تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


«حي الجيف».. قصص السجون الفرنسية من الداخل

عن لومانيته
ثقافـــــــة
الأحد 30-12-2012
ترجمة: مها محفوض محمد

رغم أنها ليست المرة الاولى التي يتناول فيها الكتاب حياة نزلاء السجون الفرنسية من الداخل غير ان الكاتب نان أروسواستطاع أن يتفوق على الجميع بتسليط الضوء على هذا المجتمع المغلق من خلال رواياته الخمس ذلك لأنه سجين سابق وهذا ما يميزه عن غيره.

وأشهر هذه الروايات رواية «فراشة» التي أحدثت ضجة كبرى وتحولت الى فيلم نال عدة جوائز.‏

أما احدثها فقد نشرت قبل أيام عند دار ستوك الفرنسية وعنوانها «حي الجيف» وفيها يلخص الكاتب اقامته الجبرية في السجون الفرنسية مع مطلع ستينات القرن الماضي عندما انحرف نان عن جادة الصواب وابتعد عن الطريق السوي وهو في سن السادسة (مولود في العام 1951) لكنه اكتشف خلاال مطالعاته وإقامته الطويلة وراء القضبان موهبة الكتابة.‏

وقد استقطبت روايات أروسوالتي تميزها لغة الشوارع الخلفية للمدن الفرنسية اهتمامات دور النشر التي تبحث عن الجديد والمثير فكانت طباعة باكورة أعماله «ازرق ملتهب» عام 2005 ثم «الجاني ثانية «عام 2007 ثم «السماء فوق الرأس» عام 2009 وبعدها «عندما يقع الشر» عام 2010.‏

وتكشف هذه الروايات عالما غريب الاطوار شبه خيالي لايصدقه القارئ لولم يكن الكاتب خريج سجون مظلمة، ففي أحدث رواياته «حي الجيف» يستخدم أروسوسيرته الذاتية لتعرية هذا المجتمع المنحرف في فرنسا (الجمهورية الرابعة والخامسة) على التوالي ويأتي هذا العمل شهادة جارحة للسلطات الفرنسية التي تدعي تحقيق شعارات ثورة لم يعد لها وجود الا في كتب التاريخ، ففي باريس عاصمة الانوار كان والد نان بروليتاريا عاطلا عن العمل يضرب زوجته عندما يفقد قدرته على اطعام اسرته المكونة من خمسة أطفال ووالدتهم العاملة في غسل قمصان الرجال وكيها في منطقة معروفة حي مومارتر حيث تنتشر مساكن الاغنياء وتجري أحداث حي الجيف بعد مرور عقد على نهاية الحرب العالمية الثانية  حيث نزل اروسو يومذاك الى الشارع ليختلط مع مجموعة غير متجانسة من أترابه فهناك أطفال  عمال في تلك الشوارع الخلفية من هذا الحي وهناك رفاق سوء وأولاد من جماعات الغجر المتنقلة بين أزقة المنطقة وذلك قبل أن ينساق الى أعمال سرقة في سن مبكرة وينتهي به المطاف الى انتهاك القوانين والجنوح في سن الخامسة عشر.‏

انها باريس التي وصفها الشاعر اليساري جاك بريفير تعود الى الحياة بقلم ذاك الطفل الارعن الذي أصبح اليوم روائيا يعيش من قلمه.‏

وفي روايته «حي الجيف» يروي أروسوكيف كان خط التماس بين العاصمة الفرنسية وضواحيها قبل نصف قرن من الان فعند هذا الخط تقع بوابة مونتروي حيث تنتشر أسواق الثياب المستعملة وهناك يتناول رواد المنطقة البطاطا المقلية يوم الاحد (وهوطبق ممتاز بالنسبة للفقراء) في حين يزور الاطفال برفقة أمهاتهم شارع أفرون المجاور حيث تباع الخضار والفواكه الطازجة القادمة من الضواحي القريبة لهذا الحي يوم السبت.‏

وتزدحم القصص التي يرويها خريج السجون هذا - الذي يطمح السير على خطا جان جينيه المسرحي الفرنسي الذي اكتوى بنيران السجون الفرنسية الحارقة خلال سنين مراهقته – بلغة الازقة الباريسية القذرة والمظلمة حيث يركض الصبية وراء فضلات قمامة الاغنياء لسد جوعهم ولا ينس أروسو ان يشير الى شهادته التي أدلى بها في الحادثة المأساوية التي هزت قطار الانفاق في محطة حي الجيف يوم 8 شباط 1962 وكان نان أبرز شاهد فيه لا بل الشاهد الملك، يوم قامت شرطة بابون (الملقب بجزار باريس) باعدام مجموعة من الشبان المراهقين المتسكعين في الحي بمن فيهم الحدث دانييل فيريه ويذكر اروسو في روايته أسماء القتلى الذين قامت الشرطة بتصفيتهم تنفيذاً لأوامر بابون قائد شرطة باريس انذاك بالتعاون مع المفتش دوسير وزميله دوفيرون الذي تلقى أمر اغلاق شارع فولتير وساحته لتتم عملية محاصرة المتسكعين بين فكي كماشة كما يتطرق اروسو لممارسات البوليس الفرنسي العنيفة غير الاخلاقية وقد عرف بين وجوه الشرطة قتلة كانوا يتدربون على تعذيب المساجين الناشئة من لقطاء الاحياء الفقيرة وقد طردت هذه المجموعة من الشرطة نان واخوته الاربعة من كوخ استأجره والده في اقبية احد المنازل التعيسة.‏

ثم يتطرق أروسو الى مشاكل  الطبقة الكادحة في فرنسا ومعاناتها خلال النصف الثاني من القرن العشرين مع غياب العدالة والمساواة في تلك الشوارع كما جاء في رواية «حي الجيف».‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية