بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، وأن يلجأ أطراف النزاع إذا لزم الأمر إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية للمساعدة في تسوية هذا النزاع، كما يحرص الميثاق على احترام سيادة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية ولا يجيز التدخل بالشؤون الداخلية لأي دولة.
ولكن من يقرأ ميثاق الأمم المتحدة ويراقب سلوك بعض الدول الموقعة عليه في تعاملها مع الأزمة السورية المفتعلة لا بد أن يصاب بالدهشة والذهول نتيجة كم الافتراءات والتزوير والتحريف الذي تمارسه بعض الدول وهي تحاول الولوج إلى داخل الأزمة السورية من أجل لعب دور تأزيمي أو تفجيري من شأنه إرضاء غرورها وأنانيتها على حساب دماء ومصالح وتطلعات الشعب السوري، والأشد إيلاما في الأمر أن هذه الدول تتذرع دائما بالتعاطف مع الشعب السوري والحرص على مصالحه في الوقت الذي تمارس فيه دورا شيطانيا أبعد ما يكون عن مصالح وتطلعات السوريين.
ففي الوقت الذي يستأنف فيه المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي وساطته لحل الأزمة بأفكار ورؤى جديدة قابلة للنقاش والتفاوض وبما ينسجم مع روح الميثاق الأممي، تحاول بعض الدول والأطراف الإقليمية ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية وبعض حلفائها في أوروبا وأدواتها في المنطقة العمل خارج ميثاق الأمم المتحدة للتأثير على مجريات الأحداث في سورية من أجل قلب الموازين لمصلحة العصابات الإرهابية العاملة على الأرض من خلال تقديم المال والسلاح لما يسمى المعارضة وميليشياتها المسلحة وتزويدها بكل ما يلزمها من اجل ارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر بحق الشعب السوري في تنكر فاضح للميثاق الأممي رغم أنها من حيث الشكل فقط تدعم مهمة الإبراهيمي وتقف خلف مساعيه لحل الأزمة بالطرق السلمية.
وفي نفس الوقت ينخرط عربان ومستعربو الجامعة «الخليجية» وبقايا العصر العثماني البائد ودون أدنى تفكير بالعواقب والتداعيات على مستقبل المنطقة ومستقبل عروشهم المهتزة في المخطط الأميركي العدواني على أمل تحقيق أحلامهم المريضة بإسقاط سورية وتجفيف منابع قوة حضورها وتأثيرها لتخرج بشكل نهائي من محور المقاومة والعروبة وتدخل في عصر انحطاطهم وتبعيتهم.
ميثاق الأمم المتحدة واضح الإشارات والدلالات بالنسبة للازمة في سورية وثمة دول بعينها ـ روسيا والصين وإيران ـ تحاول جاهدة مساعدة السوريين على بدء حوار ينهي أزمتهم وقد تجسد ذلك من خلال الاتصال ببعض أطراف المعارضة في الداخل التي بدورها التقت الإبراهيمي وأبدت رغبتها بإيجاد حل سلمي يجنب البلاد المزيد من التأزم والعنف والخراب على أيدي من يحملون السلاح من قوى التطرف والإرهاب، في نفس الوقت كان لافتا موقف «مجلس الدوحة» أو «ائتلاف واشنطن الجديد» الذي رفض مقترحات الإبراهيمي وأفكاره جملة وتفصيلا معبرا بشكل واضح وجلي عن إرادة مصنعيه ومنشئيه، إذ لو كان يتصرف بوحي من إرادة السوريين ومصالحهم ومن منطلق الحرص على دمائهم وممتلكاتهم لما سعى إلى مزيد التعنت ورفض الحوار والاحتكام للسلاح والدفاع عن جرائم وارتكابات جبهة النصرة الإرهابية.
إن من يريد الخير لسورية والسوريين ويعنيه استقلال سورية والحفاظ على ميثاق الأمم المتحدة كان ينبغي عليه أن يسعى إلى التهدئة ويسارع للمساهمة في نزع فتيل الأزمة ويبادر إلى حل يوقف سفك الدماء ويضع حدا للإرهاب الذي تنفذه الجماعات المسلحة الإرهابية، وعلى هذا الأساس يمكن تصنيف دول مجلس «التآمر» الخليجي وتركيا والولايات المتحدة وبعض شريكاتها الأوروبيات ضمن الدول والجهات التي ترعى الإرهاب وتموله وتقوم بخرق ميثاق الأمم المتحدة ضاربة به عرض الحائط، وإن كانت هي نفسها من زجّت بالأمم المتحدة في قلب الأزمة السورية وجعلت بعض أعضائها جزءا من الصراع في سورية وعلى سورية.
كما ويتجلى خرق ميثاق الأمم المتحدة من قبل هذه الدول أيضا في محاولة استبدال الدولة السورية وكيانها القائم بكيان مصطنع «كمجلس الدوحة»والتعاطي معه على أنه ممثل شرعي ووحيد للشعب السوري في حين لا زالت سورية قائمة بمؤسساتها ونظامها الحالي ما زالت ممثلة في الأمم المتحدة، وما زال مندوبوها في الجمعية العامة والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة يمارسون أعمالهم بكل حيوية وفعالية وتحت مظلة العلم السوري، وقد استطاعوا بداية الشهر الجاري استحصال قرار من الأمم المتحدة يدين إسرائيل على انتهاكاتها في الجولان العربي السوري ويعتبر قرارها بضمه لاغيا ولا أساس قانونياً له، فأين كان هؤلاء وكيف صوتوا ..هل صوتوا لصالح عودة الجولان العربي السوري إلى وطنه الأم سورية أم أنهم صوتوا لصالح الاحتلال وإجراءاته القمعية؟ هو سؤال برسم الدول التي تزور الشرعية في سورية وتخرق ميثاق الأمم المتحدة..؟!