الفضائية،

لا أفتح إلا عليها ولاأستمع إلى مادة من هذه المواد إلا منها، وبسبب جهلي بالتلفزيون وقنواته التي تعد حوالي ألفي قناة، طلبت من زوجتي وأولادي أن يتركوا التلفزيون على هذه القناة بعينها، حتى إذا ما أحببت أن أشاهد التلفزيون فتحته فأطللت على القناة، وبذلك ارتحت وجنبت نفسي متاعب حفظ أرقام ألفي قناة. كنت بيسر وسهولة أشاهد الأخبار والندوات والحوارات من قناتي المفضلة، وأتجاهل القنوات الأخرى، حتى ولوكانت زوجتي وبناتي وأولادي موجودين معي في الغرفة، على هذا نشأت منذ دخل التلفزيون بيتي، ولكن حدثت كارثة في غياب زوجتي وأولادي، فما هذه الكارثة؟‏

-2-‏

فتحت التلفزيون هذا الصباح لأشهد الأخبار، فإذا بي أمام مذيعة أخرى ترطن بلهجة أجنبية، أحسبها لسان العصفورة، فأيقنت أن أحداً لعب بجهاز التلفزيون ثم أغلقه على القناة التي تتحدث مذيعتها بهذا اللسان الأعوج، وبدأت رحلة البحث عن قناتي المفضلة، فإذا بي أمام غابة من القنوات، وأمام مشاهد غريبة عني، فمن مذيع يتكلم الإنكليزية إلى آخر يتكلم اليابانية أو الصينية إلى مشهد تبدو فيه الفتيات بثياب البحر إلى مسرحية لا أعرف ما يدور على ألسنة ممثليها، إلى صور طيور تزقزق وهي طائرة في الفضاء، إلى مشهد قمر صناعي مرسل على صاروخ وحرت ماذا أشاهد في غابة القنوات دون أن أعثر على قناتي المفضلة حتى أعياني البحث عنها، فكأنني كنت أبحث عن إبرة واقعة في المحيط، كل ذلك والزوجة والأولاد غائبون فكفرت بالتلفزيون والتكنولوجيا وبجهلي، فقلت: لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم لقد حرمتني زوجتي وأولادي من أن أشاهد المواد التي أريدها، وهكذا طرأ التعديل على برنامجي اليومي بسبب غيابهم!لماذا يغيبون؟!‏

-3-‏

لما تكرر مشهد غياب الزوجة والأولاد، وضياعي في غابة قنوات التلفزيون وأكاد أجزم، بأنها أكثر من ألفي قناة قررت أن أشتري جهاز تلفزيون خاصاً بي فاشتريته ووضعته أمامي على السرير الذي أنام عليه، وهكذا صار الجهاز ينام معي ويستيقظ معي حتى لقب بالزوجة الثانية، وكنت أطلب ألا يمس أحد زوجتي الثانية بلمسة أو بحركة تصرفها عن قناتي الثابتة التي أشاهد فيها الأخبار والحوارات والندوات، وكانت زوجتي تتهكم علي فتقول: هل تسمح لي يازوجي العزيز أن أنقل ضرتي من سريرك إلى غرفة أخرى حتى أغير الشراشف والمرتبة والمخدة؟ فكنت أعض على شفتي من التأثر من تهكمها وأسكت لئلا تحاول زوجتي أن تخرس بضربة موجعة، ضرتها التي غدت حياتي، وأجمل شيء من مقتنياتي، أجمل شيء؟ هذه الجملة قادتني إلى حقيقة غابت عني هل فعلت زوجتي بجهاز التلفزيون ما فعلت، لأنها غدت تغار من ضرتها الجديدة؟!‏

-4-‏

الغيرة واردة بين (الضراير) وفي العصر الحديث غدت الغيرة موجودة بين الزوجة الواحدة والآلة طبعاً من الآلات الحديثة، وهذا ما حدث لي فيا خوفي لو أن زوجتي غارت من هاتفي المحمول، وصرخت بالفم المليان: الضرة مرة.‏

ومجنون يحكي وعاقل يسمع‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية