وكان ديسكن مسؤول الشاباك « جهاز الأمن الداخلي»السابق آخر هولاء الذي تنبأ بدوره بمستقبل مظلم ينتظر إسرائيل في السنوات القليلة القادمة.
وأشارت صحيفة هآرتس إلى أن تصريحات ديسكن جاءت خلال محادثات جانبية, ديسكن في تعقيبه على تقرير هآرتس في الأسبوع الماضي تحت عنوان «لماذا يفكر 40% من الإسرائيليين في ترك البلاد» وقال «إن هذا التقرير مهم جدا ومقلق جدا رغم أن هذا يعبر عن مجرد مشاعر وليس هجرة فعلية, إلا أن هذه حقيقة أسمعها من كثيرين حولي, وهذه التوجهات نابعة أيضا من أزمات اقتصادية وأزمات زعامية وأزمات قيمية».وأضاف ديسكن «يجب أن أشير إلى أشياء مهمة فوجه الدولة تغير جدا ويتوقع أن يستمر في التغيير والواضح في ذلك أنه يتجه نحو اليمين مع مزيد من التطرف الديني وغياب المساواة في تحمل العبء والشعور بعدم القدرة على تغيير هذه الخطوات بما فيها الأزمة القيادية التي تجعل الناس يبدؤون في فقدان الأمل »
تدهور الوضع الاستراتيجي
وتأتي أقوال ديسكن وغيره حول مستقبل إسرائيل الغامض لتضاف إلى ما جاء في التقرير الاستراتيجي السنوي الأخير الصادر عن مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب. إذ أوضح أن «إسرائيل تعيش مرحلة تتميز بتفاقم متسارع للمخاطر الأمنية والسياسية. وقد تدهور الوضع الاستراتيجي لإسرائيل في الآونة الأخيرة جزئياً جراء تطورات وقعت في الحلبتين الدولية والشرق أوسطية, والتي ليس لإسرائيل سوى سيطرة محدودة على حجمها وعواقبها عليها, وجزئياً جراء الافتقار للرد المناسب من جانب الحلبة السياسية في إسرائيل على هذه التطورات. فحكومة إسرائيل المكونة من جهات سياسية ذات رؤية قطبية بشأن قسم من القضايا المركزية على جدول أعمالها, تتجنب بلورة سياسة دؤوبة ذات أهداف واضحة بشأن هذه القضايا, وبدلاً من ذلك اختارت تأجيل القرارات أو تشتيت الضغط الدولي عن طريق خطوات جزئية».
ما يراه ديسكن هو التحولات الداخلية التي يشهده مجتمع الكيان وانزياحه المفرط نحو المزيد من التطرف والعدوانية أو كما يقول يحسب ما نشرته هآرتس «يجب أن أشير إلى أشياء مهمة فوجه الدولة تغير جدا ويتوقع أن يستمر في التغيير والواضح في ذلك أنه يتجه نحو اليمين مع مزيد من التطرف الديني وغياب المساواة في تحمل العبء والشعور بعدم القدرة على تغيير هذه الخطوات بما فيها الأزمة القيادية التي تجعل الناس يبدؤون في فقدان الأمل».وتابع ديسكن قائلا «كثير من الناس يصعب عليهم التأقلم وتأييد هذا الاتجاه المظلم للدولة ومن وجهة نظري ورؤيتي فإن هذا يمثل أحد أهم المخاطر على مستقبل الدولة».ديسكن انتقد أيضا المتنافسين في الانتخابات القادمة من كتلة الوسط واليسار وقال «إن الصورة الزعامية هي الأخطر, وزعماؤنا إجمالا وزعماء الأحزاب المتنافسة في الانتخابات الحالية ينظر إليهم في أعين الكثير أنهم لا يستحقون وفاسدون وانتهازيون ويهتمون فقط بأنفسهم وليس من الذين يضعون مصلحة الشعب والدولة فوق الجميع وأضاف ديسكن ساخرا «إننا ذاهبون للانتخابات وأحزاب الوسط اليهودي مضطربون تماما ومتحاربون فيائير لبيد الوسيم كان مراسلا للمجلة العسكرية ولم يكن يوما مسؤولا عن شيء طوال حياته, وليس له أي رأي في أي موضوع, وتسيفي ليفني صاحبة النظرة السياسية عديمة الخبر في أي مجال آخر».
أخطار أمنية وجودية محدقة
الصراع مع العرب ومع الفلسطينيين على وجه الخصوص هو من وجهة نظر الكثيرين من المسؤولين السابقين واللاحقين وان عدم حل هذا الصراع وعدم قدرة إسرائيل على حل هذا الصراع رغم الحروب الكثيرة والاتفاقيات المعقودة مع بعض الأنظمة العربية إلا أن استمرار هذا الصراع يشكل اكبرالاخطار الأمنية الوجودية المحدقة بالكيان ، شلومو غازيت الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية يرى غي هذا الإطار أن رفض إسرائيل للتجاوب مع الرغبة العربية في حل الصراع يحمل في طياته دمارها, وأن تخليد الوضع القائم هو الذي سيؤدي إلى تصفية إسرائيل, ناصحا الدولة بالموافقة حتى على هدنة طويلة المدى تتنازل مقابلها عن حدود1967 وهكذا ومن خلال ما تقدم نجد أن هاجس النهاية الذي يطارد الإسرائيليين له أسباب كثيرة.. أهمها أن هناك نظرية تاريخية تسري على كل المجتمعات الاستيطانية, وهي أن المجتمعات التي استطاعت أن تبيد السكان الأصليين كان مصيرها البقاء ( أميركا واستراليا) أما تلك التي أخفقت في إبادة السكان الأصليين فكان مصيرها الزوال. ويبدو أن إسرائيل نادمة اليوم لأنها لم تتمكن من إبادة الشعب الفلسطيني وترحيله عن دياره بالكامل, وإقامة الدولة اليهودية الخالصة على ترابه منذ عام 1948 لخطة إنشاء الكيان العنصري البغيض.
على مثل الخلفية أي على خلفية فشل المشروع الصهيوني وتجسيده المادي إسرائيل في إبادة الشعب الفلسطيني بجري الحديث هذه الأيام وبقوة من قبل جميع الأحزاب الصهيونية حول «الانفصال» عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وحسب نتائج الاستطلاع، الذي أجري قبيل انعقاد مؤتمر الأحزاب الصهيونية، فقد أيد 45% من الإسرائيليين فكرة الانفصال عن الفلسطينيين والرجوع إلى حدود 1967، مقابل 38% فقط من الإسرائيليين أيدوا هذا التوجه في شهر يونيو الماضي.وطرح الاستطلاع سؤال أخر مفاده، هل يجب تعويض المستوطنين الذين يتم إخلاؤهم طوعاً عن الأراضي التي سيطروا عليها ضمن حدود 1967 قبل اتخاذ خطوة سياسية، فأجاب 76% من المستطلعة آرائهم «بنعم».وأوضحت صحيفة «إسرائيل اليوم» التي نشرت نتائج الاستطلاع، اليوم الأحد، أن النسبة الأكبر للمؤيدين كانت من مصوتي حزب «هتنوعا/الحركة»، وحزب «ييش عتيد/هناك مستقبل»، حيث عبر 95% من مصوتي هذه الأحزاب عن تأييدهم للفكرة.
فقدان الثقة بالجيش
ومن بين أشد القضايا إثارة في إسرائيل السجال الذي ينشب بين الحين والآخر وتكثر تصريحات المسؤولين الأمنيين حولها هي تزايد الشعور بفقدان الثقة بالجيش على خلفية تآكل مفهوم الردع في الإستراتيجية الإسرائيلية. وبحسب مراسل يديعوت احرنوت العسكري فان:» الإستراتيجية الأمنية الإسرائيلية تقوم على ثلاثة أسس مركزية هي التنبه ألاستخباري للمخاطر وردع العدو عن الهجوم وحسم المعركة بسرعة إذا وقعت الحرب. ومن الجلي أن عناصر هذا المثلث تتآكل في أكثر من جانب. فقد دفعت الحربان الأخيرتان على لبنان وغزة إلى تكوين مفهوم جديد عن الحروب في إسرائيل يخلو من عنصر الحسم. وقد يرى البعض في تجنب القيادة الإسرائيلية التركيز على هذا العنصر نوعاً من التوافق مع نتائج حربين استمرتا طويلا ولم ينتج عنهما اقتناع بأن إسرائيل حققت نصراً حاسماً وواضحاً. ولكن آخرين يرون أن المشكلة لا تكمن في القناعة وإنما في تغيير حقيقي في الواقع أساسه أن الحرب لم تعد تشن ضد دول وإنما ضد كيانات أدنى من الدولة.
ولكن العنصر الثاني المتمثل بالردع طرأت عليه هو الآخر تطورات كبيرة لا يستهان بها. فالردع وإن تحقق لمنع الحرب على مستوى الدول, وهي حرب لم تجر في المنطقة منذ حرب تشرين, إلا أنه لم يمنع وقوع حروب مع منظمات المقاومة. ولكن حتى قبل التعمق في مدى وجود أو عدم وجود الردع على صعيد المنظمات من المهم ملاحظة أنه فيما يتعلق بالدول ليس الأمر مسلماً به. فالردع الإسرائيلي لم يحل مثلاً دون سورية ومواصلة الفعل الحربي سواء بتعزيز قدراتها أو بمساعدة أطراف المقاومة في فلسطين ولبنان على تعزيز قدراتها وتوفير الغطاء السياسي لها.وإذا كان لذلك من معنى فهو أن الردع الإسرائيلي للدول أفلح في منع وقوع الحرب معها، لكنه لم يفلح في منع هذه الدول من مواصلة الحرب بأشكال متباينة وعلى جبهات أخرى.
وهنا يصل السجال الداخلي الإسرائيلي إلى ذروته في كل ما يخص الردع لقوى المقاومة أو لما تسمّيه الدراسات الإسرائيلية بالحرب مع الكيانات دون الدولة مثل حزب الله وحماس. وترى الدراسة المنشورة في العدد الأخير من مجلة «تحديث استراتيجي» الصادرة عن مركز دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب أن هناك مبالغة لدى كبار المسؤولين الإسرائيليين في تحديد مكانة الردع في كل ما يتعلق بقوى المقاومة. ويساجل الباحث يونتان شختر محاججات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس يادلين حول أهمية الردع في منع عمليات المقاومة في فلسطين.