تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لن يكتب النجاح لدولة ثنائية القومية

ترجمـــــــــــة
الأحد 30-12-2012
ترجمة: ليندا سكوتي

الاعتقاد لدى معظم اليهود بأن الأرض الممتدة من نهر الأردن إلى البحر المتوسط ملك للشعب اليهودي لأن لهذا الشعب جذوراً وحقوقاً تاريخية فيها، وبهذا الاعتقاد لم يعد الأمر مقتصراً على الخط الأخضر فحسب بل امتد ليشمل كامل أراضي يهودا والسامرة

باعتبارها تنتمي تاريخيا لهذا الشعب وفيها مهد حضارتنا التي خرج منها أنبياء التوراة حيث نشؤوا في قلب جبالها ووديانها.‏

وفي حرب الأيام الستة عام 1967 حصلت المعجزة عندما دخلت إسرائيل الحرب بكل ما تملكه من قوة مستخدمة أعلى ما توفر لها من تكنولوجيا متطورة مع تصميمها على توسيع حدودنا وإزالة خطوط الهدنة التي فرضت عام 1949 وبذلك تمكنت من إعطاء حياة جديدة لدولتنا الفتية. في هذه الحرب استطعنا انتزاع الأراضي التي استحوذت عليها المملكة الأردنية بشكل غير مشروع ومخالف للقانون الدولي، وذلك إثر هجوم قامت به المملكة الأردنية الهاشمية، ولو أن الملك حسين لم يعط الأوامر لقواته بالتدخل وشن حرب علينا لكانت الحرب مقتصرة على مصر في الجنوب وسورية في الشمال وبقيت القدس الشرقية والضفة الغربية تحت السيطرة الأردنية بشكل غير قانوني.الاحتلال، من يقول أننا محتلون؟ لقد عدنا إلى وطننا القديم وعاصمتنا التاريخية التي بقيت على مدى 3000 سنة نبراسا وهدفا للوجود اليهودي وعبر تلك السنين الطويلة لم تكن ثمة دولة فلسطينية كما وأن القدس لم تكن في يوم ما عاصمة للدولة الفلسطينية ولم تكن الضفة الغربية تحت سيادة قانونية لأي جهة قبل عام 1967.‏

كيف يمكن لأي جهة أن تسمح لنفسها بالقول إن الشعب اليهودي قد احتل القدس أو الضفة الغربية أو أن تلك الأراضي محتلة من قبل دولة إسرائيل؟ ذلك السؤال الذي واجهته منذ أيام إثر محاضرة ألقيتها أمام مجموعة من السكان في شمالي البلاد. نعم، باستطاعتي الادعاء بأن أرض إسرائيل كلها لنا وأن لدينا حقوقا فيها وكذلك الأمر بالنسبة للقدس التي تمثل عنوان وجودنا ومازلنا منذ آلاف السنين نتوجه إليها في أداء صلواتنا. نعم هذه هي الحقيقة التاريخية التي تقول بأنه لم يكن ثمة سيادة قانونية في الضفة الغربية لأي جهة كما وأنه لا يوجد سيادة قانونية حتى الآن.‏

إن ما نقوله اليوم في هذا المجال لا يغير الحقيقة على الأرض لأن ثمة ملايين من البشر يعيشون على هذه الأرض وهم ليسوا بيهود، وليسوا بجزء من دولتنا ولا يرغبون أن يكونوا جزءا منها. إزاء هذا الواقع ماذا نفعل بهم؟ هل نعمد إلى طردهم أو قتلهم؟ أم نحرمهم من حقوقهم السياسية والإنسانية؟ أو نضعهم في كانتونات نتمكن بها من السيطرة على حركتهم وحياتهم؟ بالتأكيد فإن البعض يريد كل شيء فماذا يقترحون؟ البعض يقترح حلولا غير مقبولة مثل القول بأن الأردن هو فلسطين أو بإمكان العرب في يهودا والسامرة البقاء حيث هم لكن سيكونون مواطنين أردنيين، أو القول بأن السلطة الفلسطينية ستوفر لهم حقوقهم الديمقراطية تحت سيادة إسرائيل، والبعض الآخر يقول إنه ليس هناك من شعب فلسطيني وعلينا الاستمرار بالبناء بشكل مطرد حتى يصل الفلسطينيون إلى قناعة بأن عليهم البحث عن موطن آخر.‏

لم ألتق بأي شخص يدعي بأننا يجب أن لا نبسط سيطرتنا على المساحة الكاملة للأراضي، لكني لم أجد إجابة عملية وشافية عن الأسلوب الذي يجب أن نتعاطى به مع الآخر أي الشعب الذي يعيش بين ظهرانينا، ولم أجد أحد لديه الحل الذي سينهي الصراع ويتيح لنا العيش بسلام وبذلك فإن أفضل ما يمكن أن نتوصل إليه هو وضع مقترحات لإدارة النزاع لكن من المستغرب بأنه في الوقت الذي ينشغل الجميع بالبحث عن سبل لمعالجة هذا الصراع نجد من يشجع على الاستمرار في البناء الأمر الذي يفضي إلى تفاقم التوتر ويؤدي إلى إضعاف الراغبين في الطرف الآخر بتحقيق السلام ويمكّن المتطرفين ويتيح لهم الفرصة في العودة إلى العنف مرة أخرى.‏

إننا مقبلون على جولة جديدة من الصراع الذي سيلقى به الكثير حتفهم فهل تتعادل حياة أولئك المواطنين الذين سيفقدون حياتهم مع ما يشاد من وحدات سكنية على التلال؟ وكم عدد الإسرائيليين الذين سيدفعون حياتهم ثمنا لادعاءات بحقوقنا؟ وليعلم الجميع بأننا إن لم نتوصل إلى حل فإننا سنواجه في القريب جولة جديدة من العنف لا تعرف عقباها. لمَ لا يسأل الناخبون اليمينيون قادتهم عن تلك الوقائع؟ لاريب بأنه من الصعوبة بمكان التوصل إلى حل مثالي لكن باستطاعتنا القول بأن ثمة حلاً في الأفق لا سيما بعد أن ابدى الفلسطينيون موافقتهم على إقامة دولتهم على 22% من الأرض الواقعة بين النهر والبحر.‏

وأعربوا عن موافقتهم أيضا على دولة غير مسلحة وإنهم سيلتزمون بالترتيبات الأمنية التي تمكن إسرائيل من الدفاع عن نفسها دون حرمان الفلسطينيين من حقهم في السيادة. وإنه إن تم الاتفاق فمن الممكن الاحتفاظ بالقدس اليهودية تحت السيادة الإسرائيلية بينما تكون القدس العربية تحت السيادة الفلسطينية وبكل الأحوال ستبقى القدس مدينة مفتوحة للجميع. ثمة حل لقضية اللاجئين لا تتحول به إسرائيل إلى دولة ثنائية القومية ذلك لأن معظم اللاجئين الفلسطينيين الراغبين بالعودة سيعودون إلى فلسطين، وثمة امكانية لليهود الذين يعيشون في أراضي الدولة الفلسطينية البقاء فيها. إن كافة القضايا التي ذكرناها يمكن أن توضع على طاولة المفاوضات وحينها يمكن إيجاد الحلول المناسبة لها، ومنها موضوع الاعتراف بيهودية الدولة بحيث يعترف الفلسطينيون بأن إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي طالما تضمن وتحقق المساواة الكاملة بين المواطنين العرب الفلسطينيين وبقية المواطنين في بلدنا. إننا لو صممنا على أن الأرض جميعها لنا فإننا لن نستطيع تنفيذ تلك الرغبة إذ ليس ثمة احتمال أن يخرج منها الفلسطينيون في أي يوم من الايام أو نستطيع إقناعهم بالتخلي عما يعتقدون بأنه حق مشروع لهم، كما لا توجد أي طريقة نستطيع بها إقامة دولة قومية ديمقراطية للشعب اليهودي وبذات الوقت نقمع الحقوق الفلسطينية في الحرية والتحرر ولا توجد أي وسيلة لنا كيهود تتيح فعل ذلك، وعلينا أن نأخذ باعتبارنا أن العالم أجمع يرفض تصرفاتنا المنافية لتوجهاته. يقول البعض بأن مدة الصلاحية لحل الدولتين قد انتهت لكنني أقول بأن مدة الصلاحية لفكرة دولة واحدة قد وصلت إلى نهايتها ولن يتسنى لها الظهور على أرض الواقع..‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية